واشنطن - محمد صالح
بعد أشهر من المتابعة والتقارير الإستخبارية التي جمعتها الولايات المتحدة ، نجحت في تحديد مكان سكن زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري وسط مدينة كابول .ونجح محللوا التقارير في الحصول على موافقة من القيادة الأميركية و على الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، وتم إختيار ساعة الصفر لتكون بعد ساعة تقريباً من شروق شمس يوم 31 يوليو/تموز، حيث إعتاد الدكتور أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة المصري الجنسية،على الوقوف على شرفة منزله الكائن في وسط العاصمة الأفغانية كابل، ويُقال إنها عادة مفضلة كان يواظب عليها الجهادي المصري بعد أداء الصلاة.في الساعة 06:18 بالتوقيت المحلي (01:38 بتوقيت جرينتش)، سقط صاروخان على شرفة المنزل، وأسفرت الضربة عن مقتل الظواهري، البالغ من العمر 71 عاما، دون إلحاق ضرر بزوجته أو ابنته في الداخل، ويبدو أن جميع الأضرار الناجمة عن الضربة انحصرت في الشرفة.
تنفيذ هذه العملية بهذه الدقة المتناهية جاء بعد أن سبق و واجهت واشنطن في الماضي انتقادات بسبب ضربات جوية أخطأت تحديد أهدافها، مما أدى إلى مقتل مدنيين.ومن هنا كان التخطيط لتنفيذ عملية قتل الظواهري بإستخدام صاروخ نوع الصاروخ المستخدم من النوع العالي الدقّة، ليكون بمثابة مفتاح انجاح المهمة، مما أفسح المجال أمام تكرارها وتنفيذ مزيد التحارب لنوع الصاروخ المستخدم و الذي قال مسؤولون أمريكيون عنه إنه بطلق من طائرات مسيّرة، من نوع جو - أرض، و التي أصبحت عنصرا أساسيا في عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في الخارج على مدى عقود منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.
ويمكن إطلاق هدا الصاروخ من منصات مختلفة، من بينها المروحيات والسيارات والسفن والطائرات ذات الأجنحة الثابتة، أو من طائرة مسيّرة، كما في حالة عملية الظواهري.
ووفقاً لتقارير أمنية فقد سبق أن إستخدمت الولايات المتحدة صاروخ "هيلفاير" في قتل الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، في بغداد في أوائل عام 2020، وجهادي تنظيم الدولة الإسلامية، المولود في بريطانيا والمعروف باسم "الجهادي جون" في سوريا عام 2015.ومن بين الأسباب الرئيسية وراء استخدام صاروخ "هيلفاير" بصفة متكررة، دقته المعروفة.فعندما يُطلق الصاروخ من طائرة مسيّرة، يتتبع مسؤول إطلاق الأسلحة، في غرفة تحكم مكيفة الهواء بعيدة مثل الولايات المتحدة، بثا مباشرا للهدف، تُلتقط صوره بمستشعرات كاميرا مثبتة على متن الطائرة المسيّرة وتنقل الصور عبر الأقمار الصناعية.
ومن خلال مجموعة "بيانات تحديد الهدف"، التي تُعرض على الشاشة، يمكن "تحديد" الهدف بالكاميرا وتوجيه شعاع ليزر إليه، وبمجرد إطلاق الصاروخ، يحدث تتبع لمسار هذا الليزر حتى يصيب الصاروخ هدفه.ويتعين على طاقم تشغيل الطائرة المسيّرة اتباع عدد من الإجراءات المتتالية الواضحة قبل اتخاذ أي إجراء بغية الحد من خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين.ففي الضربات العسكرية الأمريكية السابقة أو هجمات وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، شملت تلك الإجراءات الاستعانة بمحامين عسكريين للتشاور قبل إصدار الأمر بإطلاق النار.وقال خبراء في عمليات القتل المستهدف ، إنه كان على المسؤولين الموازنة بين قيمة الهدف وخطر سقوط قتلى من المدنيين.
وأضافوا أن ضربة الظواهري "يبدو وكأنها تطبيق نموذجي" للعملية.وأشاروا إلى " أنهم كانوا في هذه المهمة يحرصون للغاية ويتعمدون رصده في مكان معين وفي توقيت يستطيعون فيه ضربه وحده دون إلحاق ضرر بأي شخص آخر".وثمة اعتقاد، دون تأكيد، أن الولايات المتحدة استخدمت في ضربة الظواهري نسخة غير معروفة نسبيا من صاروخ "هيلفاير"، نسخة "آر 9 إكس"، التي تنشر ستة شفرات تخترق الهدف باستخدام طاقتها الحركية.ففي عام 2017، قُتل أبو خير المصري، زعيم آخر في تنظيم القاعدة وأحد نواب الظواهري، في سوريا بصاروخ "هيلفاير آر 9 إكس". وأظهرت صور لسيارته، بعد تنفيذ الضربة، أن الصاروخ أحدث فجوة في السقف ومزّق ركابها، دون آثار لحدوث انفجار أو أي دمار آخر للسيارة.وسبق ان قامت الولايات المتحدة برصد عادة خروج الظواهري إلى الشرفة
مع انه لا تزال تفاصيل المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها الولايات المتحدة قبل شن الضربة في كابل تتكشف تباعا.بيد أنه في أعقاب تنفيذ الضربة، قال مسؤولون أمريكيون إن لديهم معلومات كافية لفهم "نمط حياة" الظواهري في المنزل، مثل عادة خروجه إلى الشرفة.ويشير هذا إلى أن عملاء استخبارات أمريكيين كانوا يراقبون المنزل لأسابيع، إن لم يكن لشهور.
وقال مسؤول بارز سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، إنه من المحتمل استخدام مجموعة متنوعة من أساليب الاستخبارات قبل تنفيذ الضربة، بما في ذلك العملاء على الأرض والإشارات الاستخباراتية.
كما تكهن البعض بأن طائرات مسيّرة أو طائرات أميركية تناوبت على مراقبة الموقع لأسابيع أو شهور، ولم يُسمع بها ولم تُر من الأرض.وقال: "أنت بحاجة إلى شيء يكاد يكون مؤكدا أنه بمفرده، ويجب أن يحدث ذلك أيضا في بيئة خالية من الرهانات، مما يعني عدم وقوع إصابات بين المدنيين .الأمر يقتضي الكثير من الصبر".وقال خبراء أمنيون إن تنفيذ ضربة الظواهري استفادت من خبرة الاستخبارات الأمريكية التي امتدت لعقود في تعقب شخصيات القاعدة وأهداف إرهابية أخرى.وقالوا : "نحن متميزون في هذا. إنه شيء برعت فيه حكومة الولايات المتحدة لما يربو على 20 عاما".
وعلى الرغم من ذلك لا تسير دائما العمليات الأميركية من هذا النوع وفقا للخطة. ففي 29 أغسطس/آب 2021، أسفرت غارة، نُفذت بطائرة مسيّرة في شمالي مطار كابول، عن مقتل عشرة أشخاص أبرياء في سيارة بدلا من استهداف عناصر محلية لتنظيم الدولة الإسلامية، واعترفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بارتكاب "خطأ مأساوي".وقال هؤلاء انه نظرا لغياب أي وجود أميركي على الأرض أو أي أصول قريبة منه.فالضربات السابقة بطائرات مسيّرة في باكستان المجاورة، على سبيل المثال، كانت تطلق من أفغانستان، في حين أن الضربات ضد سوريا كانت تُنفذ من مناطق صديقة في العراق.
و أشاروا إلى أنه كان من السهل وصول الولايات المتحدة إلى تلك المناطق، نظرا لأن لديها أصول على الأرض. أما هذه العملية فهي أكثر تعقيدا بكثير، فهي الضربة الأولى ضد القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان منذ مغادرة الولايات المتحدة. وهذا أمرقالوا إنه "لن يتفاجأ" إذا نُفذت ضربات مماثلة ضد أهداف للقاعدة في أفغانستان مرة أخرى.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر