كشف مصدر أمني جزائري مطلع أن السلطات الأمنية الجزائرية أعلنت حالة التأهب القصوى وفرضت إجراءات رقابية أمنية جد مشددة على مستوى كافة المطارات الدولية والموانئ وحتى المعابر الحدودية البرية التي تربط الجزائر بـ6 دوار محاذية لها، وذلك تحسبًا لاحتمالات واردة جدًا في عودة الإرهابيين الجزائريين الذين يقاتلون مع مختلف التنظيمات الإرهابية بكل من سورية وليبيا والعراق وحتى اليمن إلى الجزائر للقيام بعمليات إرهابية داخل التراب الجزائري، كما حدث في العقد الأخير من القرن العشرين مع "المجاهدين العائدين من أفغانستان"، وتجددت مخاوف السلطات الجزائرية بعد الضربات الموجعة التي بات يتلقاها إرهابيو "داعش" في مناطق كانت تعتبر معاقل حقيقية لهم في كل من سورية وليبيا والعراق.
و أكد المصدر، أن "خطر المقاتلين الجزائريين العائدين من جبهات القتال يمثل التحدي الأمني الأبرز في الجزائر في الوقت الراهن،و أنه يستوجب تطويق هذا الخطر الذي يشكل أولوية بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية المختلفة في الجزائر".و أضاف أن "التقديرات تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد في العام الجديد تغييرات جذرية، لجهة محاربة الإرهاب بلا هوادة،و الجزائر تدرك أن عدداً كبيراً من الجزائريين منخرط في جبهات القتال، خصوصاً في سورية والعراق وليبيا واليمن، وهؤلاء سيسعون إلى العودة في حال هُزمت فصائلهم في مناطق النزاعات إلى الجزائر وهو الأمر الذي بدأت ملامحه تظهر وتتجلى للعيان لا سيما في العراق وسورية وليبيا".
و كانت السلطات الأمنية الجزائرية قد درست بإسهاب كبير تزايد احتمالات محاولة بعض العناصر الإرهابية المتطرفة التسلل إلى داخل الجزائر، وسارعت إلى وضع خطط استباقية للتصدي لهذا التحدي الأمني الجاد. واستنادًا لمصدرنا فإن المشكلة تكمن في أن كل الجبهات باتت مفتوحة على احتمالات التسلل، من الشرق ومن الجنوب من الغرب وحتى من وراء البحار. وتمثل الحدود البرية الشرقية والجنوبية للجزائر التحدي الأبرز بسبب امتدادها وانفلات الأوضاع في ليبيا مع توترات قليلة نسبيًا في تونس وأوضاع أمنية ملتهب، ويضطلع الجيش بالجهد الأكبر في تأمينها.
و أوضح مصدرنا إن السلطات الجزائرية وكخطوة احترازية منها قامت باتخاذ جملة من الإجراءات الأمنية للتعامل مع احتمال عودة عناصر جزائرية من تنظيمات إرهابية تنشط في سورية وليبيا والعراق واليمن، فرارًا من الحملات العسكرية ضد تلك التنظيمات بمناطق التوتر المذكورة سابقًا".و من بين تلك التدابير الأمنية: تشديد الرقابة على الحدود البرية للجزائر مع 6 دول هي ليبيا، تونس، المغرب، موريتانيا، مالي والنيجر وفرض رقابة أمنية مسددة على المطارات والموانئ لمنع احتمال تسلل هؤلاء العائدين من بؤر التوتر المعروفة والتواصل مع عائلات وأقارب المقاتلين لإقناعهم بتسليم أنفسهم أو التأكد من مقتلهم، وفرض رقابة مشددة على شبكات التواصل الاجتماعي وبخاصة "الفيسبوك"و"تيليغرام" و"تويتر"، ومتابعة نشاط شبكات تجنيد المقاتلين السرية.
هذا وتتعامل السلطات الجزائرية جديًا مع التهديد الذي أضحى يمثله احتمال عودة إرهابيين جزائريين من أعضاء تنظيمي "داعش" و"النصرة" الإرهابيين في سورية وتنظيم "داعش" بليبيا والعراق وحتى الإرهابيين الجزائريين الموجودين في اليمن إلى الجزائر. إلى جانب تخوف السلطات الجزائرية من احتمال أن يتسلل إليها إرهابيون من جنسيات أخرى من تونس والمغرب ومواطني الدول الأوروبية من ذوي الأصول العربية.
الجزائر قد تتحول من منطقة عبور إلى منطقة استيطان للإرهابيين
و حذر ذات المصدر من إمكان أن تتحول الجزائر في الأشهر القليلة المقبلة من منطقة عبور للإرهابيين من مختلف الجنسيات إلى معقل لاستيطان الإرهابيين من مختلف الجنسيات سواء العربية أو الإفريقية أو الأوروبية، وذلك بسبب اتساع مساحتها-حيث تعتبر أكبر بلد أفريقي وعربي والعاشر عالميًا من حيث المساحة الجغرافية-و موقعها الجيوستراتيجي المهم حيث تتوسط شمال أفريقيا وهي همزة وصل بين أفريقيا وأوروبا.
شبكات التجنيد والتسفير السرية أخطر ما تعانيه المصالح الأمنية في الجزائر
وأشار مصدرنا الأمني إلى أن "أجهزة الأمن الجزائرية بفروعها المختلفة للتحقيقات وعمليات التحري قد كثفت في الآونة الأخيرة من متابعة وترصد تحركات وأنشطة شبكات تجنيد الشباب الجزائري لصالح التنظيمات الإرهابية السرية، إذ تأكدت الأجهزة الأمنية من أن الشبكات السرية لتجنيد الإرهابيين تساهم في تسهيل تسلل أجانب إلى الجزائر، بل وتسهل تنقلهم داخلها بكل أريحية". وما كشف نفس المصدر أنه في العام الماضي فقط أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن تفكيك 6 شبكات لتجنيد "سلفيين جهاديين".و أنه وخلال العام الجاري تمكنت مصالح الأمن الجزائرية من تفكيك عدد من شبكات تجنيد وتسفير الجزائريين إلى بؤر التوتر بكل من سورية وليبيا.
عدد المقاتلين الجزائريين في صفوف التنظيمات الإرهابية بالخارج لا يتعدى 100 مقاتل
أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، أن الجزائريين من أقل الجنسيات المقاتلة في ليبيا ضمن ما يسمى تنظيم "داعش" الإرهابي. وقال مساهل خلال كلمة له بندوة "حرية المعتقد في الجزائر"بمقر وزارة الخارجية الجزائرية، عن الجولة التي قادته إلى خمس محطات في ليبيا أخيرا، أنه التقى في مصراتة مع مسؤولين عسكريين من قوات البنيان المرصوص والقادة الذين حرروا مدينة سرت من تنظيم "داعش" الإرهابي وأبلغوه أن هناك جزائريًا واحدًا من بين مئات المقاتلين الأجانب في المنطقة.
أما وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة، فقد أشار إلى أن عدد الجزائريين الملتحقين بتنظيمات إرهابية في مناطق التوتر خارج الجزائر، خصوصاً في سورية، لا يتجاوز بضع عشرات. وقال لعمامرة، في حوار لإذاعة الجزائر الدولية، إن "كل السلطات والتقارير عبر العالم تؤكد أن عدد الجزائريين في التنظيمات الإرهابية، على غرار تنظيم "داعش" الإرهابي لا يتجاوز بعض عشرات فقط، هم عموماً من الجالية الجزائرية في الخارج". وعزا الوزير لعمامرة قلة عدد الجزائريين الملتحقين بمناطق التوتر إلى "إنجاح التجربة الجزائرية والثقافة السياسية الجزائرية التي تعتبر التطرف العنيف انتحاراً جماعياً لا علاقة له بالإسلام"، على حد قوله. وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، قد قدر، مؤخرًا،عدد الجزائريين الذين التحقوا بتنظيم "داعش" بنحو مائة.
ووفقًا لوزير الشؤون الدينية الجزائري، فإن "عدد المقاتلين الجزائريين في صفوف التنظيمات الإرهابية بالخارج لا يتعدى 100 مقاتل، وهو عدد قليل مقارنة بدول أخرى". ذات الوزير أضاف، في تصريحات صحافية، أن "وسائط التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، وليس المسجد، هي الوسيلة المستعملة من طرف التنظيم الإرهابي "داعش" لتجنيد الشباب".
تقارير دولية تؤكد عدد الجزائريين في صفوف "داعش" بنحو 260 شخصًا
و عكس تقديرات السلطات الجزائرية حول عدد الجزائريين المقاتلين في صفوف التنظيم الإرهابي "داعش" ، تقدر تقارير دولية عدد الجزائريين الملتحقين بتنظيم "داعش" بنحو 260 شخصاً. وأعلن الأمن الجزائري، في وقت سابق، اعتقال شبكات على صلة بتنظيم "داعش" تعمل على تجنيد واستقطاب الشباب بهدف إرسالهم إلى سورية وليبيا للقتال.
وحذّر الجزائري إسماعيل شرقي، مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، في ديسمبر الماضي، من عودة قرابة ألفين و500 إرهابي ينشطون حاليًا في الشرق الأوسط إلى دولهم في أفريقيا وأوروبا. فخلال افتتاح ملتقى إفريقي حول الإرهاب في مقر وزارة الخارجية الجزائرية بالعاصمة، قال شرقي إن "هناك تهديدات أمنية كبيرة ومعقدة للقارة الإفريقية، لا سيما وسط المخاوف من عودة نحو ألفين و500 إرهابي من سورية واليمن والعراق إلى أوروبا أو مواطنهم الأصلية في إفريقيا"، مضيفًا أن "هناك معلومات تفيد بوصول العديد من هذه العناصر إلى
القارة الإفريقية من اليمن عبر الصومال".
توقيف داعشيان جزائريان عائدان من سورية بوهران وتفكيك شبكة لتجنيد الجزائريين
و في موضوع ذا صلة، تمكنت مصالح الشرطة القضائية التابعة لأمن ولاية وهران-غرب الجزائر،من توقيف شخصين تتراوح أعمارهما ما بين 19 و25 سنة،كانا ينشطان ضمن تنظيم "داعش" الإرهابي بمناطق القتال بسوريا وليبيا. وبحسب ذات المصدر فإن الإرهابيان الموقوفان تم ترصد تحركاتهما بحي الصباح بوسط مدينة وهران الساحلية، على إثر ورود معلومات مؤكدة إلى المصالح الأمنية الجزائرية تفيد بوجود شخصين مشبوهين في وهران عادا لتوهما من مناطق التوتر في سورية وليبيا، أين كانا ينشطان في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي وأنهما قد شاركا في عدد من العمليات الإرهابية والاعتداءات الإجرامية بمناطق متفرقة من سورية وليبيا قبل عودتهما إلى الجزائر هذا وقد تم ،في شهر نيسان/أبريل الماضي، تفكيك شبكة لدعم وتجنيد الشباب الجزائري للالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي "داعش" في سوريا،أين تم إلقاء القبض على 4 أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 19 و56 سنة، من بينهم المتهم الرئيسي والمسؤول الأول في تجنيد وتسفير الشباب الجزائري إلى سورية للقتال في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي،و هو كهل في العقد الخامس من عمره، كان يستعين في ترغيب وتجنيد الجزائريين بوسائل الاتصال الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي" الفيسبوك" و"تيليغرام" و"تويتر" لربط اتصالاته مع الشباب الجزائري المغرر بهم.
فيما تم توقيف 3 أشخاص آخرين كانوا بصدد السفر إلى سورية للالتحاق بالتنظيم الإرهابي المذكور آنفًا،بعد مداهمة أمنية لمنازل الموقوفين الكائنة بوسط مدينة وهران، حيث تم ضبط وحجز أجهزة إعلام آلي وأقراص مضغوطة تحتوي على صور ومقاطع فيديو تشيد بتنظيم "داعش" وبأعماله الإرهابية ،كما تم حجز جوزات سفرهم المعدة للسفر.
عدد المقاتلين الأجانب في صفوف "داعش" في سورية والعراق ما بين 27 ألفًا و31 ألفًا
أفادت دراسة حديثة نشرتها مجموعة "سوفان" الأميركية،أنه قد سافر ما بين 27 ألفًا و31 ألفًا من الأجانب إلى سورية والعراق للمشاركة في "الجهاد" في صفوف التنظيم الإرهابي "داعش". وجاء هؤلاء من نحو 86 بلدًا من مختلف قارات العالم، أغلبهم من دول آسيوية (النصف تقريبًا) تليها دول أفريقية (الثلث تقريبًا) ثم دول أوروبية (أقل من الربع).
فيما تقدر دراسات أخرى، وتقارير إعلامية مختلفة أن نحو ثلث هذا العدد ربما ترك مناطق القتال عائدًا إلى بلده الأصلي أو بلدان أخرى، ما يعني أن هناك نحو 20 ألفًا من المقاتلين الأجانب في سورية والعراق. وكانت دراسة مجموعة سوفان قدرت الدول التي جاء منها أغلب المقاتلين الأجانب في صفوف الجماعات الإرهابية، ووضعت ترتيبا تتقدمه تونس ثم السعودية ثم روسيا ثم الأردن ثم تركيا ثم فرنسا ثم المغرب ثم لبنان ثم مصر ثم ألمانيا.
أكثر من 6 آلاف مقاتل تونسي في صفوف التنظيمات الإرهابية
تعتبر تونس-البلد العربي الأفريقي الصغير والهادئ والمشهود لشعبه بالوداعة والطيبة والضيافة- المصدر الرئيسي للإرهابيين في سورية والعراق القادمين من القارة الإفريقية بحسب مجموعة"سوفان" الإمريكية، وحسب تقديرات مختلفة هناك أكثر من 6 آلاف مقاتل تونسي بين صفوف التنظيمات الإرهابية هناك. ناهيك عن نحو 5 آلاف تمكنت السلطات التونسية من منعهم من السفر للانضمام لتلك التنظيمات الإرهابية، لكنهم يظلون يشكلون خطرًا على تونس ودول الجوار كالجزائر ومصر وغيرهما.
وتعاني تونس فعليًا من آلاف الإرهابيين الموجودين فيها، والذين ساهم حكم الإسلاميين ما بعد ثورة جانفي 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي في تقوية شوكتهم حتى أن "حزب التحرير" المعروف بتوجهاته المتطرفة أصبح قانونيًا في تونس.و هو الحزب الذي دعا قوات الجيش التونسي الى عدم تنفيذ قرار رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي المتعلق بتأمين المنشآت الاقتصادية مطالبًا بالعصيان. هذا ومن شأن عودة المقاتلين التونسيين من سورية والعراق أن يزيد من تحديات مواجهة الإرهاب في تونس، التي ما زالت تعاني من وضع سياسي واقتصادي وأمني هش.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر