استأنفت صبيحة الخميس الدورة الثانية للأبواب المفتوحة التي سنتها المديرية العامة للأمن الوطني العام الماضي، والتي اختارت مدينة مراكش لتكون ثاني محطاتها، تأكيدا على النهج والاستراتيجية الجديد التي بدأت تنهجها المؤسسة الأمنية، وهي السعي إلى توطيد شرطة القرب، وبلورة مفهوم الشرطة المواطنة المجندة لخدمة أمن الوطن والمواطن.
ووضعت المديرية العامة رهن المواطنين معرضا موضوعاتي يروم إلى التعريف بمختلف مهام ومصالح الأمن الوطني، بكل تشكيلاتها ووظائفها، ولا شك أن مثل هذه التظاهرات التي أصبحت تقيمها المؤسسة الأمنية في بلادنا، هو عنوان لذلك التحول الكبير الذي عرفته المديرية العامة للأمن الوطني، منذ أن تولى عبداللطيف الحموشي مقاليد إدارتها، والذي ظهر جليا من خلال التفاعل السريع الذي أصبح يطبع عمل هذه المؤسسة مع القضايا المجتمعية.
ويمكن القول إن الاستراتيجية الجديدة التي طبعت عمل المديرية العامة للأمن الوطني، نسفت الهوى التي كانت بين المواطن المغربي والمؤسسة الأمنية التي تقوم بخدمته وحمايته، فالتفاعل الذي أبانت عليه هذه المؤسسة مع القضايا التي تهم المواطن، جعلت الأخير يشعر بتلك الثقة التي فقدت عقود من الزمن، وعجلت بتغير الصورة النمطية التي التصقت بهذه المؤسسة وعناصرها ردحا من الزمن.
وتندرج هذه الفعاليات ضمن المبادرات التي تسعى من خلالها المديرية إلى أنسنة الشرطة، وجعلها أقرب إلى المواطن بما يؤسس لمقاربة تشاركية للأمن بمفهومه العام بين المؤسسة الأمنية وبين المجتمع، كما يأتي تنظيم هذه التظاهرة التي ستمكن المواطنين من التعرف عن قرب عن بعض المصالح التي من بين المصالح المهمة في جهاز الأمن الوطني، والتي تقتصر مهمتها في حل لغز الجريمة المستعصية.
وأعطى العميد جمال الختير، مسؤول عن مصلحة الشرطة العلمية والتقنية والذي شارك في هذه الأيام المفتوحة، في تصريح لـ"المغرب اليوم"، شروحات وتوضيحات بشأن هذه المصلحة وكيفية الاشتغال فيها، وتختص الشرطة التقنية والعلمية في رفع البصمات وأخد الصور ومسح مسرح الجريمة بحثا عن الأدلة التي تفيد فرقة الشرطة القضائية، ويشمل عملها كل الجرائم خاصة السرقات من داخل المنازل، ومن داخل السيارات، وجرائم القتل، وحالات اكتشاف الجثث، مختلف عمليات الجرائم من حرائق وتفجيرات.
وحسب العميد جمال فإن هذه المصلحة يشتغل فيها ضباط تابعون للشرطة القضائية طبقا للفصل 18 من قانون المسطرة الجنائية، فهم شرطة متخصصين في تدبير مسرح الجريمة، كما أنهم يعملون بناء على بروتوكول ومنهاج متعارف عليه دوليا وعالميا والذي يتكون من أربع مراحل وهي
- مرحلة حماية مسرح الجريمة وبخاصة حماية الآثار.
- مرحلة التشوير والتصوير مع إعطاء إشارات وأرقام متتالية للأركان الموجودة في مسرح الجريمة، وتوثيقها بصور وفيديوهات.
- أخذ عينات وفي الأولوية البيولوجية، لأنها قابلة للاندثار والزوال، تم أخذ بصمات الأصابع والآثار الأخرى، ورفع هذه البصمات بطريقة فنية تكفل الحفاظ عليها من التلف، وتلفيفها ووضعها داخل حجز من طرف ضابط الشرطة حسب الفصل 58 من المسطرة الجنائية.
بعد ذلك تحال هذه العينات على مراكز الخبرة بكل من الرباط أو الدار البيضاء، وبعد الخبرة تعود النتائج الى الشرطة القضائية لإتمام الإجراءات المسطرية.
وتشتغل الفرقة، في إطار عمل جماعي، على كل الجرائم، بما يشمل السرقات من داخل المنازل وجرائم القتل، وحالات اكتشاف الجثث، ومختلف عمليات الجرائم من حرائق وتفجيرات وقضايا الإرهاب.
وأضاف العميد جمال، بما أن الجريمة في تطور، كان لزاما أن يواكب عناصر الفرقة هذا التطور من خلال الاستفادة من تكوين مستمر في هذا المجال لمسايرة التطور المتسارع لعالم الجريمة، مع التدرب على ما يستجد أيضا في عالم التقنيات والتكنولوجيات التي تستخدم في فك خيوط الأفعال الإجرامية.
مصالح الشرطة القضائية استراتيجية واضحة المعالم
اعتمدت إدارة الأمن الوطني استراتيجية واضحة المعالم ومتعددة الأبعاد، وذلك لمحاربة الجريمة بجميع أشكالها، وتعمل عناصر المديرية العامة للأمن على تكثيف التغطية الأمنية بالشارع العام، كما تعمل هذه المصالح على نهج استراتيجية محكمة في مواجهة الشبكات الإجرامية التي تنشط في مختلف صور الجريمة، ولأن مكافحة الاتجار بالمخدرات هي مجال آخر سجلت فيه المديرية العامة للأمن الوطني العديد من النقاط خلال السنوات الثلاث الماضية، فقد تمت إحالة 282 ألفا و338 شخصا على السلطات القضائية المختصة في إطار 239 ألفا و904 قضايا، بينما بلغت الشحنات المخدرة المحجوزة 289 طنا و268 كيلوغراما من مخدر القنب الهندي بمختلف أنواعه، و4 أطنان و615 كيلوغراما من الكوكايين، و42 كيلوغراما من الهيروين، ومليونين و874 ألفا و177 قرصا مخدرا، من بينها مليون و355 ألفا و858 قرصا من مخدر الإكستازي المصنع سريا بالخارج، والذي تتم محاولة تهريبه نحو المغرب.
وتمكنت المديرية العامة للأمن الوطني من حجز كمية قياسية من مخدر الكوكايين الخام ناهزت 2 طن و588 كيلوغراما (2588 كيلوغراما) تبلغ نسبة التركيز فيه 93 في المائة (وهي نسبة لم يسبق تسجيلها من قبل)، والتي تبلغ قيمتها بعد المعالجة نحو 25 مليارا و850 مليون درهم، أي ما يعادل مليارين و750 مليون دولار، وأسفرت هذه العملية التي أبرزتها بشكل كبير الصحافة الوطنية والدولية، عن توقيف في 2017، 15 شخصا من بينهم أشخاص يحملون جنسيات مغربية إسبانية، أو مغربية هولندية.
وتعمل هذه الفرق في عدة مدن مغربية، بما فيها العيون والداخلة وكلميم وجهة درعة تافيلالت، في انتظار تعميم التجربة على جميع المدن.
ورغم أهمية الإنجازات التي تم تحقيقها فإن مصالح الأمن تواصل عملها الدؤوب للحفاظ على الأمن العام وحماية حياة المواطنين وممتلكاتهم في معركة يومية تستلزم تعبئة متواصلة في مواجهة تهديد إجرامي يزداد حدة، ويتخذ أشكالا جديدة. وهي مهمة نبيلة ترتكز على تفاني وتضحيات رجال الأمن الذين يعرضون حياتهم للخطر في سبيل أمن الوطن والمواطنين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر