ركّزت التشكيلات السياسية, التي أعلنت عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية الجزائرية المقرر تنظيمها في الرابع من مايو/ آيار المقبل, منذ انطلاقة الحملة الانتخابية, الأحد الماضي, على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد, وحاولت تقديم مجموعة من البدائل للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة جراء تدهور أسعار البترول في الأسواق العالمية.
وتعهدت أغلب الأحزاب السياسية, في حالة فوزها من تحرير الجزائر من تبعية النفط والاقتصاد الريعي, فمنذ أكثر من عامين تقريبا, والجزائر تعاني من أزمة اقتصادية, جراء تدهور أسعار النفط وتقلص عائداتها من النقد الأجنبي, خاصة وأن الموازنة العامة للبلد تعتمد بأكثر من 50% على عائدات النفط، الذي يشكل بدوره أكثر من 95% من الدخل الإجمالي لهذا البلد.
ويعتبر برنامج التجمع الوطني الديمقراطي, ثاني قوة سياسية في البلاد, في الشق الاقتصادي, على تسريع وتيرة الانتقال الديمقراطي, دافع فيه عن المبادئ السياسية التي تعود مدير ديوان الرئاسة الجزائرية, التسويق لها في خرجاته الإعلامية أبرزها حماية السيادة الاقتصادية من خلال رفض اللجوء إلى المديونية الخارجية والحفاظ على ميزان مدفوعات البلد، ضمان معاملة عادلة للمؤسسات الجزائرية العمومية منها والخاصة، طبقا لأحكام الدستور والقوانين ذات الصلة، منح الأولوية للمؤسسات المحلية في البرامج العمومية الخاصة بالدراسات والإنجاز واقتناء السلع والخدمات، وإجبار المؤسسات الأجنبية على الاستثمار مع متعاملين محليين في المجالات التي ترغب أن تظفر فيها بعقود في الجزائر وإجبار المؤسسات الأجنبية التي تصدّر إلى الجزائر على الاستثمار محليا تحت طائلة فقدانها فرصة دخول السوق الوطنية.
وقدم جملة من المقترحات حول البدائل عن النفط, أبرزها الغاز الصخري، الذي أثار موجة انتقادات من طرف سكان المناطق الحدودية في الجزائر. ودعا إلى مواصلة التنقيب عن المحروقات التقليدية وتكثيفها، من خلال التنقيب عن حقول الغاز والنفط الصخري وتقييمها، مع الحرص على الحفاظ على البيئة وحماية صحة السكان، وتطوير الطاقات المتجددة ولاسيما منها الشمسية، مع استثمارات عمومية وخاصة وتحفيزات جبائية ومالية من الدولة ودعم الاستثمار بما في ذلك الخاص، في مجال البتروكيمياء، قصد تثمين محروقات البلد تثمينًا أكبر.
وركز حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر, على ضرورة تشجيع المبادرة الخاصة في الاستثمار, مع الدفاع عن دور الدولة في قيادة مسيرة التنمية من خلال سيطرتها وملكيتها وحدها للقطاعات الاستراتيجية الحيوية. وأكد في برنامجه الذي يتضمن 4 محاور كبرى للتنمية تتعلق بالأمن الغذائي والموارد البشرية والمنظومة المالية والجالية بالخارج, ضرورة اعتماد المقاربة الاقتصادية التي تشجع المبادرة الخاصة في الاستثمار وحماية الملكية الخاصة للأفراد "وسيظل مفهوم الحزب للاقتصاد والسوق "مرتبطا بالدفاع عن دور الدولة في قيادة مسيرة التنمية من خلال سيطرتها وملكيتها وحدها للقطاعات الاستراتيجية الحيوية, واهتمامها الدائم بحماية الفئات الهشة والمعوزة وذوي الحقوق والاحتياجات الخاصة".
وتضمن البرنامج الانتخابي لحركة مجتمع السلم, أكبر تنظيم للإخوان في الجزائر, سبعة محاور رئيسة، هي: النظرية الاقتصادية وأهداف التنمية، وهرم الاحتياجات السكانية، والمال وحق التملك، والدولة قطاعات الإنتاج، والمؤسسة الاقتصادية، والسياسة النقدية والمالية، وأخيرا الرؤية الاقتصادية ومجالات الإصلاح العشرة لتطبيق البرنامج الاقتصادي للحركة.
وعلّق وزير الاستشراف الأسبق, بشير مصطفى, في تصريحات صحافية لـ " المغرب اليوم " على هذه البدائل التي قدمتها التشكيلات السياسية, قائلًا إنها لا تتطابق مع الوضع العام في الجزائر, كونها لا تستند على بحوث وأرقام ودراسات حقيقية, فلم يسبق لها وأن وقعت اتفاقيات مع معاهد وهيئات رسمية تقوم باستشراف الوضع الاقتصادي في البلاد ومرافقتها خلال عملية إعداد البرامج, وتابع المتحدث قائلًا إن الأحزاب السياسية في الجزائر لا تملك رؤية اقتصادية واضحة, فهم يعيدون الملف الاقتصادي إلى الواجهة مع اقتراب كل موعد انتخابي في محاولة منهم لاستدراج الناخبين وحثهم على التصويت, في وقت يسعى المواطن الجزائري للبحث عن أجوبة لعدة أسئلة تتبادر بذهنه حول حقيقة الوضع الاقتصادي, خاصة ما تعلق بمستقبل المعيشة والقدرة الشرائية والأجور والأسعار وغيرها من الأمور.
ووجه الخبير الاقتصادي, فرحات آيت علي, سابقًا في تصريحات صحافية لـ "المغرب اليوم " انتقادات لاذعة للتشكيلات السياسية الفاعلة في الساحة الجزائرية، ووصفها بـ "داكيكن حزبية، لأنها لم تستثمر يومًا في القضايا التي لها علاقة بالوضع الاقتصادي والمالي، نظرًا لعدم امتلاكها بدائل مقنعة"، مشيرًا إلى أن الحكومة الجزائرية وخلال العامين الماضيين، لم تكن تملك أي وسيلة لتجاوز الوضع الصعب الذي مرّت به.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر