شهد البرلمان الجزائري, خلال اليومين الأولين من جلسات مناقشة خطة عمل الحكومة الجديدة، بقيادة أحمد أويحي, التي انطلقت الأحد، ومن المرتقب أن تنتهي الأربعاء, احتدام الصراع بين كتل الموالاة التي أعلنت دعمها التام ومساندتها للخطة التي وضعها رئيس الديوان الرئاسي الأسبق، وانتهزت الفرصة لشن هجوم شرس على دعاة المادة 102 من الدستور الجزائري التي تنص على إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية, والمعارضة البرلمانية التي تحاول كشف المستور وأهم الأسباب التي قادت البلاد إلى الإفلاس الاقتصادي والمالي, وصوبت سهامها نحو رئيس الوزراء، وأجمعت على أن القرارات التي اتخذها سيكون مآلها الفشل بالنظر إلى تجاربه السابقة.
وشن أنصار رئيس الوزراء داخل البرلمان, المحسوبين على تشكيلته السياسية, التي تعتبر ثاني قوة سياسية في البلاد, حملة ضد المعارضة البرلمانية التي أجمعت على أن اسم أويحي يرتبط بأكبر محطات الإخفاق التي شهدتها البلاد, وحاول أنصاره تسويق أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فوضه لإدارة المرحلة المالية الصعبة التي تمر بها البلاد، باعتباره رجل المهات الصعبة، وسبق له وأن قاد البلاد في أصعب الظروف، خصوصًا في التسعينات, إذ تزامنت فترة رئاسته للحكومة الجزائرية مع لجوء البلاد إلى صندوق النقد الدولي، وأدى ذلك الوضع إلى تسريح آلاف العمال وغلق عدد من المؤسسات العامة والخاصة والاقتطاع من أجورهم. وبكثير من المدح، قال النائب عن "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يرأسه أويحي, محمد قيجي, إن أويحي هو رجل المرحلة التي تمر بها الجزائر، وهو الذي أخرج البلاد من الكثير من الأزمات المالية والاقتصادية الصعبة التي شهدتها في الأعوام الماضية.
وسار نواب عن حزب الرئيس الجزائري على نفس خطى نظرائهم في ثاني قوة سياسية في البلاد, وأثنى النائب عن حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم, بهاء الدين طليبة, على رئيس الوزراء الجزائري, وقال إن خطة عمل الحكومة متحررة من العقد تجاه القطاع الخاص، وتهدف إلى عقد الشراكة بينه وبين القطاع العام، في تلميح منه إلى مخطط عمل حكومة رئيس الوزراء الجزائري السابق، عبد المجيد تبون, الذي وضع محورًا خاصا لمنع تزاوج المال بالسياسة، وإلى المشاكل التي اعترضت رئيس الوزراء الجزائري المبعد بسبب معركته المفتوحة مع رئيس منتدى المؤسسات، علي حداد.
وفتحت المعارضة البرلمانية النار على مخطط أويحي, وقال رئيس الكتلة البرلمانية لـ"لاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء", لخضر بن خلاف: "المخطط الذي بين أيدينا يفتقر في عمومه إلى الأهداف القابلة للقياس، ويفتقر إلى تحديد آجال الإنجاز وآليات التّقييم، كما يعتبر مخطّط طوارئ اقتصادية اعتمد على سياسات ووسائل غير تقليدية، ولكن برجال تقليديين هم من كانوا سببًا في ما نعيشه اليوم من مآسٍ". وخاطب لخضر بن خلاف حكومة أحمد أويحي قائلاً: " إنّكم ستوصلوننا إلى الطريق المسدود بسياستكم الخاطئة, بل كانوا يتّهموننا بتسويد الوضع، حتى وصلنا إلى كارثة نفاد صندوق ضبط الإيرادات نهائيًّا، وتراجع رهيب في احتياطي الصرف بالعملة الصعبة".
وانتقد بن خلاف الأرقام الصادمة التي كشف عنها أويحي, موضحًا أن هذا المخطط جاء هذه المرة بأرقام, ولكنها أرقام تتعلّق بإنجازات 17 سنة (من سنة 2000 إلى سنة 2017)، والتي كشفت عن وجود نقص كبير في الفعالية وغياب تام على مستوى وضوح الرؤية في إدارة الموارد المالية المتاحة، حيث تم إنفاق ما قيمته 619,7 مليار دولار، أي أكثر من 37,5 مرّة من القيمة التي رصدتها الولايات المتحدة في إطار مشروع "مارشال"، بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945، والمقدّرة بـ : 16,5 مليار دولار. وتساءل عن مصير القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء الابق، عبد المجيد تبون, قائلاً: "ما مصير فصل المال عن السياسية وتنويع الاقتصاد الوطني ومراجعة دفتر شروط مصانع ضخ الهواء في عجلات السيارات، وأيضًا الحوار المزمع مباشرته عن الإعانات الاجتماعية ودعم الدولة لبعض المواد الأساسية".
وقال رئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية", محسن بلعباس, في تعليق له على مخطط عمل الحكومة, إن أويحي يتاجر بالأوهام والأكاذيب لمغالطة الرأي العام, منتقدًا لجوء الجزائر إلى التمويل غير التقليدي للخزانة العامة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، معتبرًا أن الإجراء الجديد بمثابة مناورة غير محسوبة العواقب والمخاطر, وتوقع دخول الجزائر في دوامة من الاحتجاجات والإضرابات بعد أسابيع، بسبب تأثير إجراءات الحكومة على القدرة الشرائية والانهيار القياسي للدينار الجزائري.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر