أبرز رئيس هيئة مراقبة التأمين والاحتياط الاجتماعي حسن بوبريك، أن معدل الخصوبة في المغرب سجل تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح بوبريك، في كلمة له خلال منتدى حول “التخطيط للتقاعد وضرورة تهيئة المتقاعدين الجدد” الذي نظم الاثنين في الرباط، أن نسبة عدد السكان الذين تفوق أعمارهم 60 سنة ستعرف ارتفاعا مهما خلال السنوات العشرين المقبلة، مبرزا أنه “سيشكل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني وكذا لأنظمة الحماية الاجتماعية”.
وكانت شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة حول توقعات السكان في العالم 2019، رصدت في تقرير حديث لها تراجع نسبة الخصوبة بالمملكة، قائلة إنه في الوقت الذي كانت فيه هذه النسبة تتراوح ما بين 2.1 و4 بالمائة عام 1950، فمن المتوقع أن تتراجع إلى ما بين 1.5 و2.1 بالمائة في حدود 2050.
وفي ما يتعلق بالنسبة المئوية للسكان الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، الذين كانوا يشكلون أقل من 5 بالمائة في عام 1950، فقد ارتفعت في 2019 إلى ما بين 5 و10 بالمائة، ومن المتوقع أن ترتفع في أفق 2050 لتفوق 15 بالمائة في الأقاليم الشمالية، وتتراوح ما بين 10 و15 بالمائة في الأقاليم الجنوبية.
وسبق أن كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن المغرب دخل في تحول ديمغرافي منذ سنة 2010، حيث بدأ معدل الخصوبة يتراجع سنة بعد سنة.
وأشارت المندوبية أنه سجل تزايد طفيف في 2011 مقارنة بـ 2004، بعدما انتقلت من 2,5 إلى 2,59 طفل لكل امرأة، قبل أن تتراجع مجددا إلى 2,38 طفل لكل امرأة في 2018.
وقالت المندوبية ان الخصوبة في المغرب انخفضت بشكل ملحوظ منذ بداية الستينات. فقد انتقلت من 7,2 طفل لكل امرأة سنة 1962 إلى 3,28 سنة 1994، و2,47 سنة 2004 ثم 2,19 سنة 2010، قبل أن تعرف استقرارا نسبي (2,20 طفل لكل امرأة) سنة 2014.
أقرأ أيضا :
الملك محمد السادس يحل بمدينة طنجة لتدشين الميناء المتوسطي الثاني
وحسب المندوبية، انخفضت الخصوبة في المجال القروي من 6,91 سنة 1962 إلى 4,25 سنة 1994، ثم إلى 3,06 سنة 2004، وبعدها إلى 2,70 سنة 2010 و2,55 سنة 2014. بينما في المجال الحضري، انخفضت على التوالي من 7,77 إلى 2,56، ثم 2,05 و1,80 قبل ارتفاع طفيف إلى 2,01 أطفال لكل امرأة سُجل سنة 2014.
غير أن هذا التراجع توقف، لأن المعدل التركيبي للخصوبة المنبثق من الإحصاء العام للسكان والسكنى 2014 (2,21 طفل) هو أكثر بقليل من المعدل المسجل في البحث الوطني الديمغرافي متعدد الزيارات 2009-2010 (2,19 طفل) نظرا للتزايد الطفيف للخصوبة في الوسط الحضري( 1,8 مقابل 2,01 أطفال) (الشكل 1). وفق أرقام المندوبية.
وحسب المندوبية فإن الاتجاه التنازلي للخصوبة يرجع، أساسا، إلى عاملين رئيسيين. أولا إلى تراجع سن الزواج الأول، والذي انتقل في المتوسط من 17,3 سنة عند النساء في 1960 إلى 25,7 سنة في 2014. ثم للدور الهام الذي يلعبه منع الحمل. والذي كان يقدر بـ 19,4% في بداية سنوات الثمانينات، ولم يتوقف عن الارتفاع حى بلوغ 70,8% سنة 2018.
بالإضافة إلى ذلك، فقد سجلت المندوبية، أن سن الزواج الأول عند المرأة يتغير وفقًا للظروف من خلال الاستجابة للأزمات، خصوصا أزمات القوام أو الظروف الاقتصادية المواتية، وتنخفض الخصوبة أو تزيد تبعًا لذلك. ذ
وهكذا، فحسب المندوبية، قد تلاشت الزيادة الإجمالية في سن الزواج الأول عند المرأة المغربية منذ سنة 2004، حيث انخفضت من 26,3 سنةفي 2004 إلى 25,7 سنة في 2014 و25,5 سنة في 2018.
وقد لوحظ هذا الانخفاض عند النساء القرويات، حيث انتقل من 25,5 سنة في 2004 إلى 24,8 سنة في 2014 و23,9 سنة في 2018.
في المقابل، بالنسبة للمرأة الحضرية، تم تسجيل بداية تصاعد سن الزواج الأول في 2018، حيث انتقل من 27,1 سنة في 2004 إلى 26,4 سنة في 2014 و26,6 سنة في 2018.
وأوضحت المندوبية أن معدلات الخصوبة حسب سن المرأة تكشف أنه طرأ ارتفاع طفيف لهاته المعدلات، ما بين 2004 و2014، عند النساء البالغات من العمر أقل من عشرين سنة سواء في الوسط الحضري أو الوسط القروي. أما ارتفاع الخصوبة لدى النساء البالغات من العمر أزيد من 35 سنة لم يخُص سوى الوسط الحضري وهَمّ شبه جل المدن الكبرى.
وكشفت المندوبية “ان هذا الارتفاع في الوسط الحضري قد يرجع لكون أن النساء في الوسط الحضري يملن إلى تأجيل مشروع الزواج، مؤقتا، ويفضلن، أولا، تحقيق الذات والحصول على استقلال مالي. وللقيام بذلك، يخترن مواصلة دراستهن والحصول على عمل. هذا يمكن أن يفسر كون أنهن يتزوجن، نسبيا، متأخرات. ومع ذلك، فبمجرد الارتباط تصبح مسألة الخلف أولوية بسبب الضغوط البيولوجية بحيث أنه بالإضافة إلى مخاطر تعقد الحمل، فإن خصوبة المرأة تنخفض مع التقدم في السن”.
بالمقابل، فإن ارتفاع معدل الخصوبة عند اللواتي يبلغن أقل من 20 سنة خصّ في نفس الوقت وسطين الإقامة الاثنين علما أن الخصوبة عند هاته المجموعة العمرية تعتبر دائما منخفضة.
وإذا كانت هاته الوضعية، نسبيا، مفهومة بالنسبة للوسط القروي نظرا للعادات والتقاليد التي تميزه، فإنها تظل مفاجئة للوسط الحضري. فللوهلة الأولى، وعلما أن العلاقات الجنسية والولادات هي غير مقبولة إلا في إطار الزواج، فهذا يعني أن نسبة النساء غير العازبات في هاته المجموعة قد ارتفعت، منتقلة من 6% سنة 2004 إلى 7% سنة 2014، ومن 5% إلى 6% في الوسط الحضري ومن 8% إلى 9% في الوسط القروي.
وقد ارتفعت نسبة النساء المتزوجات من 52,8% إلى 58% ما بين 2004 و2014. وخلال نفس الفترة، انتقل متوسط سن الزواج الأول عند النساء من 26,3 إلى 25,8 سنة.
وأوضحت المندوبية ان هذا الوضع، يرجع إلى الارتفاع الهام لنسبة الشابات المتزوجات. مشيرة الى انه قد ارتفع معدل النساء غير المتزوجات اللائي تتراوح أعمارهن بين 20 و 24 سنة من 38,7% في سنة 2004 إلى 47%في سنة 2014. وهذه الزيادة الإجمالية هي نتيجة لتلك المسجلة في الوسط الحضري و لأخرى أكبر في الوسط القروي. أيضا، ارتفع هذا المعدل بشكل طفيف عند الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 29 ما بين 2004 و2014 من 31,3% إلى 32,6%. وهذا ناتج عن زيادة قدرها 4 نقاط مئوية على المستوى الحضري وانخفاض طفيف قدره 1,5 نقطة مئوية على المستوى القروي.
وكشفت المندوبية ان الخصوبة ارتفعت عند المجموعة العمرية 15-19 سنة سواء في المدن الكبرى أو في الوسط القروي. فقد ارتفعت بنسبة 41% في طنجة، 35% في الدار البيضاء، 24% في مكناس و5% في الرباط – سلا.
وبخصوص المجموعة العمرية 35 سنة فما فوق، وباستثناء مدينة فاس، حيث معدل الخصوبة انخفض، فقد سجل ارتفاع يقدر بنسبة 12% في مدينة مراكش، 11% في الرباط – سلا وحوالي 7% في الدار البيضاء.
في المقابل، في الوسط القروي، وبالنسبة لنفس المجموعة، عرفت الخصوبة انخفاضا يقدر بحوالي 23%. أما باقي المجموعات العمرية، من 20 إلى 34 سنة، فعلى العموم انخفضت الخصوبة باستثناء طنجة التي سُجل بها ارتفاع بـ 6% عند المجموعة العمرية 20-24 سنة.
تشير بعض الدراسات الحديثة إلى بداية استقرار الخصوبة أو حتى أحيانا بداية ارتفاع مسجلة في بعض مناطق العالم، خصوصا، في الدول العربية.
في سنة 2015، عرفت بعض الدول ارتفاعا غير عادي للخصوبة خلال الفترة 2005-2015. فهو، نسبيا، أضعف في تونس والمغرب لكنه استمر في الجزائر حيث ارتفعت الخصوبة من 2,4 إلى 2,9 طفل لكل امرأة ما بين 2000-2005 و2010-2015. كما استقر تراجع الخصوبة في العراق والأردن. وفي مصر، انتقل المؤشر التركيبي للخصوبة من 3,0 إلى 3,5 ما بين 2008 و2014. هاته الزيادات كانت مسبوقة بتباطؤ في معدل انخفاض الخصوبة.
في المغرب، النتائج الأولية للبحث الوطني حول السكان وصحة الأسرة (2018) تشير إلى أن الخصوبة تسجل انخفاضا مقارنة مع بحث 2011 (الشكل 4).
إن تطور الخصوبة في المغرب من خلال البحوث الديمغرافية والصحية يبين أنه بعدما تراجعت الخصوبة بشكل متواصل منذ سنين، فقد سجلت تزايد طفيف في 2011 مقارنة بـ 2004، بعدما انتقلت من 2,5 إلى 2,59 طفل لكل امرأة، قبل أن تتراجع مجددا إلى 2,38 طفل لكل امرأة في 2018.
ورغم هذا الانخفاض المسجل، فيبقى هذا المعدل الأخير أعلى من المسجل في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 (2,21 أطفال).
وقد يهمك أيضاً :
برهم صالح يؤكد أن الشرق الاوسط لا يحتاج الى حرب جديدة
برهم صالح ينفي دخول العراق في نزاع مع أي دولة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر