ما زالت الأزمات الاجتماعية تسقط أبناء الوطن الواحد تلو الآخر، ولا ينجو من ركوب سفينة الرغبة في العيش الكريم إلا القليل فإما يموتون بعد أن تبتلعهم أمواج بحر الشمال بعد أن تلفظهم أمواج البحر، أو يُقتلون بطلقات رصاص البحرية الملكية البحرية ، ومنهم من يضرم النار في جسده احتجاجًا على القهر الذي يعيشه، أو تنهار قواه فيسقط جثة هامدة وهذا ما وقع للضحية صابر الحلوي الذي سقط من أعلى مبنى وزارة الأسرة والتضامن.
واقعة ليلة أمس الأحد كانت مأساوية، فالضحية فاقد للبصر كان ضمن المكفوفين الذين اعتصموا في سطح بناية الوازارة مطالبين بوظيفة لا غير، لكن طلبهم قوبل بعدم مبالاة من الوزيرة بسيمة الحقاوي.
وفي رد على هذه اللامبالاة والبلاغ البارد اتهم أعضاء التنسيقية المكفوفين، الوزيرة بالفشل في تدبير ملف المكفوفين، كما اتهموها برفضها الجلوس لطاولة الحوار معهم بذريعة عدم توفرها على المناصب المالية الكافية من جهة، والنصوص القانونية التي تفرض المباراة في الوظيفة العمومية.
"المغرب اليوم" ومن قلب بيت الضحية صابر الحلوي في أوريكا، حيث تجلس والدة الضحية التي كانت تبكي بحرقة على ابنها، وكانت الكلمات تخرج بصعوبة من حلقها، تبكي لفقدان ابن ناضل من أجل الوظيفة وقطع الكيلومترات من أجل ذلك ليعود إليها وهو جثة هامدة.
الأم المكلومة صرحت للمغرب اليوم بأن ابنها اتصل بها مساء أمس وطلب منها أن ترسل له مبلغ مالي من أجل سد رمق جوعه، وهو نفس الطلب الذي طلبه من والده ، لكن ما هي إلا ربع ساعة ، حتى اتصل أخاه عبد المولى الذي أخبرهم بوفاته.
التنسيقية تكذب الوزيرة
وكرد على ما يروج حول وفاة الضحية صابر الحلوي ، كشفت التنسيقية التي ظلت بعين المكان أن هناك من يرغب طمس الحقيقة من أجل إفلات الوزير من متابعة الإهمال، مؤكدين أن المعاينة الأولى للجثة حاولت أن تتجه نحو الانتحار، في حين أن الضحية كان متشبثا بالحياة من أجل التوظيف.
كما كذبت التنسيقية خلال بيانها ، بلاغ الوزيرة الحقاوي ، الذي يحمل في نظرهم مغالطات للرأي العام، وتؤكد أن الشهيد خرج جثة هامدة ، ولم توافيه المنية بالمستشفى كما ادعت الوزيرة في بلاغها.
التكذيب الثاني هو أن محاولة إخراج الجثة تمت من الباب الأمامي ، وهذا يكذب سيارة الإسعاف قرب وخلف مبنى الوزارة كما ادعت الوزيرة ، في حين أن سيارة الإسعاف تأخرت من أجل نقل الضحية.
هذا ودعت التنسيقية إلى فتح تحقيق حول وفاة الضحية صابر في بيان لها أن الحادث هو "تضحية جديدة من أجل تحقيق كرامة عيش فئة المكفوفين وحقهم المشروع في العمل الذي يضمن لهم العيش الكريم".
واعتبرت التنسيقية في بيانها ، أن وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية "مسؤولة مسؤولية كاملة" على الحادث، داعية إلى التشبث بعدم دفن الحلوي، وجعل مأتمه وجنازته "مسيرة استنكار" للأعمال "التي ترتكبها الحكومة ضد مواطنيها بصفة عامة، والمكفوفين بصفة خاصة".
مساءلة الحقاوي
طالب فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، بفتح تحقيق عاجل في وفاة صابر بعد سقوطه من سطح بناية وزارة الأسرة والتضامن والمساواة الاجتماعية.
وجاء في السؤال الشفوي الذي وجهه الفريق عبر رئيس مجلس النواب الحبيب الملكي ، إلى بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة والتضامن، "استفاق الرأي العام الوطني على حادث مؤلم يتعلق بسقوط احد المعطلين المكفوفين من سطح بناية وزارة الأسرة والتضامن والمساواة الاجتماعية بعد خوضهم لاعتصام منذ 12 قبل وفاة صابر الحلوي يوما للمطالبة بحقهم في الشغل".
من جهته أصدر الحزب المغربي الليبرالي بلاغا للرأي العام الوطني يعبر فيه عن اندهاشه الشديد وحزنه على خلفية سقوط أحد المكفوفين المحتجين من فوق أعلى مبنى وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية التي تديرها وزيرة تنتمي إلى حزب يقول إن مرجعيته إسلامية".
وأضاف البلاغ أن الحادث جاء في وقت تعرف فيه البلاد احتجاجات واسعة بسبب أزمة اجتماعية وفشل الحكومة في معالجة الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد
من جهته طالب فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب بعقد اجتماع عاجل للجنة القطاعات الاجتماعية، بحضور بسيمة الحقاوي وذلك عقب وفاة صابر أمس الأحد أحد المكفوفين المعتصمين على سطح مبنى وزارة الحقاوي.
نشطاء يطالبون الحقاوي بالاستقالة
انتقد نشطاء الفيسبوك الوزيرة بسيمة الحقاوي عن تقصيرها عن أداء مسؤوليتها كوزيرة، ولم تكلف نفسها الصعود إلى سطح البناية والجلوس مع المكفوفين من أجل التحاور، معتبرين أن في عهدها تأزم الوضع ، وانغلقت الأبواب في وجه المكفوفين.
كما طالب منها هؤلاء النشطاء تقديم استقالتها بسبب عدم فتحها باب الحوار مع المكفوفين وتسببها بشكل مباشر في مقتل صابر الحلوي ، لأنها 12 يوما والاعتصام فوق بناية وزارتها ولم تحرك ساكنا ، إلا تجويعهم وقطع الكهرباء عليهم.
مقتل شهيد العمل صابر الحلوي وجه لبسيمة الحقاوي أصابع الاتهام، كما عبر عدد من النشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن سخطهم العارم لتصرفات الوزيرة في مثل هذه الملفات.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد وجه نشطاء اتهامات للوزيربعد رفضها فتح باب الحوار مع فئة المكفوفين وتسببها بشكل مباشر في مقتله.
وكتب معلق آخر عبر صفحته في الفيسبوك ، "المكفوف في ولاية هذه الوزارة عانى ولا زال يعاني فحاملي الشواهد من هذه الفئة اصبحت فرصها منعدمة لولوج سلك الوظيفة العمومية في غياب تفعيل 7 في المائة".
صابر من أوريكا إلى الرباط بحثا عن عمل
ولد صابر سنة 1990 بمدينة مراكش، التحق في سن السابعة من عمره بالمنظمة العلوية لرعاية المعاقين حيث مكث هناك إلى أن حصل على شهادة الباكالوريا ليلتحق بعدها بجامعة القاضي عياض والتي نال منها شهادة الإجازة في علم الاجتماع.
بعد الإجازة التحق صابر بأخيه عبد المولى الذي يكبره بثلاثة سنوات، والحائز بدوره على الإجازة في الدراسات الإسلامية في البحث عن عمل لينقدا عائلتهما ذات الدخل المحدود
صابر كان مشاركا في الاعتصام المفتوح بمبنى وزارة الأسرة والتضامن بالرباط ، بعد أن فقد بصره في وقت مبكر الأمر الذي واجهه بكثير من التحدي والإصرار إلى أن حصل على شهادة الإجازة.
التحق صابر بتنسيقية المكفوفين من حاملي الشهادات وهي المجموعة التي قررت مند 12من وفاة الضحية خوض اعتصام مفتوح بسطح وزارة التضامن.
بدموع حارقة ، وكلمات تخرج بصعوبة وقفت أم صابر المكلومة لتأخذ عزاء ابنها .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر