أكّد الكرملين، اليوم (الثلاثاء)، أن الهجوم الصباحي بالمسيرات على موسكو «رد» من كييف على الضربات الروسية الأخيرة في أوكرانيا، فيما نفت أوكرانيا على لسان مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك مشاركة كييف بشكل مباشر في الهجوم. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «لا تهديد على سكان موسكو. من الواضح تماماً أننا نتحدث عن ردّ من نظام كييف على ضرباتنا الفعّالة جداً على أحد مراكزه القيادية»، لافتا إلى أن «نظام الدفاع الجوي (فوق موسكو) عمل بشكل جيد».
وكانت العاصمة الروسية موسكو تعرضت، فجر اليوم، لهجوم بمسيرات تسبب بأضرار «طفيفة» في أبنية من دون أن يسفر عن سقوط ضحايا، فيما قتل شخص ليلة أمس في كييف بهجوم روسي جديد استهدف بعدد كبير من المسيّرات
العاصمة الأوكرانية. واتهمت وزارة الدفاع الروسية في بيان، اليوم، النظام الأوكراني، بأنه وراء «العمل الإرهابي» بالطائرات المسيّرة الذي استهدف عدة مبانٍ في موسكو
وكتب رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين عبر «تلغرام»: «هذا الصباح فجراً، تسبب هجوم بمسيرات بأضرار طفيفة في أبنية عدة. وقد انتشرت كل أجهزة الطوارئ في المدينة في المكان (..) ولم تسجل إصابات خطرة حتى الآن». ونقلت شبكة «آر تي» الروسية عن الوزارة القول إن الهجوم قامت به 8 طائرات مسيّرة، تم التعامل معها.
واستهدفت موسكو ومنطقتها الواقعتان على بعد أكثر من ألف كيلومتر عن أوكرانيا، حتى الآن بهجمات مسيرات قليلة جداً منذ بدء النزاع، في حين كثرت هجمات كهذه في مناطق روسية أخرى. وأظهرت لقطات نشرت عبر وسائل التواصل
الاجتماعي آثار دخان في الجو. وظهرت في أخرى نافذة محطمة في أحد المباني.
وأفادت وكالة الإعلام الروسية بأن السلطات أجلت بعض سكان مبنى في جنوب موسكو. وذكر كثير من القنوات على تطبيق «تلغرام»، أنه تم إطلاق النار من 4 إلى 10 طائرات مسيرة في وقت مبكر اليوم.
وأتى الهجوم على موسكو، بعد هجوم آخر بمسيرات روسية طال العاصمة الأوكرانية كييف خلال الليل وأسفر عن سقوط قتيل على الأقل، على ما قال رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو.
وقال كليتشكو في منشور على تطبيق «تلغرام»، إنّ حطاماً سقط على مبنى مؤلف من طوابق عدّة في حيّ هولوسييفسكي بجنوب العاصمة، ما أسفر عن «مقتل شخص، ونقل امرأة مسنّة إلى المستشفى، وعلاج مصابَين آخرَين في عين المكان». وكان كليتشكو قال في منشور سابق على «تلغرام»، إنّ القوات الروسية شنّت على كييف «هجوماً ضخماً» بمسيّرات، ما أسفر عن إصابة شابة تبلغ من العمر 27 عاماً بجروح استدعت نقلها إلى المستشفى.
من جهتها، قالت الإدارة العسكرية والمدنية للعاصمة، إنّ 20 شخصاً تمّ إجلاؤهم من المبنى المتضرّر بسبب سقوط الحطام عليه. وأضافت في منشور على تطبيق «تلغرام»، أنّ «الطابقين العلويين من المبنى دمّرا وربّما هناك أشخاص تحت الأنقاض». وبحسب الإدارة، فإنّ هذا الهجوم الليلي تمّ بواسطة طائرات مسيّرة من طراز «شاهد» إيرانية الصنع، مشيرة إلى أنّ سقوط مزيد من الحطام على أنحاء أخرى من العاصمة تسبّب باندلاع حريق في منزل بحيّ دارنيتسكي (في جنوب كييف)، واحتراق 3 سيارات في حي بيشيرسكي (بوسط العاصمة).
وقال رئيس البلدية مخاطباً سكّان العاصمة: «هجوم ضخم. احتموا!». وطوال الليل دوت صفارات الإنذار في كييف، وكذلك في تشيركاسي (وسط) وكيروفوهراد وميكولايف وخيرسون (جنوب)، لتحذير السكّان من غارات جوية تستهدف هذه المدن. ويأتي هذا الهجوم على كييف غداة هجوم ليلي مماثل استهدف العاصمة الأوكرانية. كما يأتي الهجوم بعد ساعات من قصف صاروخي روسي استهدف المدينة في وضح النهار، على غير عادة، وأثار حالة من الذعر في صفوف السكّان الذين هرعوا إلى الملاجئ ومحطات المترو للاحتماء منه.
وكان توعّد رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية الجنرال كيريلو بودانوف، بردّ سريع على سلسلة من الهجمات
الصاروخية الروسية استهدفت العاصمة كييف. وقال بودانوف يوم الاثنين إن الهجمات الروسية فشلت في تخويف الناس
في كييف، والذين واصلوا شؤون حياتهم اليومية. وأُسقطت كل الصواريخ الروسية، بحسب مسؤولين، دون ورود تقارير عن وقوع إصابات. لكن حطام الصواريخ -التي تم اعتراضها- سقط مشتعلا في مناطق سكنية وسط كييف.
وشنّت روسيا 16 هجوما جويا على العاصمة الأوكرانية الشهر الجاري. إلا أن الهجوم الأخير كان غير معتاد؛ نظرا
لوقوعه أثناء النهار، كما أنه بدا مستهدفا قلب العاصمة كييف. وكانت كل الهجمات الجوية السابقة -في مايو/أيار الجاري
على العاصمة الأوكرانية- تقع في أثناء الليل، كما أنها كانت تستهدف، على ما يبدو، منشآت البنية التحتية الحيوية وكذلك
الدفاعات الجوية على تخوم المدينة. وقال الجنرال بودانوف إنه أراد أن "يُغضب" أنصار روسيا عبر إخبارهم أن الناس في كييف لم يخشوا من تلك الهجمات بل واصلوا شؤون حياتهم اليومية بعدها.
وأضاف الجنرال، في بيان نشرته الاستخبارات الأوكرانية، بالقول: "لكل أولئك الذين حاولوا تخويفنا، وكانوا يحلمون بأن
يكون لذلك أثر علينا: ستندمون على ذلك عاجلا جدا. ردُّنا لن يطول".
وبحسب تقارير، تعرّض شخص واحد للإصابة، بينما دمّرت الدفاعات الجوية الأوكرانية كل الصواريخ التي أطلقتها روسيا في هجماتها.وعلى الجانب الآخر، تقول السلطات الروسية إنها أصابت كل أهدافها.
وقال متحدث باسم سلاح الجو الأوكراني إن صواريخ باليستية من طراز إسكندر استُخدمت في الهجوم الأخير، كما أنه من
الممكن أن تكون صواريخ من طراز إس-300 وإس-400 قد استُخدمت أيضا. ودوّت صافرات الإنذار من الغارات الجوية
في مناطق أخرى عديدة من أوكرانيا. واتهم قادة عسكريون أوكرانيون روسيا بتغيير تكتيكاتها وبتعمّد استهداف مدنيين. ويبدو بشكل مؤكد أن موسكو ترغب في زيادة الضغط على أوكرانيا استباقاً لأي هجوم مضاد.
وفي يوم الأحد، أثنى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الدفاعات الجوية الأوكرانية بعد إسقاطها العشرات من
الطائرات المسيرة التي استخدمتها روسيا في شن هجوم وصف بأنه الأكبر باستخدام طائرات مسيرة منذ بدء الحرب. وبعد إعلان قادة عسكريين أوكرانيين عن إسقاط معظم الطائرات المسيرة التي أطلقتها روسيا، قال زيلينسكي: "أنتم أبطال".
وفي هجماتها الأخيرة، استعانت روسيا بطائرات مسيرة من طراز كاميكازي، فضلا عن طيف من صواريخ كروز
وصواريخ باليستية.
ويقول مراقبون إن موسكو تسعى لاستنزاف وتقويض الدفاعات الجوية لأوكرانة قبل هجومها المضاد المتوقع. ومنذ شهور،
تخطط أوكرانيا لهجوم مضاد ولكنها تحتاج إلى ما يكفي من الوقت لتدريب قواتها، فضلا عن حاجتها للحصول على معدات عسكرية من حلفائها الغربيين.
وفي الوقت نفسه، تستعد القوات الروسية لهذا الهجوم عبر تعزيز دفاعاتها في المناطق التي تحت سيطرتها في الجنوب الشرقي من أوكرانيا. وفي منطقة بيلغورود الروسية، قال حاكم المنطقة الاثنين، إن قرى حدودية عديدة تتعرض للقصف المستمر من جانب قوات أوكرانية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر