الرباط- رشيدة لملاحي
اتهمت النقابات المغربية الحكومة التي يترأسها حزب العدالة والتنمية المغربي بقيادة سعد الدين العثماني، نهج سياسة الليبرالية المتوحشة ضد الفئات الهشة من العمال والطبقة الوسطى.
وأصدرت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، بيانا ناريا وجهت من خلاله انتقادات شديدة للحكومة مشددة على أن قانون المالية لسنة 2018 للتي صادقت عليه الحكومة، حمل تحفيزات لصالح أرباب العمل ولم تحض داخله مطالب الطبقة العاملة والطبقات الوسطى بأي اهتمام، ولم يتضمن أي إجراء لتحسين الأوضاع المهنية والمادية لعموم الإجراء وظروف عملهم، كما لم ينص عن أي تدابير عملية لتخفيض نسبة البطالة، وفق تعبيرها.
وعبرت الهيئة النقابية المذكورة عن استيائها العميق للسلوك الحكومي المتعمد والهادف إلى إفراغ الحوار الاجتماعي من محتواه وجدواه وربح الوقت من خلال سعي الحكومة لتجزيئ الحوار إلى مجرد لجان موضوعاتية أثبتت التجربة فشلها، على حد قولها، مشيرة إلى أن الحكومة لم تفوت فرصة مناقشة مشروع ميزانية 2018 لتعلن عزمها تتويج عمل سابقتها بضرب ما تبقى من المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة عبر إخراج قانون تكبيلي لحق الإضراب ومراجعة مدونة الشغل لإدخال ما يسمى ليونة الشغل، لإعطاء أرباب العمل اليد الطولى في تسريح وطرد العمال، وتقليص ساعات العمل، وتشغيل العمال خارج أوقات العمل، واللجوء المكثف إلى شركات الوساطة التي يوجد أغلبها اليوم خارج القانون، والتفكيك النهائي لمنظومة المقاصة، والرفع من وثيرة نشر الهشاشة بقطاعات الوظيفة العمومية، حسبها.
كان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تعهد من خلال تأكيده على أن أولوية الحكومة تتجلى في التواصل والإنصات لجميع الشركاء السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والنقابيين، "ولدينا تواصل مع الجهات، نستمع لمشاكلها عن طريق الحوار المباشر لأن هدفنا إعطاء الجهوية المكانة التي تستحقها، مضيفا "أنه من غير الممكن حل جميع الملفات دفعة واحدة، ولا يمكن أن نستجيب لمن يحتج فقط، وفي إطار القدرات التي تتوفر عليها الحكومة، سنعمل على حل الملفات في الوقت المناسب، وهذا واجبنا، ومنهجنا التشاركي التوافقي ولدينا ثقة كاملة في مستقبل بلدنا، وفي نجاح الحكومة مادامت رفعت شعار إنصات وإنجاز، ولديها سلطة القرار".
وسبق لرئيس الحكومة أن كشف خلال لقاء سابق مع ممثلي النقابات أن الحكومة "جادة في إنجاح الحوار الاجتماعي وليس لها أي نية، كما يروج لهذا البعض، في اتخاذ الحوار وسيلة لربح الوقت أو للتهرب من الالتزامات".
وأكد رئيس الحكومة وقت انطلاق الجولة الأولى من الحوار الاجتماعي، بحضور ممثلين عن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، أن الحكومة حريصة على "تفعيل حوار اجتماعي مؤسس، باعتباره مبدأ ومنهجا مستمرا وأسلوبا للتعاون المشترك بين مختلف الأطراف"، مؤكدا أن الحكومة "عازمة على تفعيل الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية ومع ممثلي أرباب العمل لأنها تعتبره آلية أساسية لا غنى عنها وآلية ضرورية لتطوير التعاون بين مختلف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين".
وأضاف سعد الدين العثماني أن الحوار الاجتماعي هو السبيل لتحقيق السلم الاجتماعي وآلية ضرورية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
وأوضح سعد الدين العثماني أهمية "الدور الجوهري الذي تضطلع به المركزيات النقابية"، مبرزا أن الحكومة "تعول على النقابات في التعبير والدفاع عن تطلعات الشغيلة، في احترام متبادل، لأننا حريصون على تفعيل كل آليات الحوار سواء مركزي أو قطاعي".
وأشار رئيس الحكومة إلى أن تفعيل الحوار الاجتماعي وانتظام عقد اجتماعاته ليس وحده كافيا، مضيفا أن هناك بعض الشروط لا بد من التحاور بشأنها وأن هناك بعض التحديات تستدعي تفكيرا جماعيا لخلق نوع من الموازنة بين التحديات.
ودعا العثماني إلى ضرورة تبني العمل الجماعي وبناء علاقة قائمة على التفاهم بين مختلف الأطراف والاتفاق بشأن الالتزامات الممكن تنفيذها. مذكرا بالمرتكزات الكبرى لا بد من استحضارها لإنجاح أي حوار اجتماعي وهي المحافظة على تنافسية المقاولة الوطنية، وصون حقوق وحريات الشغيلة، ثم ضمان التوازنات والإمكانات المادية المتاحة، والاهتمام بالفئات الهشة والفقيرة والتي تحتاج إلى الاحترام والإنصات، وهي المستويات التي تحتاج حوارا مشتركا في أفق بلورة الحلول المشتركة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر