لقي 16 شخصًا من المرشحين للهجرة السرية المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء مقتلهم، صباح السبت، في إقليم بركان شمال المغرب، فيما أصيب 17 آخرون بإصابات متفاوتة الخطورة، إثر سقوط عربة من الحجم المتوسط، كانت تقلهم في مجرى قناة للري متواجدة بالطريق الثانوية الرابطة بين السعيدية والناظور على مستوى محافظة العثامنة، دائرة أحفير، إقليم بركان.
وكشّفت السلطات المحلية، أنه وإثر إشعارها بالحادث انتقلت السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية إلى عين المكان، حيث تم نقل جميع الأشخاص المصابين إلى المستشفى الإقليمي في بركان لتلقي العلاجات الضرورية.
وأكّدت المصالح الأمنية، أنه تم فتح بحث من طرف السلطات المعنية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ظروف وملابسات الحادث، وللكشف أيضًا عن حيثيات تنظيم عملية الهجرة السرية هذه، كما تجري التحريات كذلك لتوقيف سائق العربة الذي يوجد حاليًا في حالة فرار.
وحسب مصادر محلية، أن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع في صفوف المهاجرين السريين، مشيرة إلى أن مهاجرين آخرين ما يزالون يتلقون العلاجات الأولية، وأن اثنين منهم دخلوا في غيبوبة، موضحة أن الحادث وقع بالطريق الثانوية الرابطة بين السعيدية والناظور على مستوى جماعة العثامنة، دائرة أحفير، حينما حاول سائق السيارة الكبيرة من تجاوز سيارة أخرى بسرعة كبيرة في مدار طرقي خطير، نتج عنه انقلاب السيارة التي كان على متنها في البداية 53 مهاجرًا أفريقيًا، قبل أن تتأكد السلطات المحلية من وجود مهاجر آخر، تمكن من الفرار إلى داخل محطة طرقية قريبة من مكان الحادث، حيث تبين أنه كان من ضمن الضحايا.
وحسب المصادر ذاتها، أنه يزال البحث جاريًا من قبل مصالح الدرك الملكي عن الفارين والمسؤولين عن تنظيم الهجرة السرية، بعد أن تمكنوا من الفرار ومعهم سائق السيارة التي كانت تقلهم، والذي نجا من الحادث عقب سقوط السيارة في المجرى المائي.
اقرأ أيضاً : توقيف المهاجرين السريين من طرف دوريات للأمن للحد من الهجرة السرية
يشار إلى أن تقرير التقرير السنوي للوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، كشّف أن المغرب منذ سنة 2018 تحول إلى البوابة الرئيسية للوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث أكّد أن غرب البحر الأبيض المتوسط تحول إلى المنفذ الأكثر استعمالًا للوصول إلى أوروبا، حيث ارتفع الضغط على إسبانيا في السنوات الأخيرة، إذ رُصدَ وصول 57034 مهاجرًا سريًا إليها بحرًا، أي ضعف عدد الواصلين سنة 2017"، مضيفًا أن "عدد المُبحرين انطلاقًا من السواحل المغربية تضاعف خمس مرات، وأغلبية الذين استطاعوا الوصول إلى إسبانيا ينحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء، لكن عددَ المغاربة ارتفع، أيضًا، بشكل كبير".
وأفاد التقرير ذاته أن أكثر من ثلث المهاجرين السريين سنة 2018، قاموا بذلك عبر إسبانيا، أي ما يربو عن 58131 مهاجرًا من أصل 150 ألف مهاجر وصل إلى أوروبا، وأن الـ55307 مهاجرًا وصلوا إلى إسبانيا على متن قوارب الموت أو الدراجات المائية، حيث إن العدد ارتفع بـ157 في المائة مقارنة مع سنة 2017، بينما وصل 1337 مهاجرين آخرين برا إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، انطلاقًا من الداخل المغربي، ما يعني أن العدد تراجع بـ10 في المائة مقارنة مع 2017، فيما سجل وصول 1487 مهاجرًا سريًا إلى جزر الكناري، 55 في المائة منهم، انطلاقًا من المغرب والباقي من سواحل السنغال، على أن 421 من الواصلين إلى جزر الكناري مغاربة.
وسجلت الطريق الوسطى للبحر الأبيض المتوسطـ وصول 23485 مهاجرًا سريًا إلى إيطاليا، انطلاقًا من السواحل الليبية، أما عبر الطريق الشرقية، فوصل 4550 مهاجرًا إلى اليونان عبر ألبانيا، و56561 مهاجرًا عبر تركيا، هكذا يظهر أن كل ضغط الهجرة انتقل إلى البوابة المغربية الإسبانية.
وأفاد التقرير أن السلطات الأوروبية، رحلت إلى المغرب 10010 مهاجرًا سريًا، إذ احتل المغاربة المرتبة الثانية خلف الألبان بـ16368 مرحلًا، ومتبوعين بالجزائريين بـ4048 مرحلًا.
يُذكر أن الحملات الأمنية المكثفة في الناظور، التي أضحت تباشرها السلطات الأمنية والقوات المساعدة، على المهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء، أدت خلال الأسبوع الماضي، إلى فرار عدد هام من هذه الفئة صوب دواوير بعيدة، بهدف البحث عن مكان آمن يختبئون فيه خوفًا من توقيفهم وإعادة ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
وجاء الفرار الجماعي للمهاجرين الأفارقة من وسط المناطق الحضرية في إقليم الناظور، صوب أماكن بعيدة، بعد آخر حملة أمنية استهدفت إجلاء المقيمين بطرق غير شرعية، أسفرت عن توقيف 100 شخص من بينهم نساء حوامل وأطفال.
وباتت السلطات في الناظور تقتحم المنازل المكتراة من طرف عشرات المهاجرين الأفارقة، ما جعلها توقف أكثر من 100 مهاجرٍ سري ضمنهم 26 امرأة، أربعة منهن حوامل، وبينهم 10 أطفال.
واستنكر الأهالي والسكان في مدينة الناظور، تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء، الذين باتوا يؤثثون طرقات المدينة الساحلية، منهم من يتخذ من السرقة والتهديد بواسطة الأسلحة البيضاء عملًا لإعالة نفسه، ومنهم من أضحى يتخذ جوانب الطريق لممارسة مهنة تجارية بسيطة، في انتظار فرصة تقله إلى الفردوس المنشود، معرضين حياتهم وحياة سكان المدينة للخطر.
ويأتي اختيار المهاجرين الأفارقة لمدينة السعيدية والناظور بالذات، لتنفيذ عمليات الهجرة غير المشروعة، بعد الخناق الذي شددته عليهم السلطات، إذ داهمت مؤخرا مجموعة من المنازل وأوقفت حوالي 100 مهاجر أفريقي بينهم أطفال ونساء، فيما أوقفت مصالح الدرك الملكي في سلوان 54 مهاجرًا وطفل قاصر كان يوفر لهم المأوى.
قد يهمك أيضاً :
الدرك الملكي يتصدى لظاهرة الهجرة السرية في المغرب
تفكيك عصابة تنشط في مجال الهجرة السرية في "رأس الماء"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر