ما يزال التدافع قائما بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من قضية الصحراء؛ فأمام مطالب متجددة تصدر عن الرباط بتبني “الموقف الأمريكي”، تستمر “الأجهزة الأوروبية” في الاحتفاظ بـ”مواقف تقليدية” تبتعد عن الحسم.
جاء ذلك خلال زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إلى الرباط، وتأكيده أن الاتحاد القاري يدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل وواقعي ودائم ومقبول.
ولا يتحمس المغرب كثيرا للمواقف الرمادية الصادرة عن أجهزة الاتحاد الأوروبي، خصوصا أمام التعبيرات المتقدمة الصادرة من مدريد وبرلين، والطموحات لدفع باريس إلى تبني موقف أكثر تقدما بعد الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية، كاترين كولونا، إلى الرباط.
ولم تكن العلاقة بين بوريل والمغرب على ما يرام بعد إلغاء المملكة، في شتنبر الماضي، اجتماعا ثنائيا كان مقررا في العاصمة الرباط، وذلك احتجاجا على تصريحات أدلى بها المسؤول السامي الأوروبي على قناة إسبانية تخص ملف الصحراء المغربية.
نوفل بوعمري، خبير في قضية الصحراء، قال إن الاتحاد الأوروبي يتبنى حاليا موقفا داعما للحل السياسي، العادل والمتوافق بشأنه وفق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وهو بذلك يعلن عن موقف داعم للمغرب من الناحية السياسية داخل الأمم المتحدة.
وأوضح بوعمري أن الاتحاد الأوروبي دافع عن توقيع اتفاقيات متعلقة بالتبادل التجاري والفلاحي واتفاقية الصيد البحري مع المغرب مشتملة على الأقاليم الصحراوية الجنوبية، وقد تابع الجميع المعركة القضائية التي خاضها المغرب إلى جانب الاتحاد الأوروبي ضد الدعاوى التي رفعها البوليساريو.
وشدد المتحدث على أن الاتحاد الأوروبي كان موقفه واضحا في رفض مختلف الضغوط السياسية التي مارسها الخصوم عليه من أجل عدم تضمين الأقاليم الجنوبية ضمن هذه الاتفاقيات، وهو بذلك يعلن عن موقف صريح بالاعتراف بسيادة المغرب على هذه الأقاليم، سيادة اقتصادية وإدارية ثم سيادة سياسية.
واعتبر بوعمري، في تصريح لهسبريس، أن الإشكال لا يرتبط بالاتحاد، بل بتحركات اللوبيات الداعمة للجزائر والاتحاد الأوروبي من بعض الأحزاب الأوروبية، واللوبيات الاقتصادية، وهي التي تعمل على استغلال النزاع من أجل التشويش على العلاقة المغربية-الأوروبية.
وطالب المتحدث باجتهاد أوروبي حقيقي لتجاوز هذه المناورات، من خلال ملاءمة مختلف الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها مع المغرب، والتي تشتمل على الأقاليم الجنوبية، مع طبيعة النزاع من ناحية القانون الدولي.
نبيل الأندلوسي، خبير في العلاقات الدولية، أورد أن العنوان الأساسي لهذه الزيارة هو الوعي المشترك بأهمية الشراكة والتعاون المغربي الأوروبي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، خاصة على مستوى الهجرة ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والسلم في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وما يفسر تردد الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من مغربية الصحراء، “يعود بالدرجة الأولى إلى ضبابية الموقف بالنسبة لدول أوروبية مؤثرة، على رأسها فرنسا التي مازالت في المنطقة الرمادية ولم تحسم بعد موقفها بشأن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء”، يقول الأندلوسي.
وأعرب المتحدث عن اعتقاده أن الموقف الفرنسي إذا خرج من الضبابية واللعب على الحبلين إلى تأكيد السيادة المغربية على منطقة الصحراء، مع الاعتراف الإسباني والتغيير الإيجابي للموقف الألماني لصالح مشروع الحكم الذاتي المغربي، فإن الاتحاد الأوروبي سيتبنى الموقف ذاته وسيدعم المغرب بكل قوة.
وأشار الأندلوسي إلى أن رئاسة الاتحاد الأوروبي ستؤول إلى إسبانيا في النصف الثاني من العام الجاري، وهذا سيكون له تأثير إيجابي في تطور العلاقات المغربية الأوروبية، اعتبارا للموقف المتقدم لإسبانيا الذي أصبح داعما للطرح المغربي بشأن الصراع المفتعل على مغربية الصحراء.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
بوريل يناقش المسؤوليات الإستراتيجية لأوروبا في فاس
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر