الدار البيضاء- جلال عمر
تحتضن مدينة مكناس الدورة الثالثة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة في المغرب، والتي تنظم خلال الفترة ما بين 24 و28 أبريل/ نيسان الجاري، واختارت هذه الدورة الاحتفاء بهولندا كضيف شرف نظرا لمكانتها وما يشكل هذا البلد كقوة فلاحية عظمى وشريك عالمي للمغرب في هذا القطاع المهم.
ومِن المعلوم أن هولندا رائدة في المجال التكنولوجي والأبحاث الزراعية والغذائية، وتعدّ ثاني أكبر مصدر للمنتجات الفلاحية والأغذية في العالم بعد الولايات المتحدة، كما أنها من بين ثلاثة بلدان الأكثر تصديرا للفواكه والخضراوات في العالم.
ورغم أنها من بين أصغر البلدان بالاتحاد الأوروبي مساحة، وتوفرها على مساحة محدودة من الأراضي الزراعية (1.87 مليون هكتار) فإن هولندا تقدم منتوجا فلاحيا مهما بفضل توفّرها على الوسائل والآليات.
وتمثل المنتجات الفلاحية 20 في المائة من إجمالي صادرات البلاد التي توجه نحو 80 في المائة من صادراتها الفلاحية إلى الأسواق الأوروبية، وبخاصة إلى ألمانيا والمملكة المتحدة. وتعدّ منتجات البستنة واللحوم ومنتجات الألبان والفواكه والخضراوات المزروعة أهم فروع تصدير الزراعة الغذائية، وتعتمد هولندا على الصناعة الغذائية لتطوير صادراتها، إذ يشغل هذا الفرع المهم من الاقتصاد الهولندي حاليا شخص واحد من بين كل 6 أشخاص ويمثل نحو 21 في المائة من إجمالي رقم معاملات القطاع الصناعي في البلاد.
وتهتم هولندا بنوعين رئيسيين من الصناعات الغذائية، أحدهما تحويل المواد الأولية من أصل محلي، وبخاصة منتجات الألبان واللحوم، والآخر معالجة المواد الأولية ذات أصل أجنبي، وبخاصة مواد الأعلاف الحيوانية، والبذور الزيتية، والفواكه ومنتجات كالكاكاو والقهوة والشاي.
كما يتميز القطاع الفلاحي في هولندا بإنتاجية من بين الأعلى على المستوى العالمي، وتعوض المساحة الصغيرة نسبيا في هذا البلد بالاستثمارات الكبيرة في الابتكار والاستخدام الفعال للموارد لضمان إنتاج مكثف ومستدام.
وصدرت هولندا العام الماضي 91.7 مليارات أورو من المنتجات الفلاحية، وهو رقم قياسي جديد مقارنة بسنة 2016 (85.5 مليار أورو)، كما قامت هولندا بتصدير مواد أخرى مرتبطة بالقطاع الفلاحي، وبخاصة الآلات والمعدات التكنولوجية بقيمة مالية بلغت نحو 9.1 مليار أورو.
وعلى المستوى الوطني، يمثل قطاع الصناعة الغذائية 10 في المائة من الاقتصاد الهولندي، ويسهم بـ10 في المائة في مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة، ويضم أربع مقاولات ضمن أكبر 30 شركة في العالم في مجال الصناعة الغذائية.
وتتوفر هولندا أيضا على شبكة لوجستيكية فلاحية جد متطورة. واستطاعت هولندا، التي استفادت من موقعها الجغرافي كبوابة تجارية لأوروبا، أن تطور شبكة للنقل واللوجيستيك، ويعد ميناء روتردام المنشأة الأوروبية المينائية الأولى، إذ سجل شحن 416 مليون طن من البضائع سنة 2017. وتشغل البستنة والصناعات الغذائية مكانة متميزة في السياسة الفلاحية الهولندية، باعتبارهما من بين القطاعات الاقتصادية التسعة ذات الأولوية في البلاد.
وعلى عكس العديد من الدول الأوروبية، فإن السياسة الفلاحية بهولندا تدعو إلى توجيه المنتجات الفلاحية نحو السوق وتركز على الابتكار وريادة الأعمال لضمان الاستدامة. ونظرا لأهمية هذا القطاع بالنسبة للمغرب وهولندا، فإن التعاون الفلاحي بين البلدين لا يفتأ يتعزز بين البلدين. ويشكل قطاعا البستنة المغطاة وإنتاج الألبان، اللذان تحتل فيهما هولندا مكانة رائدة في العالم، محور مشروعين للتعاون مع المملكة.
وبمشاركتها للسنة الرابعة على التوالي في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب في رواق يضم العديد من المقاولات الرائدة في مجال التنمية المستدامة للفلاحة، تعلن هولندا مرة أخرى عن استعدادها لمشاركة خبرتها المعترف بها في قطاع الصناعة الغذائية وتعزيز علاقات الشراكة مع المغرب في هذا المجال.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر