اختتمت أشغال القمة العالمیة الثانیة لمبادرة "نساء بأفريقیا"، السبت، المنظم في مراكش تحت شعار " لننظر إلى أفريقیا بثقة، ولنثق في مواهبها"، وذلك بمشاركة 400 امرأة أفريقية ورجال أعمال من سبعين بلدًا، وحوالي خمسین محاضرًا إفريقیًا ودولیًا مرموقًا.
وتميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذا القمة، والتي تلاها مستشار جلالته عبد اللطيف المنوني، حيث أعرب جلالة الملك في كلمته السامية، عن التقدير للمشرفين على هذه المبادرة، التي تهدف لتشجيع الكفاءات والمواهب النسوية في أفريقيا، وإبراز دور المرأة في النهوض بالتنمية الشاملة بهذه القارة.
وأضاف الملك قائلًا، " وإننا لنتطلع لأن تساهم هذه التظاهرة الهامة، بفضل برنامجها الغني والمتنوع، في بلورة الأجوبة المناسبة للإشكاليات الكبرى، التي تعيق جهود التنمية في أفريقيا وفق مقاربة قائمة على التجديد والإدماج، وذلك من منطلق إيماننا بأن تكريس مبدأ المساواة بين النساء والرجال، هو السبيل القويم لتحقيق ازدهار ينعم الجميع بثماره".
وأكد أن أفريقيا التي ما فتئت تواصل الخطى للحاق بركب القوى الصاعدة، أضحت اليوم في أمس الحاجة إلى مبادرات مبتكرة، ومحدَّدة الأهداف، وإلى جهود منسقة كفيلة بضمان الاستدامة لآثارها، واعتماد مقاربة خلاقة تقوم على التجديد والإدماج، ومن ثم، "فإن قارتنا مدعوة اليوم، في إطار مسيرتها التنموية، إلى المضي قدمًا في استثمار كافة مؤهلاتها، خاصّةً رأسمالها اللامادي، وتثمين كفاءاتها، لاسيما نساءَها ممن يمتلكن المؤهلات والمهارات العالية".
وأردف الملك، " أنه لابد من استحضار أنّ ما حققته النساء الأفريقيات من نجاحات ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج ما أبنن عنه من تفوق في التحصيل العلمي، وإقبال متزايد على العمل، وما أتاحه لهن ذلك من حرية كبيرة في اختياراتهن الحياتية، كل ذلك جعل حضورهن أكثر فاعلية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
لكن، على الرغم من التقدم الملموس الذي عرفته وضعية المرأة الأفريقية، فلابد من الإقرار بما ينتظر القارة من أشواط على هذا الدرب، وهو ما يتطلب مزيدًا من الجهود، من أجل تطوير المشاركة الفعلية الواسعة للنساء في مسارات التنمية، وفي مواقع صنع القرار، ومن أجل استثمار أمثل لإقبالهن الكبير على ريادة الأعمال في القارة.
وأوضح "أنه لا يمكن لأي بلد، أو أي اقتصاد، أو مقاولة، أو أي مجتمع، أن يرفع تحديات العصر، أو يمارس استثمار كل الطاقات التي يزخر بها، بمعزل عن دور المرأة، ومن هنا، فإن التدابير الرامية إلى تحقيق المساواة بين النساء والرجال، يجب أن تشكل عمادَ كل استراتيجية ناجعة للتنمية المستدامة".
وأشار الملك، " أن هذا الاقتناع يقع في صلب خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، وفي مقدمة أهدافها السبع عشرة ذات الصلة، كما أنها تتصدر اهتمامات البلدان الإفريقية، فالمساواة بين الجنسين داخل الاتحاد الأفريقي هي موضوع التزام دائم، أكدته قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في يناير/كانون الثاني 2018، والتي جعلت من تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء على جميع المستويات هدفًا منشودًا في أفق 2025.
ومن هذا المنطلق، ونظرا للإجحاف الذي ما تزال تعانيه المرأة الأفريقية، على أرض الواقع، فإن من واجبنا أن نعمل جميعًا على تثمين الأدوار التي تضطلع بها المرأة، وجعلها في صلب الخطط الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن تعزيز مكانتها الريادية في المجتمع.
ويتعين العمل على تيسير ولوج النساء، وخاصة المعوزات، إلى آليات تمويل مبتكرة، وعلى تسهيل تملك التكنولوجيا الآمنة والمستدامة ونشرها، وإنشاء فضاءات للتشاور واتخاذ القرار على الصعيدين المحلي والوطني، وفق مقاربة تشاركية.
و أكد جلالة الملك في كلمته السامية، " أننا نعمل على توفير ظروف العيش الحر الكريم لكل المغاربة. كما أننا عملنا، منذ عدة سنوات، على وضع المغرب في مسار المساواة بين الرجل والمرأة، باعتبار ذلك حقًا من الحقوق الإنسانية الأساسية، ومطلبًا قانونيًا، وضرورة اجتماعية واقتصادية.
وجاء دستور 2011 بتحول جوهري في هذا الشأن، مرسخًا بشكل لا لبس فيه، مبدأَ المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والحريات، مع السعي لتحقيق المناصفة.
ومن أجل تعزيز هذه الدينامية، أطلقنا عددًا من البرامج الهادفة إلى دعم الاستقلالية الاقتصادية وروح المبادرة الحرة لدى النساء على الصعيد الوطني، وفي هذا الصدد، عملنا على إصلاح مدونة الأسرة وإصلاح القانون الجنائي من أجل التصدي للعنف ضد المرأة، كما تم تحديد مساهمة المرأة داخل البرلمان وفي نفس السياق عملنا على إحداث جائزة التميز التي تهدف إلى تشجيع الإسهامات المتميزة للنساء في مجال تكريس مبدأي الإنصاف والمساواة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر