غزة - المغرب اليوم
ارتفع عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة إلى ما يقرب من المثلين، مقارنة بالخسائر التي تكبدها في هجومه البري في عام 2014، وهو ما يعكس حجم توغله في القطاع ومدى فاعلية استخدام حركة «حماس» لأسلوب حرب العصابات ولترسانتها الكبيرة من الأسلحة.
وكشف خبراء عسكريون إسرائيليون وقائد إسرائيلي ومصدر من «حماس» لوكالة «رويترز» كيف تستخدم الحركة الفلسطينية مخزونها من الأسلحة وتستفيد من معرفتها بالمنطقة وطبيعتها وشبكة الأنفاق الكبيرة لتحويل شوارع قطاع غزة إلى متاهة مميتة.
وتستخدم الحركة أسلحة مثل الطائرات المسيرة المزودة بالقنابل اليدوية وأسلحة مضادة للدبابات بعبوات متفجرة مزدوجة تنفجر على مرحلتين في تتابع سريع.
وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، إن 121 من جنوده قُتلوا منذ بدء الحملة البرية الإسرائيلية في 27 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما توغلت الدبابات وجنود المشاة في المدن ومخيمات اللاجئين في قطاع غزة.
ويقارن هذا العدد بنحو 66 جندياً لقوا حتفهم في موجة سابقة من احتدام الصراع في عام 2014، عندما شنت إسرائيل توغلاً برياً محدوداً دام 3 أسابيع، لكن الهدف حينها لم يكن القضاء على «حماس».
وقال يعقوب عميدرور، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد ومستشار سابق للأمن القومي ويعمل حالياً في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي: «لا يمكن مقارنة نطاق هذه الحرب بعام 2014، عندما كانت عمليات قواتنا لا تتجاوز في الغالب كيلومتراً واحداً داخل غزة».
وأضاف أن الجيش «لم يجد بعد حلاً جيداً للأنفاق»، وهي شبكة توسعت بصورة كبيرة في العقد الماضي، بحسب ما نقلته «رويترز».
وبدأ الهجوم الإسرائيلي بعدما توغل مسلحون من «حماس» عبر الحدود في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مما أدى إلى مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 200 أُطلق سراح بعضهم في وقت لاحق.
ومنذ اندلاع الحرب قُتل ما يقرب من 19 ألف فلسطيني في قطاع غزة، مما زاد من مطالب دولية بوقف إطلاق النار ودعوات من الولايات المتحدة لتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية في الحرب وتوجيه ضربات أكثر دقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الخميس، إن إسرائيل ستشن حرباً «حتى النصر المبين». وقال مسؤولون إسرائيليون إن الأمر قد يستغرق أشهراً قبل الانتهاء من الحرب.
وقال أوفير فولك، مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء: «لقد كان تحدياً منذ اليوم الأول»، مضيفاً أن الهجوم كان له «ثمن باهظ» في صفوف القوات الإسرائيلية.
ومضى قائلاً: «نعلم أنه سيتعين علينا على الأرجح دفع ثمن إضافي لإكمال المهمة».
نشرت حركة «حماس» مقاطع مصورة على قناتها على تطبيق «تلغرام» هذا الشهر، تظهر فيها عناصرها يحملون كاميرات ويتحركون وسط المباني لإطلاق صواريخ محمولة على الكتف على مركبات مدرعة. ونُشر أحد هذه المقاطع في 7 ديسمبر (كانون الأول) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وهي منطقة ذكر الجانبان أنها شهدت قتالاً عنيفاً.
وفي منشور آخر بتاريخ 5 ديسمبر، تظهر كاميرا تخرج من نفق في ما يشبه المنظار لمسح معسكر إسرائيلي تستريح فيه القوات. وجاء في المنشور أن هذا الموقع تعرض لاحقاً لتفجير من تحت الأرض.
وقال مصدر من «حماس» تحدث لـ«رويترز» من داخل قطاع غزة، لكنه رفض الكشف عن هويته، إن عناصر الحركة يقتربون قدر الإمكان لنصب كمائن «مستفيدين من خبرتهم بالميدان والأرض التي يعرفونها كما لا يعرفها أحد غيرهم».
وأضاف: «هناك فجوة بين ما نملكه من وسائل قوة وترسانتهم، نحن لا نضحك على أنفسنا».
ولم تذكر حركة «حماس» عدد القتلى في صفوفها. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل 7 آلاف من المسلحين على الأقل. ورفضت الحركة في السابق الرقم الذي أعلنته إسرائيل قائلة إنه يضم مدنيين.
ولم يرد متحدثون باسم «حماس» خارج قطاع غزة على طلبات من «رويترز» للتعليق.
وقال قائد إسرائيلي شارك في الحرب عام 2014، إن اتساع نطاق هذه العملية يشير إلى وجود مزيد من القوات على الأرض، مما يمنح «حماس» مزايا «الطرف المدافع»، لذلك كان من المتوقع وقوع خسائر أكبر في صفوف القوات. وطلب القائد عدم ذكر اسمه لأنه لا يزال ضمن قوات الاحتياط في هذه الحرب.
ولا يعلن الجيش الإسرائيلي عن أعداد القوات المشاركة أو أي تفاصيل أخرى خاصة بالعمليات.
وأظهرت لقطات بثتها القناة 12 الإسرائيلية وحدة احتياط تابعة للجيش وهي تطلق النار بحذر على جدار أحد المباني لتدخل غرفة لتكتشف مخبأ للذخيرة.
وفي تقليد لأساليبه التي استخدمها في عام 2014، ينشر الجيش الإسرائيلي صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر طرقاً صنعتهاً الجرافات حتى تتمكن القوات من تجنب الطرق الحالية التي قد تكون بها ألغام أرضية.
ولا يزال القتال العنيف مستمراً في بعض المناطق بشمال قطاع غزة، حيث تحول كثير من المباني إلى أنقاض.
قال إيال بينكو، وهو مسؤول كبير سابق في أجهزة الأمن الإسرائيلية ويعمل حالياً في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان: «اتخذت حماس بعض الخطوات الكبيرة لبناء قوتها منذ عام 2014».
وأضاف أن إيران، حليفة «حماس»، ساعدت في تهريب بعض الأسلحة المتطورة، مثل صواريخ «كورنيت» روسية الصنع المضادة للدبابات، إلى الحركة.
لكنه أشار إلى أن «حماس» أتقنت صنع أسلحة أخرى في القطاع، مثل القذائف الصاروخية من طراز «آر بي جي - 7»، وأن المسلحين أصبح لديهم الآن احتياطي أكبر من الذخائر.
وقالت الحركة في منشورات لها، إن أسلحتها تتضمن قذائف مضادة للدبابات تحتوي على حشوتين متفجرتين لاختراق الدروع، التي قال بينكو أيضاً إنها موجودة في ترسانة المقاتلين.
وكثيراً ما تُظهر مقاطع مصورة تنشرها «حماس» وقوع انفجارات كبيرة عند ضرب المدرعات. وقال خبراء عسكريون إسرائيليون إن الانفجار لا يعني تدمير المركبة لأنه يمكن أن يكون ناجماً عن أنظمة دفاعية انفجرت لوقف القذائف المقبلة.
ونشر الجيش الإسرائيلي مقطعاً مصوراً هذا الشهر، قال إنه يُظهر مسلحين يخرجون من نفق أسفل مبنى تعرض للقصف قبل استهدافهم بصواريخ.
وقال ألكسندر جرينبيرغ، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وحالياً هو في معهد القدس للاستراتيجية والأمن: «قد تنشر (حماس) أسلحتها وأساليبها الجديدة، (لكن) في الأساس، تظل حركة مقاومة تنتهج أسلوب العصابات».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر