الدار البيضاء - جميلة عمر
تسلّمت السلطات المغربية يونس الشقوري من واشنطن، بعد أن قضى 14 سنة مسجونا من معتقل غوانتنامو الأميركي المقام على الأراضي الكوبية، وأكدت وثائق وزارة العدل الأميركية، أن معتقل غوانتنامو لم يبقى فيه من المغاربة إلا شخص واحد، والذي وصفته بأخطر عنصر لها وهو عبداللطيف ناصر. وراهنت شيلبي سوليفان بنيس، محامية ناصر على نجاح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في إخلاء المعتقل، وستتسلّم كل الدول معتقليها بما فيهم المغرب، لكن المفاجئة كانت قاسية حين رفض وزير العدل الذي تدخل في قرار وزارة الدفاع من أجل ترحيل المعتقل إلى أرض وطنه.
المحكمة الجزئية الأميركية، سمحت بترحيل ناصر البالغ من العمر 51 سنة إلى المغرب يوليو/تموز الماضي، غير أن وزارة العدل أفادت في وقت لاحق أن بلده لا يملك المعلومات الضرورية قبل 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما مثل تأخيرا كثيرا لوزارة الدفاع لتقديم إشعار مدته 30 يوما إلى الكونغرس، وتصنّف الولايات المتحدة الأميركية عبد اللطيف ناصر كواحد من أخطر الأشخاص المهددين لأمنها القومي، وهو أبرز المقاتلين العرب ضمن تنظيم "القاعدة" و"طالبان" في أفغانستان، وبلغ عدد المغاربة المرحلين من معتقل غوانتانامو الأميركي، المقام على الأراضي الكوبية 13 سجينا، أولهم عبد الله تبارك، الذي تم ترحيله إلى المغرب بتاريخ أول يوليو/تموز 2003، وآخرهم يونس الشقوري.
من طالب للفيزياء إلى أمير الدم في أفغانستان
هو كباقي المغاربة الذين هاجروا إلى بؤر التوتر أيام بن لادن، فعبد اللطيف ناصر الذي تجاوز الخمسين سنة من عمره، قبل أن يشد الرحال إلى أفغانستان، كان عضوًا نشطًا داخل جماعة العدل والإحسان، ودرس الفيزياء والكيمياء لمدة سنتين بجامعة الحسن الثاني في العاصمة الاقتصادية، إلى أن هاجر في عامه الـ25، ملتحقا بأخيه عبد الواحد في ليبيا بالضبط سنة 1990، حيث استقر في طرابلس وبنغازي بائعا متجولا لعامين.
وسنة 1992 عاد أخيه الأكبر إلى المغرب من أجل الزواج والاستقرار، فيما قرر هو الهجرة إلى إيطاليا ، لكنه فشل عدة مرات ، فهاجر من ليبيا إلى السودان عام 1993، وبالضبط الخرطوم، حيث انضم حينها إلى جماعة "الدعوة والتبليغ"، وبدأ في طلب العلم الشرعي بإحدى الجامعات الدينية هناك، وبعد سنتين من مقامه بالسودان، اشتغل عبد اللطيف كمراقب وممثل لشركة "وادي العقيق" التابعة لأسامة بن لادن، وهي المناسبة التي ستكون فرصة له للقاء زعيم تنظيم "القاعدة" في أكثر من مناسبة، ليصبح حينها أحد المعجبين ببن لادن، ومتأثرًا في ذلك بلقاءاته مع القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة، عبد الحكيم الغافل، الذي دله على الطريق إلى القتال في الشيشان ضد الروس، مرورا باليمن، حيث مكث لـ7 شهور دون أن يتمكن من تحقيق أمنيته في المرور إلى الشيشان.
ناصر يلتحق بمعسكر بن لادن
قرّر عبد اللطيف ناصر الالتحاق حين علم بتواجده في أفغانستان، حيث جمع حقائبه يوم أول يناير/كانون الثاني 1997 وهاجر إلى بؤر التوتر سالكا طريق اليمن وسورية فباكستان، لكن المسؤولين أمروه أولا الخضوع لسلسلة من التداريب في فنون القتال العسكري، حيث استقر به المقام في جلال آباد الباكستانية مقيما في مركز ليبي مخصص للوافدين الجدد من المجاهدين، قبل أن يلتحق بمركز خلدان للتدريب على القتال والجهاد التابع إلى طالبان، ومنها إلى مركز الفاروق عمر التابع لتنظيم القاعدة، تلقى داخله، ولمدة 3 اشهر، تدريبات عالية المستوى في المهارات القتالية والحروب بالجبال ودراسة الخرائط، وفنون التمويه، واستخدام المدفعية والألغام ورشاشات متطورة.
خبير في صنع المتفجرات الناسفة
في خضم وقت وجيز تحول ذلك الشاب الذي لم يتجاوز 33 سنة ، إلى خبير في صناعة المتفجرات، بخاصة الأحزمة الناسفة، هذا ما عجل بانتقاله عام 1998،إلى كابول، ملتحقا بالمجاهدين العرب تحت راية طالبان، محاربا ضد قوات التحالف الدولية لـ3 سنوات، وهي الفترة التي لعب فيها دورا كبيرا في تدريب المقاتلين على المتفجرات، ليصبح بعدها أبرز قيادة تنظيم القاعدة . ليطلق عليه بعد انتقاله إلى منطقة "باكرام" بأمير المجاهدين ، ومن هناك انتقل إلى جلال آباد وجبال تورا بورا متحصنا ضد الهجمات العسكرية الأميركية الشرسة
ليلة اعتقال عبد اللطيف ناصر
قرر عبد اللطيف ناصر عام 2001، برفقة 52 مقاتلًا الولوج إلى باكستان عبر تورا بورا مشيا على الأقدام عبر مسالك الجبال الوعرة، لكن المخابرات الأميركية تعقبت كتيبته، فأشعرت الطائرات المقاتلة التي طوقته، وتمكنت من قصف كتيبته فأسفر عن ذلك سقوط 35 قتيلا . فيما تمكّن هو من الفرار مع الناجين من القصف إلى قرية سليمان خال، وبهذه القرية تم اعتقاله مع عدد من المقاتلين العرب، وأودعتهم جميعا في سجن كابول، ومن ثم تم تهجيرهم إلى سجن قندهار الأميركي في 21 يناير/كانون الثاني 2002.
وخلال اعتقاله حسب الوثائق الخاصة به والتي حُررت من طرف المخابرات الأميركية، كان بحوزته رشاش رفيع الطراز وضمادات، وحبوب لتناول بعض الأدوية، زيادة على قطع من أوراق كتبت بالحروف الفارسية، موقعة بإسم حرم أبو بكر خان. وبعد ثمانية أشهر أي خلال 3 مايو/أيار 2002، تم ترحيل عبد اللطيف ناصر حيث لا يزال معتقلا ومرغوبا في بقائه لخطورته الأمنية على أمن أميركا وحلفائها، وفقا لوثائق واشنطن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر