يقترب موعد مناقشة قضية الصحراء المغربية بأروقة الأمم المتحدة، في ظل التحولات الإستراتيجية المكثفة التي يشهدها النزاع الإقليمي، بدءاً بالاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على أراضيها الجنوبية، وانتهاءً بالدينامية الدبلوماسية التي تعرفها الحواضر الصحراوية للبلاد في إطار ما تسمى “دبلوماسية القنصليات”.وتتولى دولة فيتنام الرئاسة الدورية ل مجلس الأمن الدولي لشهر أبريل الجاري، خلفاً للولايات المتحدة الأمريكية. ووفقا لتقرير المجلس، ستعقد جميع الاجتماعات افتراضيا، عبر تقنية “فيديو كونفرنس”، بسبب استمرار تداعيات جائحة “كورونا”. وأشادت مختلف القرارات السابقة لمجلس الأمن الدولي بمبادرة الحكم الذاتي، التي تتماشى مع القانون الدولي، إذ تُثني على الموقف المغربي الساعي إلى إنهاء نزاع الصحراء طويل الأمد، ومواصلة مسلسل التنمية الاجتماعية والاقتصادية المنطلق بأقاليم الصحراء منذ سنوات.
متغيرات دولية
في هذا الصدد قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض في مراكش، إن “مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعه، المحدد يوم 21 أبريل، لمناقشة قضية الصحراء المغربية في سياق عرف الكثير من المتغيرات التي يجب على أعضاء مجلس الأمن الدولي استحضار دلالاتها القوية”.
فعلى مستوى الأمم المتحدة، يضيف الدكالي، جدد المجتمع الدولي دعمه الكامل لمغربية الصحراء ومخطط الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا ونهائيا لهذا النزاع، مشيرا إلى تجديد مجلس الأمن الدولي، في القرار 2548 الذي اعتمده في أكتوبر الماضي، التأكيد على وجاهة الموقف المغربي وتكريس المعايير الأساسية للحل السياسي لهذا النزاع الإقليمي.
وأضاف الباحث الجامعي، ضمن تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مجلس الأمن الدولي كرّس للسنة الرابعة عشرة على التوالي سمو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية في 11 أبريل 2007، معربا عن إشادته بالجهود المغربية الجادة وذات المصداقية التي تجسدها هذه المبادرة المتوافقة مع القانون الدولي”.وعلى مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تبعاً للمتحدث ذاته، شكلت أشغال اللجنة الرابعة مناسبة للمجتمع الدولي لتجديد التأكيد بقوة على دعمه الثابت لمغربية الصحراء ومخطط الحكم الذاتي في أقاليمه الجنوبية، باعتباره حلا دائما وقائما على التوافق لوضع حد لهذا النزاع بشكل نهائي.
خروقات جبهة “البوليساريو”
واستطرد الدكالي: “في التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، فضح خروقات جبهة البوليساريو الانفصالية على مستوى احترام اتفاقية وقف إطلاق النار التي ترعاها البعثة الأممية بالصحراء المغربية، إذ استعرض قيامها بنقل أسلحة ثقيلة إلى الجدار الرملي على مستوى منطقة أم دريكة”.
واعتبر التقرير ذلك السلوك “انتهاكا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار”، وأبرز “عدم تعامل البوليساريو مع البعثة الأممية، وتقييد حركتها في منطقة المحبس”؛ وسجل كذلك “وجود تدهور كبير في مستوى التعاون مع الجبهة”، وفق مداخلة الباحث السياسي.
وأكد بنطلحة الدكالي أن “تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر صك اتهام وإدانة للبوليساريو، إذ قدم كل الحجج التي تورطها في السعي إلى إشعال فتيل النار، كما أن اعتداءاتها على المنطقة العازلة تهدف إلى تغيير الوضع القائم؛ وهي تجاوزات يمكنها أن تعصف بالعملية السياسية برمتها وبمجهودات الأمم المتحدة”.
وتابع المتحدث شارحا: “وقد أبرز الأمين العام للأمم المتحدة تبني القرار 2494، وهو القرار الوحيد المذكور في التقرير، حيث كرسه كمرجع أساسي للعملية السياسية التي تتم تحت الرعاية الحصرية للأمين العام للأمم المتحدة. ومن المعلوم أن القرار سالف الذكر جدد التأكيد على تفوق مقترح الحكم الذاتي في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية”.
انتهاكات حقوقية بتندوف
“كما طالب القرار المعني بتسجيل السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، وتطرق أيضا لحجم خطورة الوضع الاجتماعي داخل المخيمات، واليأس الذي تعيشه الساكنة، والنقص الحاد في توزيع المساعدات، والانتهاكات الحقوقية الجسيمة”، يورد الأستاذ الجامعي ذاته.
ودعا المصرح للجريدة إلى استحضار أن “الاستفزازات التي تقوم بها ميليشيات البوليساريو تجعلها في وضعية عدم امتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي، ومنها القرار 2548 الذي يأمرها بالحفاظ على المنطقة العازلة فارغة”، وزاد: “أمام هذه الحالة الخطيرة بالمنطقة العازلة، يعطي القانون الدولي للمغرب حق الدفاع الشرعي عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.وفي ختام تصريحه، خلص الأستاذ الجامعي إلى أن “المغرب متشبث بالمنطق والحكمة، وملتزم بصدق بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة في إطار احترام قرارات مجلس الأمن الدولي، قصد الوصول إلى حل نهائي على أساس مبادرة الحكم الذاتي”.
قد يهمك ايضا
الأمم المتحدة تسلط الضوء على دور المغرب في تسوية النزاع الليبي
مجلس الأمن الدولي يُخفق في التوصل إلى بيان مشترك حول دارفور
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر