الدار البيضاء - جميلة عمر
انطلقت، مساء الأربعاء في طنجة، أعمال الدورة العاشرة لمنتدى "ميدايز"، التي ينظمها معهد أماديوس تحت شعار "من انعدام الثقة إلى التحديات .. عصر الاضطرابات الكبرى"، وخلال كلمته الافتتاحية، أبرز رئيس معهد أماديوس، إبراهيم الفاسي الفهري، أن هذه الدورة الدولية أصبحت على مدى أعوامها العشرة، مركزًا للمناقشات والبحث القائم على تحليل قضايا التنمية والأمن بالقارة.
وأوضح أماديوس، أن اختيار مدينة طنجة لاستضافة هذا المنتدى، الذي يشارك في دورته الحالية 150 متدخلًا رفيع المستوى، فضلًا عن حضور أزيد من 3 آلاف مشارك، يعزى إلى انفتاحها على المستوى الدولي، وصعودها الاقتصادي، وأيضًا إلى تمسكها بالقيم الوطنية والوحدة الترابية، مبرزًا أن طنجة تعد نقطة التقاء بين أفريقيا وأوروبا، وهي مكان مثالي لمناقشة تعميق التعاون بين بلدان الجنوب، وأيضًا مع بلدان الشمال، والدعوة بشكل جماعي لإقرار شراكة متوازنة ومستدامة ومتجددة بين القارتين.
من جهة أخرى، أشار الفاسي الفهري إلى أن الدورة الحالية من منتدى "ميدايز" تنعقد أسبوعين قبل قمة الاتحاد الأوروبي - أفريقيا المرتقبة في أبيدجان، موضحًا أن أفريقيا وأوروبا اليوم يواجهان أكثر من أي وقت مضى رهانات تتعلق بالأمن والهجرة، متابعًا أن الفقر والأزمات يشكلان عاملين خطيرين بالرغم من أن الأرقام تبرز أنه رغم الأزمة، فإن أفريقيا تشهد نموًا مطردًا، كما أنها حبلى بالوعود والقدرات.
وذكر الفهري، بأن من بين المشاكل التي تعترض أفريقيا اعتمادها على المساعدات الخارجية، مضيفًا أن "قارتنا لا تحتاج إلى إعادة البناء، بل إلى التطوير، وهو ما يفرض علينا نوعا آخر من المبادرات"، معتبرًا أنه "في زمن التقلبات الجيوسياسية، فإنه من الأهمية بمكان إعطاء نفس جديد وتقوية صوت القارة الأفريقية"، لافتًا إلى أن "محور أوروبا – أفريقيا سيكون محورًا أساسيًا من أجل مواجهة تطور الأزمات".
من جانبه، أكد نائب رئيس جمهورية الغابون، بيير كلافر ماغانغا موسافو، أن الرؤية الجديدة للمغرب نحو أفريقيا تعد مبادرة جريئة وحاسمة من أجل علاقات شراكة شمال – جنوب أكثر توازنًا وإنصافًا، معتبرًا أنه "منذ اعتلائه العرش، جعل الملك محمد السادس من أفريقيا أولوية للدبلوماسية بالمملكة، ومن التعاون جنوب - جنوب ركيزة لشراكة متجددة بين الشمال والجنوب"
وسجل نائب رئيس الغابون، أن "تجذر المغرب في القارة الأفريقية، الذي كان تجاريًا وسياسيًا وروحيًا، يكتسي اليوم طابعًا اقتصاديًا واجتماعيًا وإنسانيًا، ينبع من إستراتيجية شاملة من أجل القارة، بهدف نسج علاقات تعاون عريق ومتعدد الأبعاد"، لافتًا إلى أن المملكة تتوفر على رؤية واضحة في مجال التنمية الإنسانية المشتركة ونقل الخبرات والكفاءات، وفق منطق رابح – رابح"، مشددًا على أن المقاربة الجديدة للمغرب في علاقاته مع القارة الأفريقية أعطت معنى جديدًا للتعاون جنوب – جنوب الذي من شأنه تشجيع التنمية المشتركة، والقادر على تحرير نفسه من الممارسات التقليدية التي طبعت العلاقات شمال – جنوب، دون أن يفقد مكانته كشريك مفضل لأوروبا وبقية العالم.
وبعد أن استعرض الفهري، مجموعة من اتفاقات التعاون بين المغرب والغابون، أكد ماغانغا موسافو على أن هذه الاتفاقيات ستمكن بلده من الاستفادة من التجربة والإستراتيجية المغربيتين اللتين أثبتتا نجاحهما في مجال محاربة الهشاشة ودعم مسلسل وضع مؤسسات الحكامة، لا سيما على المستوى الترابي، ودعم الأنشطة المدرة للدخل، فضلًا عن فك العزلة عن المناطق القروية.
وأضاف ماغانغا، أن العلاقات المغربية الغابونية تكتسي أهمية رئيسية في إستراتيجية التعاون جنوب – جنوب التي وضعها المغرب في أفريقيا، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، بالنظر إلى أنه سيمكن من محاربة الفقر وتشجيع الحد من الهشاشة، بشكل أكثر شمولًا، سجل أنه بالرغم من المؤهلات الهائلة والإستراتيجيات المتعددة والمخططات الوطنية للتنمية والرؤية التنموية الشاملة، لم تبلغ أفريقيا بعد عتبة الصعود المرجوة، لافتًا إلى أن العديد من التحديات في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي يتعين رفعها للاستجابة إلى متطلبات القارة.
وخلص ماغانغا، إلى أنه "بالانطلاق من إفريقيا، بحكامة سليمة وإرادية واستباقية لحاجات الشباب الإفريقي التواق، سنخلق الرفاهية في كل الأرجاء من خلال التعاون جنوب – جنوب، حيث التقاسم، بما في ذلك الإنتاج، سيعوض الخصاص في المناطق الأقل خصوبة، من أجل محاربة أفضل للجوع والهشاشة، مع تفادي نهب الأراضي"، مشيرًا إلى أن هذا المنتدى، الذي يشكل واحدة من التظاهرات الجيوسياسية والاقتصادية المنظمة في المغرب من طرف هيئة غير حكومية، فرض نفسه كملتقى جيواستراتيجي بأفريقيا والعالم العربي، معتبرًا أن هذه الدورة من منتدى ميدايز تركز على "ضرورة الرقي بالعلاقات بين البلدان الصاعدة والبلدان المتطورة بالجنوب، بهدف تشجيع تنميتها والحد من تبعيتها إلى القوى الاقتصادية العالمية الكبرى.
وسينكب المشاركون في منتدى ميدايز، ومن خلال استخلاص الدروس من الوقائع الجيوسياسية الجديدة، على تجديد الحوار الأورو – أفريقي، من خلال تقديم مقترحات ملموسة في سياق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والبلدان الأفريقية، كما سيتطرق المتدخلون إلى التحديات السياسية والاقتصادية للاتحاد الأفريقي، وآفاق أجندة الحوار المتعدد الأطراف والقاري وتماشيًا مع اهتمامه بالقضايا الاقتصادية.
وسيناقش المنتدى المشاريع المهيكلة الكبرى بالقارة وأولوياتها، كما سيعقب على بروز أقطاب اقتصادية أفريقية واندماجها في الاقتصاد الدولي، خاصة عبر التعاون مع الاقتصادات الأخرى بمنطقة الجنوب، بمشاركة جينغ هو شو، الممثل الخاص للحكومة الصينية في أفريقيا، ومورلاي بانغورا، مفوض الطاقة والمعادن بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وياسار ياكيس، وزير الخارجية التركي السابق، والسيناتور بوغدان كليش، المقرر الخاص للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر