تونس - أزهار الجربوعي
قطع نواب المعارضة وحزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي (المؤتمر من أجل الجمهورية)،الاثنين، أعمال الجلسة العامة الأولى المخصصة لنقاش الدستور، وهو ما عجّل برفع الجلسة وانسحاب الضيوف والشخصيات الوطنية الحاضرة في جو مشحون، وصرح رئيس كتلة حزب التكتل المولدي الرياحي لـ"المغرب اليوم" بأن ما أقدم
عليه نواب المعارضة تشويه لصورة تونس، محذرا من اللجوء للاستفتاء الذي قد يكلف البلاد 5 ملايين دولار ويؤخر الانتخابات إلى موفى عام 2014، واصفاً ما أقدم عليه نواب المعارضة بـ"المسرحية المخجلة"، في حين اعتبرها القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز ضجة مفتعلة لن تؤثر على مناقشة الدستور الذي أكد أنه سيحرز ثقة الشعب التونسي بنسبة 90 % في حال تمريره على الاستفتاء.
واتهم النائب عن حزب الوطنيين الديمقراطين اليساري المعارض المنجي الرحوي في تصريح خاص لـ"المغرب اليوم" رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ومقرر الدستور الحبيب خضر بالتراجع عن التوافقات والالتفاف على الدستور.
وشهدت أولى جلسات النقاش العام بشأن مشروع الدستور الاثنين في مقر المجلس الوطني التأسيسي حالة من التوتر والاحتقان بعد أن قطع أغلب نواب المعارضة مع نواب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية كلمة المقرر العام للدستور الحبيب خضر، التي تلا خلالها التقرير العام حول الدستور، مما عجل بمغادرة عدد من رؤساء المنظمات الراعية للحوار الوطني وعدد من ممثلي الأحزاب والشخصيات الوطنية حتى قبل رفع الجلسة من طرف رئيس المجلس مصطفى بن جعفر .
وأكد القيادي في حزب النهضة الإسلامي الحاكم، الحبيب اللوز لـ"المغرب اليوم" أن هذه الضجة المفتعلة التي عاشها "التأسيسي" الاثنين، ليست بجديدة، مؤكدا أن حركة النهضة قدمت تنازلات عدة وغلّبت التوافقات بين مختلف الأطراف السياسية في مسألة الحرية والهوية وصلاحيات الرئيس وحرية الضمير، وأضاف "ظننا أنهم سيلتزمون بما تم الاتفاق عليه، إلا أنهم عادوا على أعقابهم" .
وأوضح الحبيب اللوز أن النهضة تأمل تحقيق الثلثين منذ المصادقة الأولى على الدستور، أما في حال تعذر ذلك فإن الشعب سيكون الفيصل إذا ما تم التوجه إلى الاستفتاء، مشددا على أن النهضة متأكدة أن الشعب سيوافق على الدستور بنسبة 90 % .
وردا على وصف قوى المعارضة الدستور بـ"الإخواني" اعتبر اللوز أن هذا الخطاب يظهرها في ثوب التبرؤ من الاسلام ، مستنكرا الشعارات التي رفعها بعض المنتسبين لائتلاف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، على غرار " تونس حرة والإسلام على برا، أو الدستور ملغم بالسلام"، مؤكدا أن خطاب النهضة مبني على الانفتاح والاعتدال وليس التطرف والغلو.
وشدد القيادي في حزب النهضة الحاكم الحبيب اللوز على أن قيم الدين الاسلامي لا تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية والحديثة والقيم الانسانية الكونية، متهما نواب المعارضة بالالتفاف على ماتم المصادقة عليه بالاجماع.
وقلّل الحبيب اللوز من شأن التحركات التي نظمها أنصار الجبهة الشعبية الرافضة للدستور، قائلا "لقد تحدثوا عن الآلاف لكننا وجدنا على أرض الواقع مائة شخص فقط، واصفا إياهم بأصحاب "العقليات المحنطة والتافهة والساذجة"، مشدد على أن الدستور يحمل بصمات التونسيين من مختلف المشارب والتوجهات الأيديولوجية.
وعبر رئيس كتلة حزب التكتل من أجل العمل والحريات في المجلس التأسيسي النائب المولدي الرياحي ، لـ"المغرب اليوم" عن أسفه مما وصفه بـ"المسرحية المخجلة" التي أقدم عليها النواب اللامسؤولون، في حضور عدد من الضيوف والسياسيين المخضرمين الذين قادوا المجلس القومي التـاسيسي في العام 1956 وخطوا أول دستور في تونس، مشددا على أن الديمقراطية تفرض احترام التعددية، وأن حالة الفوضى التي رافقت قطع كلمة المقرر العام للدستور الحبيب خضر تمس من هيبة المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة الشرعية العليا في تونس، واستنكر الرياحي موقف نواب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (شريكهم في ائتلاف الترويكا الحاكم إلى جانب حركة النهضة)، الذي احتج نوابه على مشروع الدستور، مشددا على أنه كان شاهدا خلال جلسات الحوار الوطني على مصادقة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على جميع التوافقات وهو ما يجعل تراجعه عن موقفه اليوم غير مبرر، على حد قوله.
وبشأن إمكانية اللجوء إلى الاستفتاء في حال تعذر تحقيق التوافق بنسبة الثلثين بشأن مشروع الدستور، أكد القيادي في حزب التكتل "سنوفق على إيجاد حلول للنقاط الخلافية التي لا تتجاوز الثمانية وكل ما نحتاجها هو الثقة وارادة التوافق.
وحذر الرياحي من اللجوء إلى الاستفتاء الذي ستكون له تداعيات خطيرة من بينها أن الانتخابات لن تكون قبل نهاية العام المقبل 2014 باعتبار أن إجراءات الاستفتاء قد يتطلب لوحده 3 أشهر من الزمن على الأقل، زيادة على أنه قد يُكلف الاقتصاد الوطني 7 ملايين دينار إضافية (5 ملايين دولار).
ورفع نواب المعارضة شعارات تقول إن الدستور لا يمثلهم وأنه وضع على قياس حزب النهضة الاسلامي الحاكم ليسهل انفراده بالسلطة وتأبيد بقائه في الحكم.
فيما اعتبر النائب عن حزب الوطنيين الديمقراطين (يساري) المنجي الرحوي في تصريح لـ"المغرب اليوم"، أن موقف المعارضة الرافض لمشروع الدستور ليس جديدا وكان واضحا منذ نشر مسودة الدستور في بداية شهر حزيران/يونيو المنقضي، معتبرا أن النسخة الثالثة من الدستور ، تُعد "سطوا على أعمال اللجان التأسيسية وعلى التوافقات الحاصلة بين النواب منذ ما يقارب الشهر ونصف، وانقلابا على شرعية المجلس التأسيسي ونظامه الداخلي في تواطؤ بين المقرر العام الحبيب خضر ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن حعفر ، الذين تراجعوا عن أغلب التوافقات خاة المتعلقة بالحقوق والحريات".
وقال النائب المنجي الرحوي إن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر، دعا إلى اجتماع ادعى أنه توافقي السبت الماضي، لايهام الرأي العام أن الدستور سيمر بالتوافقات، مشددا على أن نواب المعارضة أرادوا تلاوة البيان الذي يعبر عن موقفهم المعارض للدستور الذي تم الترويج له على أنه أفضل دستور في العالم، "وهو ما نعتبره طمس للحقيقة ومغالطة للشعب".
وأكد الرحوي أن المعارضة لا تؤيد المرور إلى الاستفتاء الذي سيكلف البلاد اضاعة المزيد من الوقت، مشددا على أن الدستور في صيغته الحالية لن يمر وأن حركة النهضة الاسلامية الحاكمة تتخفى وراء فشلها وتُخفي تراجع شعبيتها.
وعبر رئيس المجلس التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر، مساء الاثنين، عن أسفه لإلغاء الجلسة الأولى المقررة لمناقشة الدستور الذي أضرت بهيبة المجلس التأسيسي وصورته أمام العالم وضيوفه الذين أرادوا مشاركة نواب الشعب هذا الحدث التاريخي على حد قوله، منددا بما اعتبره "تشكيكا في مصداقية ومشروعية المجلس".
وأكد بن جعفر، أن المجلس سيواصل أعماله وسيضمن أن يكون الدستور الجديد دستورا للتونسيين جميعهم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر