الرباط- المغرب اليوم
عقب انتخابات تشريعية وجماعية مثيرة عرفتها المملكة المغربية في 8 أيلول/سبتمبر الجاري، يستعد حزب "التجمع الوطني للأحرار" لترؤس الحكومة، إثر فوزه بالمرتبة الأولى.
مرحلة سياسية جديدة عنوانها الأبرز قيادة "حزب إداري"، للحكومة للمرة الأولى في تاريخه السياسي.
ومع حتمية قيادة "الوطني للأحرار" للحكومة المقبلة طبقا لدستور المملكة، فإن تساؤلات عدة تُطرح حول ملامح المشهد السياسي المقبل، ومدى قدرة الحزب على تحمل أعباء المرحلة، وكذلك الوفاء بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية.
على الرغم من النتائج التي أفرزتها انتخابات 8 أيلول/سبتمبر الجاري، والتي توحي بإمكانية تشكيل تحالف حكومي متناسق نوعا ما وبعيدا من التجاذبات، فإن ذلك لا يكفي بحسب مختصين من أجل استشراف المرحلة السياسية المقبلة في المغرب.
واعتبر محللون مغربيون أن مرحلة تبقى، متسمة بالغموض في ظل تصدر حزب "التجمع الوطني للأحرار" المشهد السياسي للمرة الأولى.
غموض يُرجعه المحللون، إلى طبيعة هذا الحزب الذي يوصف منذ تأسيسه في سبعينيات القرن الماضي بأنه واحد من "الأحزاب الإدارية".
ويرى مسكين أن تلك الأحزاب اصطنعتها الدولة منذ استقلال المغرب، لتجعل منها خزانا تستودع فيه بعض الكوادر والكفاءات غير المنتمية سياسيا، بهدف تسخيرها لخدمة توجهات الدولة وإحداث توازن مصطنع مع الأحزاب التي أفرزها المجتمع المغربي بشكل طبيعي.
ويشير إلى أن هذه الطبيعة جعلت وظيفة الحزب متمثلة بكونه "مجرد رقم تستكمل به الأغلبية الحكومية وتستودع فيه الكفاءات الجديدة غير المنتمية، والتي يتم تعيينها ضمن الحكومات وتكون في حاجة لحمل هوية حزبية ما".
ويرى المحللون أن هذا الغموض أصبح مضاعفا منذ وصول عزيز أخنوش إلى رئاسة الحزب، والذي “يجسد شخصية التكنوقراطي ورجل الأعمال الذي تتقاطع فيه المصالح الشخصية وأعماله التجارية الكبيرة داخل السوق المغربي، وسلطاته السياسية كوزير يتقلد مسؤولية قطاع الفلاحة منذ قرابة 15 عاما”.
كل ذلك يطرح، بحسب مسكين، علامات استفهام كبيرة حول معنى ودلالات وجود هذا الحزب في صدارة المشهد الحزبي، الذي وإن كان يعلن نفسه حاملا لأفكار ليبرالية، إلا أنه لم يثبت يوما قدرته على العمل خارج القوالب التقنية والتنفيذية المباشرة، بعيدا عن أي إطار فكري أو تطلع معين إلى المستقبل.
وعلى الرغم صعوبة التنبؤ بمعالم مشهد قيادة “الأحرار” للحكومة، فإن وجود نقاط قوة من جهة، ونقاط ضعف لدى الحزب من جهة أخرى، قد تساعد على فهم مشهد قيادة الحزب لدفة الحكومة.
ويرى محللون، أن حزب الأحرار “سيشتغل في ظل انسجام حكومي، على عكس ما كما كان عليه الوضع في السابق من عملية شد الحبل بينه وبين حزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي، الأمر الذي سيسهل من مهمته في رئاسة الحكومة”.
ويضيف المحللون، أن "الأحرار" سيقود الحكومة "في ظل توافق مع السلطة"، مؤكداً أن كل شروط العمل متوافرة للحزب من ناحية علاقته مع السلطات والانسجام الحكومي، وهي أمور افتقدتها تجربة العدالة والتنمية خلال الولايتين السابقتين".
ويعتبر مسكين أن نقاط قوة الحزب تكمن في الكفاءات التقنية لأعضائه، “خصوصاً في المجالات الاقتصادية، والتي تسمح له بضمان تنفيذ جيّد للخطط والمشاريع”.
ويلفتوا إلى أن الحزب “يتمتع بجاذبية كبيرة لجزء من رجال الأعمال والمستثمرين، والذين قد يرون فيه مظلة مفيدة لأعمالهم وقناة فعالة للتواصل مع السلطات”.
أما عن نقاط الضعف، فيلخصونها مسكين في افتقار الحزب إلى الامتداد اللازم داخل المجتمع، موضحين: “لم يسبق لهذا الحزب أن توفر على نقابات قريبة منه سياسيا، كما هو حال بعض الأحزاب، ولا كانت له منظمة شبابية نشيطة، ولا قطاع نسائي أو منظمات مهنية نشيطة وحاضرة في المجتمع”.
وبذلك، يبقى من المحتمل بناء على ذلك أن يجد الحزب صعوبة كبيرة في مواجهة أي تحرك في الشارع أو غضب اجتماعي، وفق مسكين.
ويتفق المحللون على أن الحزب سيكون في المرحلة المقبلة ممثلا في المؤسسات المنتخبة فقط، من دون أي قوة ميدانية تؤازره.
ويعزز من هذا التحدي الذي يواجه الحزب “افتقاره إلى خطاب سياسي قوي قادر على إقناع الشعب بالسياسات التي سيعتمدها خلال فترة قيادته الحكومة”.
مؤشرات وعوامل تنبئ بمهمة صعبة لحزب “الأحرار” خلال الولاية البرلمانية المقبلة، “ولعل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها المغرب تبقى أبرز الصعوبات التي ستواجه عمل الحكومة الجديدة”، وفق علام الذي يرى أنها عوامل تضع أي حكومة “أمام صعوبات كبيرة، بصرف النظر، قوية أو ضعيفة، فكيف الحال بحكومة من دون قواعد اجتماعية”.
ويختم المحللون بالقول إن "كثيرا من الأحزاب والمصوّتين، وحتى المقاطعين، سيضعون الحكومة المقبلة تحت الرقابة، ولن يغفروا لها أي تقصير ولو كان بسيطا"
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر