حذّر الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة الحكومة المغربية من الاستمرار في الخلافات المطردة لمكونات أغلبيتها الاخر الذي يتسبب في تعطيل أوراشَ الإصلاح في العديد من القطاعات الحيوية، أمام ازدياد حدة الاحتقان الاجتماعي الذي وصل مداه إلى الجميع، في ظل التراجعات المسجلة في الخدمات الأساسية، في كلمة له أمام المجلس الوطني لحزب الاستقلال في دورته الثالثة، في مدينة سلا.
وقال نزار بركة، "إن وضعية قطاعي الصحة والتعليم كارثية"، مشيرًا إلى استمرار تقهقر القدرة الشرائية للأسر أمام غلاء المعيشة، وفي ضعف سوق الشغل الذي لم يعد قادرًا أكثر من السابق على استيعاب الشباب المغربي خريجي المؤسسات الجامعية ومدارس المهندسين ومراكز التكوين المهني".
وشدد الأمين العام لحزب "الميزان" على أن ما يزيد من تفشي أجواء ومشاعر الإحباط العام، هو أن هذه الاحتياجات والمطالب المُعبر عنها، لا تجدُ من جهة الحكومة من يُصغي إليها أو يتفاعلُ معها، ومن يُقدم ما تقتضيه من تدابير وحلول استعجالية وهيكلية.
وانتقد المسؤول الحزبي ذاته ما كشفته عنه الحكومة المغربية بدون استحياء، وفي محطات ومناسبات عديدة، كيف أنها تجتهدُ وتتعبّأُ وتُعبِّئُ حينما يتعلق الأمر بتلميع أنانياتها، وخوض صراعات مكونات أغلبيتها وحروبها الداخلية الصغرى، التي لا تنتهي- ويبدو أنها لن تنتهيَ إلا باستعجال 2021 التي يريدُونها قبل أوانها، حسب تعبيره.
واعتبر الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي أن هذه الحماسة والتعبئة الحكومية تنتفي وتتعطل حينما يتعلق الأمر، في المقابل، ببلورة التدابير الناجعة والحلول الإجرائية، والتجاوب السريع مع الحاجيات الملحة لشرائح واسعة من الشعب المغربي، ولاسيما في إيجاد الشغل، وحماية القدرة الشرائية ومواجهة غلاء المعيشة ووقف تفقير الطبقة الوسطى، وغيرها من المحاور ذات الأولوية الحيوية حاليا التي سبق أن تَرَافَعْنا بشأنها من خلال مذكرة فريقي الحزب بالبرلمان إلى رئيس الحكومة من أجل قانون مالي معدل في منتصف سنة 2018.
وأضاف بركة أن هذه المذكرة بمقترحاتها وإجراءاتها المدروسة التي لو تفاعلت الحكومة معها في حينها، بما يستلزمُه الأمر من تغليب للصالح العام، وتعاطٍ إيجابي ولو بكيفية تدريجية، لكانت بلادُنا قد رَبِحَتْ حوالي سنة من الاحتقان والشك والاستياء الجماعي الذي طال الأسر المغربية.
اقرأ أيضاً : حزب الاستقلال يكشف حالة الارتباك داخل الحكومة المغربية
وشدد الأمين العام لحزب"الميزان" الذي يوجد في المعارضة أن" الحكومة كان لديها، وفي تقديرها، ما هو أهمُّ بالنسبة إليها من مصالح المواطنات والمواطنين، ولَوْ تعطلت، ولو ظلت هذه المصالح رهينةَ مزاجيةِ أغلبيتها الغارقةِ في صراع الزعامات، وحسابات الربح والخسارة، بل وتخلت الحكومة عن هويتها السياسية في الحوار الاجتماعي"، مشددا على أنه "في غياب أي مؤشر على وجود مبادرة لرئيس الحكومة في هذا الاتجاه وتقديم حصيلة نفس الولاية، فإننا سنسعى من خلال الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى جانب الفرقاء الذين يُقاسمُوننا الموقع والتقدير السياسي، إلى تفعيل الفصل 101 من الدستور".
ويشار إلى أن المجلس الوطني لحزب الاستقلال جدد التأكيد على الموقف الثابت للحزب فيما يتعلق بقدسية وحدتنا الترابية، و يدعو إلى مواصلة التعبئة الشاملة للشعب المغربي وراء الملك محمد السادس للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، مؤكد على أن مقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية هو الحل الوحيد القادر على استيعاب مختلف المبادرات نظرا لقوة الفكرة الديمقراطية التي يحملها وواقعية المضامين المؤطرة له، والتي توفر إطارا للعيش المشترك تحت السيادة المغربية.
وأعلن المجلس الوطني رفض حزب الاستقلال لكل المحاولات الرامية إلى إرباك مسار التسوية السياسية في إطار الأمم المتحدة، كيفما كان نوعها ومصدرها، بما فيها تلك المتعلقة بتوسيع صلاحيات المينورسو، ويؤكد على ضرورة مواصلة تقوية وتماسك الجبهة الداخلية، والتحلي بدرجة عالية من اليقظة والجاهزية على الواجهات: الأممية والأفريقية والأوروبية، من أجل مواجهة مناورات خصوم وحدتنا الترابية والدفاع عن المصالح العليا لبلادنا على المستويين الإقليمي والدولي.
ودعا حزب الاستقلال صحراويي مخيمات تندوف للتحلي بالواقعية، وعدم الاستمرار في الانسياق وراء الأوهام، ويدعوهم إلى الالتحاق بأرض الوطن ووضع حد للظروف الإنسانية الصعبة المفروضة عليهم، والمساهمة في المسار الديمقراطي ببلادنا، والانخراط في مشروع الحكم الذاتي في ظل السيادة الوطنية، بوصفه مشروعا ديمقراطيا بامتياز يتيح مشاركة واسعة في اتخاذ القرار وفي بلورة وتنفيذ السياسات العمومية، مشددًا على ضرورة التسريع بإعطاء الصدارة للأقاليم الجنوبية في تنزيل الجهوية المتقدمة في أفق وضع الشروط الضرورية لمنح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم في إطار السيادة الوطنية.
كما يثمن الدينامية التنموية المبذولة في أقاليمنا الصحرواية من خلال النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس، والتي بدأ المواطنين يستشعرون وقعه على معيشهم اليومي وفي مختلف المجالات.
وسجل المجلس الوطني اعتزازه بالدور الكبير الذي يلعبه المنتخبون الاستقلاليون في الأقاليم الجنوبية، وفي تعزيز القدرة التفاوضية للموقف المغربي أثناء لقاءات جنيف التي يشرف عليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كوهلر، من خلال المشاركة الفعالة للقيادي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء إلى جانب ينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، منوها باللقاء التاريخي الذي نظمه الحزب بمدينة العيون، وكذا اللقاءات الناجحة في كل من بوجدور والسمارة والداخلة، والتي وجهت رسائل واضحة مفادها تشبث الأغلبية المطلقة للصحراويين بمغربية الصحراء وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد.
وحمل المجلس الوطني للحزب ذاته الحكومة المسؤولية فيما يتعلق بتعطيل المسار الديمقراطي للمغرب من خلال عدم قدرتها على ترجمة وتملك روح وجوهر الاختيار الديمقراطي الذي كرسه دستور 2011، والذي لم ينعكس على مختلف التشريعات، واستفرادها بالقرار في ظل تغييب واضح لروح الحوار والنقاش العمومي والتشاور في القضايا الحيوية والمجتمعية، وتجميد الديمقراطية التشاركية، وكذا مسؤوليتها الواضحة في تعميق أزمة الثقة في مؤسستي الحكومة والبرلمان جراء الصراعات السياسية والانتخابوية بين مكوناتها.
ودعا المجلس الوطني إلى وضع حد فوري للأزمة السياسية داخل مكونات الأغلبية الحكومية، والانكباب على حل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المملكة المغربية وتقديم التدابير والحلول الاستعجالية والهيكلية لمعالجة الاختلالات، وذلك للحفاظ على ما تبقى من رأسمال الثقة في مؤسساتنا، والآمال في العيش اللائق تحت سقف الوطن، داعيا الحكومة المغربية إلى ضرورة تحصين المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال حقوق الانسان، ووضع حد لبعض الانزلاقات والممارسات التي لا تتماشى مع جوهر وروح دستور 2011 والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المغرب، منبها إلى التراجعات الخطيرة التي همت الوضعية الاجتماعية للمواطنين، و تزايد حالة الاحتقان الاجتماعي وتصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية، وانحدار القدرة الشرائية للأسر، وضعف الحماية الاجتماعية للمواطنين.
ويعبر المجلس الوطني عن قلقه إزاء خطورة تعطيل الانتقالات الحقوقية والديمقراطية والحكاماتية والمجتمعية التي تعرفها بلادُنا، وعدم استكمال البناء المؤسساتي والدستوري من خلال عدم التفعيل الأمثل لورش الجهوية المتقدمة وميثاق اللاتركيز الإداري و عدم التخفيف من المركزية المفرطة، وتأخر إصدار القوانين التنظيمية بالرغم من مرور الآجال التي حددها الدستور بأكثر من 3 سنوات، ولا سيما فيما يتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وحق الإضراب، والدفع بعدم دستورية القوانين، وميثاق المرافق العمومية، مثمنا مبادرات الملك محمد السادس الرامية إلى انتشال الأداء الحكومي من الانتظارية والتردد والبطء، من خلال إطلاق وتتبع العديد من الأوراش الإصلاحية ذات الأولوية، من قبيل سياسة الماء، والتكوين المهني والتشغيل، والحماية الاجتماعية، وإصلاح السياسة الفلاحية.
وكما أعرب المجلس الوطني عن عميق أسفه إزاء الأحكام الثقيلة التي شملت المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وتتطلع بكل أمل إلى معالجة هذا الملف وطيه بشكل نهائي في مستقبل الأيام بما يحدث الانفراج ويدخل الفرحة في قلوب أسر المعتقلين، كما يؤكد على ضرورة استكمال المصالحة المجالية ومواصلة تنفيذ البرامج التنموية وتوفير فرص الشغل والنهوض بالوضعية الاجتماعية لساكنة الحسيمة.
ويطالب المجلس الوطني بإعمال الفصل 101 من الدستور ويدعو الحكومة الى تقديم الحساب أمام البرلمان من خلال تقديم حصيلة عملها لنصف الولاية والتي تتميز بضعف كبير وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المعلنة، والتراجع الواضح للثقة في الاقتصاد الوطني وانخفاض الاستثمارات الأجنبية واستمرار الفقر والهشاشة وضعف الخدمات والحماية الاجتماعية.
ويجدد المجلس الوطني التأكيد على موقف الحزب الثابت من مشروع قانون الإطار حول التعليم انطلاقا من مرجعيتنا في التعادلية الاقتصادية والاجتماعية ويؤكد على ضرورة الالتزام بالثوابت الجامعة للأمة المغربية، وإعطاء الصدارة للغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، مع تعزيز اللغة العربية وتنمية استعمالها و التعجيل بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذلك وفق ما جاء به الدستور، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية الأكثر تداولا للولوج إلى مجتمع المعرفة، والعمل على التسريع بإخراج القانونين التنظيميين للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة، وتفعيل أكاديمية محمد السادس للغة العربية ، وكذا إدماج التنوع الثقافي وتثمين الإرث الحضاري للهوية الوطنية بمختلف روافدها وتقوية روح الانتماء والإنسية المغربية.
ويعتبر المجلس ذاته أن النقاش حول إصلاح منظومة التعليم والتربية والتكوين لاينبغي ان ينحصر فقط في البعد الهوياتي بل يتعين الانكباب على ضمان الشروط الأساسية للنهوض بالتعليم العمومي وبجودة المدرسة العمومية وإعمال مبدأ تكافؤ الفرص وجعلها وسيلة لضمان الارتقاء الاجتماعي والانكباب على مراجعة المقررات والمضامين والمناهج البيداغوجية والانتقال من التركيز على التلقين والحفظ والتخزين إلى التركيز على إذكاء حس النقد والملاحظة وتملك الأدوات المنهجية وآليات التحليل وتشجيع الإبداع.
ويذكر أن المجلس الوطني لحزب الاستقلال جدد رفضه المطلق للتعليم الطبقي والفئوي بالمغرب، مطالبًا بتقليص الفوارق بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، وبين التعليم في المدن والعالم القروي بالإضافة إلى العمل على الحد من الفوارق على مستوى الهوة الرقمية بين الجهات والمجالات الترابية على المستوى الوطني.
قد يهمك أيضاً :
تطور جديد بشأن مقترح زيادة 600 درهم في أجور الموظفين
لفتيت وموغيريني يُناقشان سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر