عصفت رياح التغيير في التعديل الحكومي الذي أعلنت عنه الرئاسة الجزائرية, أمس الخميس, بالقطاعات الاقتصادية. والملاحظ في الحكومة الجديد التحاق تقنين بالجهاز التنفيذي كما هو الحال مع وزارة التجارة ووزارة الطاقة ووزارة النقل والأشغال العمومية, كما حمل التعديل الحكومي مفاجآت لم يتوقعها المتتبعون للمشهد العام في البلاد. والملاحظ في الوافدين الجدد على الجهاز التنفيذي أن جلهم خريجو المدرسة العليا للإدارة " تقنيون ".
وأبرز هذه المفاجآت، ورود اسم وزير الطاقة نور الدين بوطرفة ضمن قائمة المغادرين, في الوقت الذي كان الوزير جالس على طاولة المفاوضات التي احتضنتها العاصمة النمساوية, الخميس, التف حولها كبار المنتجين للنفط وتتعلق بتمديد اتفاق خفض الإنتاج. وكان وزير الطاقة السابق, خلال الإعلان عن التعديل الحكومي, يفاوض وزراء طاقة عدة دول مصدرة للنفط, من أجل تعبيد الطريق أمام تمديد جديد لخفض الإنتاج بـ 1,8 مليون يومياً حتى مارس/ آذار 2018، لإحداث التوازن في ميزان السوق الذي عانى من تخمة المعروض.
ولعب نور الدين بوطرفة, دورًا كبيرًا في إنجاح الاجتماع الذي احتضنته الجزائر نوفمبر / تشرين الثاني 2016, وإعادة الاستقرار للسوق النفطية التي تعاني أزمة أسعار منذ عام 2014, وتوصلت منظمة البلدان المصدرة للبترول خلال هذا الاجتماع إلى اتفاق بشأن أوّل خفض لإنتاج النفط منذ 2008, وقام قبيل الاجتماع نور الدين بوطرفة بزيارات ماراطونية لإقناع أكبر أهم البلدان النفطية بخفض الإنتاج.
وخلف نور الدين بوطرفة, في المنصب الوزاري أحد أبرز معاونيه وهو مدير شركة الكهرباء والغاز, مصطفى قيطوني, المعروف في الساحة الإعلامية بتصريحاته الجريئة, والتحق قيطوني بالشركة عام 1970 بعد حصوله على شهادة مهندس دولة في الطاقة. ولم يكن نور الدين بوطرفة الوحيد الذي غادر الجهاز التنفيذي, وزير المالية السابق حاجي باب عمي, الذي كان قليل الظهور إعلاميا, وخلفه في المنصب رئيس لجنة المالية بالبرلمان سابقا والنائب عن الحزب الحاكم بدة محجوب, إضافة إلى هذا تم تعيين والي محافظة عنابة يوسف شرفة على رأس وزارة الإسكان خلفا للوزير الأول عبد المجيد تبون, وعرف هذا الأخير بقدرته على تسيير ملف السكن على مستوى المحافظة التي كان يسيرها كما تم تعيين والي محافظة البليدة على رأس وزارة الأشغال العمومية, وتم تعيين مراد زمالي كوزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي, وهو حائز على شهادة مهندس معماري شغل منصب مدير عام للصندوق الوطني للعطل المدفوعة الأجر و البطالة الناجمة عن سوء الأحوال الجوية لقطاعات البناء و الأشغال العمومية و الري (2006-2011) و منصب مدير جهوي للوكالة الوطنية لتحسين السكن و تطويره (عدل) لمنطقة الغرب (2005-2006).
ويرى خبراء في الاقتصاد أن تعيين عبد المجيد تبون على رأس الوزارة الأولى والتحاق إداريين " تقنين " بالجهاز التنفيذي هو محالة لإعطاء نفس جديد للحكومة, بعد الإخفاقات التي سجلتها حكومة عبد المالك سلال على الصعيد الاقتصادي, كما أن حكومة عبد المجيد تبون ورثت تركة ثقيلة من الحكومة السابقة, فأغلب الملفات المتواجدة على طاولتها هي ملفات ملغمة وحساسة بالنظر إلى الظرف الصعب الذي تمر به البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية واستمرار تأكل احتياطي الصرف والعجز الذي تعاني منه الخزينة العمومية وملفات اجتماعية أخرى لا تقل خطورة عن الملفات الاقتصادية كالبطالة والحراك الاجتماعي السائد بسبب تصاعد حدة الاحتجاجات العمالية.
وقال رئيس الجمعة الجزائرية الجزائرية للمصدرين والخبير الاقتصادي, اسماعيل لالماس, إن أكبر تحدي ينتظر الحكومة الجزائرية الجديدة هو قانون الموازنة لعام 2018, الذي سيبرز خيارات وتوجهات الحكومة الجديدة, مشيرا إلى أنه سيكون ابرز مهمة صعبة تنتظر الحكومة الجديدة, بالنظر إلى الوضع المالي والاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية واستمرار تآكل احتياطي الصرف.
ومن جانب آخر قال الخبير الاقتصادي, فرحات آيت على, في تصريحات لـ " المغرب اليوم " إن الحكومة الجديدة مطالبة في الظرف الراهن بتحديد رؤية إستراتيجية واضحة لتسيير المرحلة القادمة, فلا يمكن الحكم على الوافدين الجدد على قصر الدكتور سعدان مسبقا. فحكومة عبد المالك سلال السابقة عجزت عن تسيير الوضع الاقتصادي بسبب عدم وجود رؤية إستراتيجية اقتصادية مبنية على ركائز وأهداف.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر