الدار البيضاء - جميلة عمر
نظّم مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ندوة صحافية حول "الجهوية والسياسات الأمنية" اليوم الجمعة. وقال الياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ، ورئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة في كلمته خلال الندوة، إن فكرة الوساطة بين الدولة والمواطنين أبانت عن جدواها في عدة مجتمعات، وفي بلادنا في مطلع القرن 21.
وأضاف العماري أن "هيئة الإنصاف والمصالحة" وغيرها من المنظمات الحقوقية، قامت بدور فعال لبناء الثقة بين المؤسسات والمواطنين، إلا أنه ومنذ سنة 2009، بدأت هذه الثقة تضمحل بسبب تغييب أدوار مؤسسات الوساطة، وقال: "إن فقدان ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة أصبح يقترب من منطقة الخطر".
ووجَّه رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، الدعوة للتفكير بِجِدٍ في إمكانية توسيع دائرة الأدوار المنوطة بالجهات كما هو منصوص عليها في القانون، والمنحصرة، حاليا، في التنمية، لتُناطَ بها أدوار تدخل في إطار الوساطة لحل بعض القضايا التي ترتبط بالتنمية بشكل غير مباشر، بما في ذلك مسألة الأمن، وذلك عبر آليات التشارك والتنسيق مع المؤسسات ذات الاختصاص في هذا المجال.
وأضاف العماري قائلاً: " نحن نستحضر مفهوم الحرية والحقوق ونستحضر مع ذلك المقاربة التنموية التي تدخل في صميم اختصاصات الجهة في شكلها الجديد"، مشيرًا إلى أن تنامي الاحتجاجات في هذه الجهة -التي قد تأخذ أحيانًا مظاهر عنيفة- تجد مبرراتها في مؤشرات التنمية.
وأردف قائلاً: " فماذا ننتظر من شبابنا الذين هم في عز العطاء، أمام غياب فرص الشغل وحظوظ الاندماج الاجتماعي في سلسلات الإنتاج الاقتصادية؟ ماذا ننتظر منهم، والقانون يمنعهم من التهريب ومزاولة الأنشطة المرتبطة بزراعة الكيف، ومن ممارسة التجارة العشوائية؟ ".
واسترسل رئيس مجلس الجهة معتبرًا أن الاحتجاج السلمي هو جواب طبيعي عن عدم استجابة الحكومات للمطالب الاجتماعية المكفولة بالدستور، فسواء الاحتجاجات في إقليم الحسيمة ضد التهميش وغياب فرص الاندماج الاجتماعي، أو الاحتجاجات في طنجة وتطوان ضد غلاء فواتير الماء والكهرباء، كلها احتجاجات، يؤكــــد العماري، في حاجة إلى مقاربة تنموية اجتماعية، وإلى قرارات سياسية حكومية وتمثيلية لتحقيق التنمية وتوفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم والكرامة، وإلا تعاظمت احتمالات توظيف معاناة المواطنين في الإجرام والإرهاب، أوالارتماء في أحضان مخططات دول أخرى تلعب لكي لا يستتب الأمن والاستقرار في بلدنا.
ولم يفت العماري التذكير بكون هذه الندوة مناسبة ليست لعرض المشاكل الأمنية، ولا للبحث عن حلول لها، وإنما هي فرصة لالتقاء وتحاور الفاعلين المؤسساتيين والأكاديميين والمدنيين والسياسيين. ونتمنى أن لا تتوقف. وتابع قائلا: "فحتى إن اختلفنا في التصورات والمقاربات، وحتى إن استعملنا كلاما حادا وصارما قد تنقصه اللباقة أحيانا، فنلتمس العذر من الجميع، يضيف العماري، موضحا أنه فقد مرت أكثر من عشر سنوات لم تُتَح لنا فرصة التحاور وتبادل المواقف، ولم نجلس تحت ظلال الوساطة المؤسساتية التي نتشوق، بصدق، إلى استعمال ذكائنا الجماعي لابتكار آليات جديدة للتعاون والتشارك لمواجهات التحديات التي تحيط بنا جميعا".
واعتبر العماري، في الندوة التي تنظم بشراكة بين مجلس الجهة وبين كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في طنجة وبين المركز المغربي للديمقراطية والأمن، أن الاحتجاجات في الحسيمة أو تلك التي كانت في طنجة وتطوان ضد غلاء فواتير الكهرباء هي "في حاجة إلى مقاربة تنموية وليست أمنية، وإلى قرارات سياسية لتوفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم والكرامة، وإلا تعاظمت احتمالات توظيف معاناتهم، أو الانضمام إلى مخططات الدول الأخرى كي لا يستتب الأمن في دولتنا".
كما اعتبر العماري ، أن المقاربة الأمنية، ليست كافية لفضح الأنساق التي تشتغل في أسرنا ومجتمعنا بل إن الحاجة ملحة إلى الاستعانة بالعلوم الإنسانية، حيث إن تنامي الاحتجاجات في الجهة أخذ مسارا عنيفا وجد مبرراته في مؤشرات التنمية المنخفضة من أمية وفقر وهدر مدرسي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر