كثفت الجزائر, أخيرًا, لقاءاتها مع الأوروبيين والأميركيين والروس, لتسطير رؤية واضحة حول الأزمة الليبية, من خلال الارتكاز على بنك معلومات متبادل حول التطرف والانتشار الرهيب للسلاح في المنطقة.وخيّمت مسألة مكافحة التطرف وضرورة تبادل المعلومات حول المقاتلين الأجانب, على المحادثات بين الجزائر والفيدرالية الروسية ضمن أعمال الدورة الثانية للمشاورات بين البلدين. واستعرض الوفدان, خطورة التهديد الإرهابي على الصعيدين الإقليمي والدولي بما في ذلك التطرف المعلوماتي والجريمة الإلكترونية.
وأبدت كل من الجزائر وروسيا مخاوفها من تهديدات المتطرفين الأجانب على أمن واستقرار الدول وكذا السلم والأمن الدولي. وفي وقت سابق, تصدَّر ملف عودة المقاتلين الأجانب إلى ليبيا ومنطقة الساحل من الشرق الأوسط على مباحثات الوزير عبد القادر مساهل مع وفد أميركي أمني يتبع للكونغرس، في الجزائر وواشنطن, وأيضًا شكَّل هذا الملف وقضايا الهجرة غير الشرعية والاتفاقيات الأمنية في مجال مكافحة التطرف عبر البحر المتوسط شكلت محادثات موغريني مع الجانب الجزائري.
ويعوّل الأوروبيون والأميركيون الروس على الدول التي تعاون الجزائر في حل الأزمة الليبية, ومكافحة التطرف خاصة وأنها تملك بنك معلومات ثري حول التنظيمات المتطرفة في المنطقة والخبرة التي اكتسبتها خلال فترة العشرية السوداء. وتواجه الجزائر مهمة دبلوماسية صعبة بالنظر إلى الانفلات الأمني القائم في ليبيا, وسيشرع, الأربعاء, وزير الشؤون المغاربية الجزائري, عبد القادر مساهل, في جولة إلى عدد من المناطق الليبية في شرق وغرب البلاد، كأول وزير اختار الميدان للملمة شتات الفصائل السياسية المتناحرة وأيضًا استطلاع حقيقة الوضع عن كثب.
وقال رئيس لجنة السلم والمصالحة الوطنية, أحمد ميزاب, في تصريحات صحافية لـ "المغرب اليوم" إن هذه الجولة التي سيقوم بها عبد القادر مساهل, ستكون تكملة للقاءات التي باشرتها في أكتوبر / تشرين الأول 2016, حيث تم استقبال عدة شخصيات في الجزائر, فلا يمكن لها أن تحدد الأطر العامة للحوار بدون أن تلتقي بالفاعلين والمعنيين الرئيسيين في هذه القضية, ليتم بعدها جمعهم على طاولة الحوار.
وأكّد المتحدث، سعي الجزائر إلى محاولة جمع الفرقاء الليبين على طاولة الحوار, ثم البحث عن حلول لظاهرة انتشار السلاح الرهيب في المنطقة والذي بات يشكل تهديدًا خطيرًا عليها وعلى دول الجوار الليبي, وبعدها التحضير لمرحلة انتقالية يتم التوافق عليها بين الفرقاء اللليبين, مضيفًا أن الجزائر ترفض أي تدخل عسكري في المنطقة, لأن هذا الأمر عقد الأمور كثيرًا، فالجزائر متمسكة بالحل السياسي.
وأضاف أحمد ميزاب أن القضية الليبية باتت تشكل مصدر قلق كبير للعديد من الدول بالنظر إلى تواجد ما يقارب 8 آلاف متطرف في ليبيا, يهددون دول الجوار, مفندا التصريحات الأخيرة التي أدلى بها قائد “أفريكوم” حول تقلص أعدادهم إلى بضع مئات. ورصد ميزاب أربع بؤر سوداء موزعة على الشريط الحدودي الجزائري، تستدعي الحيطة والحذر وتتمثل في المثلث الحدودي (تونس- الجزائر- ليبيا)، المثلث الحدودي (النيجر- ليبيا- الجزائر) والمثلث الحدودي (مالي- موريتانيا- الجزائر)، إضافة إلى منطقة الممتدة من الشعانبي في تونس إلى المناطق الجبلية المتاخمة للشعانبي في الجزائر، حيث وصفها بالمناطق عالية الخطورة.
وأكد الخبير الأمني الاستراتيجي، في دراسة سابقة أجراها، استمرار خطورة السلاح الليبي الذي لا يزال يشكل خطوة فقد وصل لمختلف المواقع المتأزمة في الجوار الليبي وبؤر التمرد في المنطقة، كما أنه وصل تنظيم القاعدة الجزء الأكبر منها، ووزع التوتر في عدة بؤر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر