اتّهم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، في بيان له الجمعة، السلطات الجزائرية بإقصاء وإسكات جميع الأصوات الرافضة لإجراء الانتخابات، ونفّذت في سبيل ذلك حملات تشويه وترهيب واعتقال، وأصدرت أحكامًا بالسجن على عدد من النشطاء، كان آخرها سجن رئيس مكتب الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في مدينة وهران قدور شويشة عامًا مع النفاذ بتهم، قال المرصد بأنها "غير عادلة".
وعبّر المرصد الدولي ومقره جنيف، عن بالغ قلقه إزاء محاولة السلطات الحاكمة فرض نتائج الانتخابات الرئاسية بصفتها أمرًا واقعًا، محذرًا من تطويع القوانين الجنائية لتقييد حرية التعبير في البلاد، واستخدام القانون غطاء لتعطيل المسار الديمقراطي في البلاد.
وذكر الأورومتوسطي أن السلطات الجزائرية استدعت قدور شويشة 10 ديسمبر 2019، من أجل استعادة هاتفه الذي تمت مصادرته قبل نحو شهر، لكن عند وصوله إلى مركز الشرطة في وهران، اقتيد للمثول أمام النائب العام الذي أحاله إلى قاضي التحقيق لتتم محاكمته مباشرة بعد ذلك، حيث وجهت إليه عدد من التهم بينها "المساس بسلامة وحدة الوطن" التي يعاقب عليها بالسجن من سنة إلى 10 سنة، بموجب المادة 79 من قانون العقوبات، واتّهم أيضا بـ"العصيان" بموجب المادة 183 من قانون العقوبات، بسبب منشورات له عبر "فيسبوك"، خلال نوفمبر الماضي عارض فيها إجراء الانتخابات الرئاسية، وانتقد سياسة الجيش في إدارة شؤون البلاد.
اقرا ايضا :
الجزائريون يتوجهون لمراكز الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية
ووفق الأورومتوسطي، فقد اعتقل الأمن الجزائري نحو 300 شخص في مناطق متفرقة من البلاد خلال النصف الثاني من شهر نوفمبر الماضي، تعرّض بعضهم للتعذيب والضرب والإهانة قبل أن يفرج عنهم، بينما أُودع آخرون الحبس الاحتياطي بتهم منها التحريض على "التجمهر غير المسلح" و"الدعوة للعصيان المدني".
وذكر الأورومتوسطي أنّ شخصيات معارضة بارزة تعرضت للاعتقال أو الملاحقة لدورها في الحراك، مثل حكيم عداد مؤسس جمعية "تجمع عمل الشبيبة" (راج)، ورئيسها الحالي عبد الوهاب فرساوي، إضافة إلى المعارض البارز كريم طابو، الأمين العام السابق لحزب "جبهة القوى الاشتراكية".
وقال أنس جرجاوي مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إنّ الانتخابات الرئاسية الجزائرية جرت في أجواء لا يمكن وصفها بالديمقراطية"، مؤكدا، أنّ "الأساس في العملية الديمقراطية هو التعبير عن صوت الشارع بمختلف أطيافه، وهو ما كان مفقودًا بشكل لافت في تلك الانتخابات".
وأضاف جرجاوي: "إنّ جميع المرشحين للانتخابات كانوا منخرطين بشكل مباشر أو غير مباشر في النظام السياسي الذي خرج الجزائريون إلى الشارع من أجل تغييره، مبيّنًا أنّ الانتخابات لا ينبغي أن تكون عملية صورية لفرض خيار محدد على الشعب، بل يجب أن يراعي القائمون على حكم البلاد تهيئة أجواء ديمقراطية تتيح للجميع فرصًا متساوية للتنافس، بما يضمن انتخاب قيادة جديدة تعبّر بشكل حقيقي عن إرادة الشارع الجزائري".
ولفت الأورومتوسطي إلى خطورة الزج بالقضاء الجزائري في الأزمة الحالية واستخدامه أداة لإسكات الأصوات المعارضة للإجراءات التي تتبعها السلطات الحاكمة، مبيّنًا أنّ القضاء يجب أن يكون مستقلًا في جميع الظروف، ولا يجب بأي شكل من الأشكال استخدامه لإقصاء أو تغييب الأصوات المعارضة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن قرار حبس الناشط شويشة، إلى جانب احتجاز عشرات آخرين، ينذر بتصعيد جديد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني، ويأتي في سياق حملة أمنية منظمة لتكريس الانتخابات ونتائجها بصفتها أمرًا واقعًا يتوجب على الشعب الجزائري التسليم به.
ودعا المرصد الدولي السلطات الجزائرية إلى عدم إقرار نتائج الانتخابات الرئاسية، وإلى إطلاق حوار وطني جامع لتمهيد أجواء ديمقراطية تجري فيها الانتخابات، ويختار فيها الجزائريون بكل حرية رئيسًا جديدًا للبلاد.
وحث الأورومتوسطي في ختام بيانه، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على الضغط على قيادة الجيش الجزائري لوقف تدخلاتها في الحياة السياسية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية وإتاحة الفرصة للشعب الجزائري للتعبير عن تطلعاته في تحول ديمقراطي حقيقي، وفق البيان.
وأعلنت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر عن فوز رئيس الوزراء الأسبق عبدالمجيد تبون بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، حسب نتائج رسمية أولية.
قد يهمك أيضًا :
تصريحات مثيرة لـ" صبري بوقادوم" بشَأنِ مستقبل العلاقات الثّنائية بين الجزائر والمغرب
الجزائر والمغرب يقفوا على مسافة واحدة من جميع "القضايا الساخنة" بالقارة السمراء
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر