الدار البيضاء ــ جميلة عمر
انطلقت الجمعة، في مراكش، أشغال "ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع بشأن الحكامة"، الذي تنظمه مؤسسة محمد إبراهيم تحت رعاية الملك محمد السادس، وذلك بحضور شخصيات من عوالم السياسة والأعمال والإعلام والمجتمع المدني من أفريقيا والعالم، وتميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في هذا الحدث تلها المستشار اندري ازولاي.
وأكدت الرسالة الملكية أن أفريقيا منظمة ومتضامنة، قائمة على حكامة ناجعة، قادرة على توفير المنافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تتطلع إليها شعوبها بكل مشروعية. وشدد على أن "الحكامة المثالية بالنسبة لقارتنا، يجب أن تستند على مجموعة متناسقة وناجحة من التجارب الخارجية وملاءمتها مع السياق الأفريقي، وعلى طرق عمل داخلية متجددة، وممارسات مبتكرة على المستوى القاري".
وأشار إلى أن الدول الأفريقية ملتزمة بالقيم الكونية، غير أنها لا يمكن أن تقبل باستيراد أو فرض نماذج جاهزة للحكامة، لكونها نتاج تراكمات تاريخية محددة، ومسارات خاصة. وقال الملك في هذا الصدد، "بيد أنه يمكن الاستفادة من هذه النماذج، من خلال ملاءمتها وتعديلها، لتصبح مناسبة للسياق الأفريقي، وبالتالي تنفيذها بنجاعة، وتبنيها من طرف الجميع. وتضيف الرسالة الملكية، أن أفريقيا تمتلك آليات تضامن متأصلة فيها، وممارسات عريقة، ليس من العدل تجاهلها، بل ينبغي فقط تحديثها وتعديلها.
ولفتت الرسالة الملكية إلى أن "إفريقيا اليوم، قادرة بوسائلها الخاصة، على إبداع قواعد عمل ومخططات تنظيمية مبتكرة، من أجل شعوبها، وإذا أردنا أن ندعم التعاون البيني الأفريقي بالوسائل اللازمة لبلوغ هذا هدف الاستراتيجي، فلا بد لنا من تبادل تجاربنا وخبراتنا، ومن الاستثمار الأمثل لنقاط التكامل بيننا".
وتابع الملك "هذا هو التوجه الذي اعتمدته المملكة في عملها، منذ سنوات عدّة، من خلال تعاونها مع شركائها المتعددين في أفريقيا، وهو ما تجسده مصادقتها على العديد من اتفاقيات التعاون، وفتح جامعاتها ومعاهدها في وجه الطلبة الأفارقة، وتفعيل مجموعة من المبادرات المهمة، على المستويين الثنائي والإقليمي، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والطاقة وبنيات الإنتاج والخدمات، إضافة إلى التنمية البشرية".
وبيّن الملك أن "أولوياتنا ترتكز على تشجيع سلاسل القيم، إقليميًا وقاريًا، ودعمها باستثمارات جديدة، وتحديد الأولويات، وبلورة هندسة مالية مبتكرة، وتدابير مواكبة مناسبة"، مضيفًا أن "طموحنا من أجل أفريقيا يرتبط بالقدرة على الاختيار، وقياس الآثار، ووضع وتنفيذ المشاريع، وعلى تعبئة التوفير المحلي". ويتعين، تؤكد الرسالة الملكية، إنجاز كل مراحل هذا المسار، في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة، مع الحرص على أن يتم تبنيه من طرف كل الفاعلين وتركيز الجهود، في كل أرجاء القارة، على التربية والتكوين، ودعم قدرات الأجيال الصاعدة.
وشدّد الملك على أن أفريقيا "لا تشكل أي تهديد، لا لذاتها ولا لغيرها. بل على العكس من ذلك، فهي تشكل فضاء للتنمية المستدامة الواعدة، ومجالا منفتحا على كل الشراكات"، مشيرًا إلى أن الموارد الهائلة، التي تزخر بها القارة، ما تزال تنتظر تثمينها والاستغلال الأمثل الجدير بها. وأكد أن كل الفاعلين، من قادة سياسيين ومسؤولين حكوميين ومنتخبين، ورجال أعمال وفاعلين من المجتمع المدني، مطالبون بالمساهمة في هذا المجهود، في إطار من التنسيق الشامل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر