الرباط - رشيدة لملاحي
أكد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، أنه تابع كارثة الصويرة، التي أدت إلى وفاة ١٥ سيدة في تدافع لتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو في سفر خارج أرض الوطن، وظل في اتصال مستمر مع وزير الداخلية، مبينًا أن الملك محمد السادس أعطى توجيهاته وتكفل بضحايا هذه الكارثة.
وشدد العثماني على إجراء تحقيق إداري وبحث قضائي، سيعلن عن نتائجهما للرأي العام الوطني، لاستخلاص الدروس الضرورية في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدًا أن العمل الإحساني والعمل الطوعي والإغاثي في المغرب متأصل ومتجذر، وجدير بالاعتزاز به كما أكد الملك.
وأشاد رئيس الحكومة بجميع جمعيات المجتمع المدني وجميع كفاءات الوطن التي تعمل في هذا المجال، مشيرًا إلى أن هذا العمل الإحساني وجد في المغرب باستمرار، وهو متجذر منذ عقود من الزمن، ولم يسبق أن وقعت مثل هذه الكارثة، مما يستوجب تحديد المسؤولين والبحث عن الأخطاء التي ارتكبت للإصلاح ولتفادي تكرارها، كما لا ينبغي اتخاذ هذه الفاجعة التي وقعت مبررًا أو سببًا لتحميل المسؤولية للعمل الإحساني والإغاثي، بل بالعكس يجب المحافظة عليه بالطريقة التي تضمن كرامة المواطن وأمنه، ولن يكون هناك أي حد أو تقليص أو تضييق على هذا العمل.
وأوضح رئيس الحكومة المغربية أنه لابد من تنظيم العمل الإحساني بالطريقة اللائقة، التي تحقق أهدافه بدون أن يؤدي إلى كوارث أو نتائج سلبية، مذكرًا بانعقاد اجتماع للجنة وزارية بحضور وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ووزير الداخلية، ووزير العدل، ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والأمين العام للحكومة، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، لدراسة كيفية تنظيم العمل الإحساني من الناحية القانونية بالطريقة الإيجابية، وتوجد الآن لدى الأمانة العامة للحكومة لجنة تقنية منبثقة عن هذه اللجنة الوزارية، تعمل على هذا الملف. وقال رئيس الحكومة إن العمل الإحساني، الذي سيستمر في أداء رسالته، سيتم تنظيمه بطرقة أفضل. كما أشار أيضا إلى أن الحكومة بصدد إعداد دراسة بشأن جميع البرامج الاجتماعية للحكومة، من أجل تحقيق أعلى درجات التنسيق والفعالية والنجاعة والتأثير الإيجابي لمختلف البرامج الاجتماعية، وضمان حسن توجيهها وبلوغها الفئات والشرائح المستهدفة. وأعلن أن هذه الدراسة قطعت شوطًا مهمًا وستصل في القريب العاجل إلى نتيجتها.
ويذكر أن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أكد أن حادث التدافع الذي وقع خلال عملية توزيع مساعدات غذائية، نظمتها إحدى الجمعيات المحلية في السوق الأسبوعي لمنطقة سيدي بو لعلام، يفتح باب المسؤولية بشأن أوجه التقصير، والتدابير اللازمة التي من شأنها أن تضمن مرور عملية التوزيع في ظروف حسنة. وقال في معرض جوابه على ثمانية أسئلة تجمعها وحدة الموضوع، طرحتها فرق برلمانية في مجلس النواب، بشأن هذا الحادث الذي أسفر عن وفاة 15 امرأة وجرح سبع أخريات: "إن ما وقع لا يعني فقط عائلات الضحايا والجرحى، بل يعنينا جميعًا، نحن لا نتهرب من مسؤوليتنا السياسية ودماء الضحايا تسائلنا جميعًا بالنظر لجسامة الحادث".
ولفت الخلفي إلى أن الحادث نجم عن التدافع الشديد أثناء عملية توزيع إعانات غذائية من قبل جمعية، مبينًا أن السلطات المختصة تدخلت في حينه باتخاذ تدابير للتخفيف من حدة الخسائر البشرية التي كانت مرشحة للارتفاع، حيث نُقل الضحايا على متن سيارات إسعاف جماعية إلى مستشفى تفتاشت، على بعد 20 كيلومترًا من مكان الواقعة، فيما تم توجيه خمس نسوة إلى المستشفى الإقليمي في الصويرة، واثنتان إلى المستشفى الجامعي في مراكش، على متن مروحتين الأولى تابعة للشرطة والثانية لوزارة الصحة.
وبعد أن ذكر بالتعليمات التي أصدرها الملك محمد السادس، باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين لعائلات الضحايا والمصابين، أشار الخلفي إلى أنه، تنفيذًا للتعليمات الملكية، فُتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة لمعرفة الظروف والملابسات وتحديد المسؤوليات، مبينًا أن وزارة الداخلية فتحت هي الأخرى تحقيقًا إداريًا شاملًا في الموضوع.
وأعلن الخلفي أن الوزارة ستحرص على إطلاع الرأي العام الوطني بكل نتائج التحقيقات الجارية، وتلتزم باتخاذ التدابير والإجراءات التي سترتبها التحقيق القضائي والإداري، إلى جانب التدابير التي ينبغي اعتمادها لتفادي الوقوع في مثل هذه الأحداث الأليمة في المستقبل. ويذكر أنه إثر هذا الحادث، أصدر الملك محمد السادس تعليماته إلى السلطات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضرورية لعائلات الضحايا وللمصابين. وقرر الملك، مشاطرة منه لأسر الضحايا آلامها في هذا المصاب الجلل، وتخفيفًا لما ألم بها من خسارة فادحة، التكفل شخصيًا بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهم وتكاليف علاج المصابين. وأعلنت وزارة الداخلية فتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة، لمعرفة ظروف وملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، مشيرة إلى أنها فتحت تحقيقًا إداريًا شاملاً في الموضوع.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر