لم تصمد الهدنة التي أعلن عنها كل من الطرفين المتقاتلين في السودان مساء أمس سوى ساعات قليلة، فلا يزال دوي الانفجارات وصوت الاشتباكات العنيفة مسموعا في العاصمة الخرطوم، على الرغم من الإعلان عن هدنة إنسانية من المفترض أن تستمر لمدة 24 ساعة. وصباح اليوم الأربعاء، أيضا تواصلت المواجهات لليوم الخامس على التوالي، فيما دوت انفجارات في محيط القيادة العامة وسط الخرطوم، وتصاعدت أعمدة الدخان، كما سمع تبادل لإطلاق النار بين الجيش والدعم السريع في محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون.
كذلك اندلعت اشتباكات قوية في معسكر كافوري التابع للدعم السريع في الخرطوم بحري.
في حين حلقت طائرة من سلاح الجو السوداني في شمال أم درمان.
تأتي تلك التطورات الميدانية فيما خرجت عشرات المستشفيات عن الخدمة في العاصمة، جراء الاقتتال وتقطع سبل إدخال المساعدات والإعانات الطبية، وسط ارتفاع أعداد القتلى إلى أكثر من 144 قتيلاً.
ويبذل قادة المنطقة جهودا حثيثة لمحاولة التوسط وإنهاء الاقتتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
كما يأمل الاتحاد الإفريقي أن يشكل أيُ وقف لإطلاق النار، فرصةً لقادة كل من جيبوتي وكينيا وجنوب السودان بالوصول إلى هناك والبدء بالتوسط بين طرفي النزاع، حيث فشلت حتى الآن جهود الوساطة الدولية، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
وشهد محيط القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش بشرق الخرطوم اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة "لم نتلق أي مؤشرات على توقف القتال" في السودان.
وكان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد وافقا في وقت سابق اليوم على وقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة وذلك بعد أربعة أيام من القتال العنيف في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وقال قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان في تصريحات لشبكة سي إن إن الأمريكية إن وقف إطلاق النار سيبدأ في تمام الساعة السادسة مساء اليوم بالتوقيت المحلي.
كما أكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" أنه وافق على وقف إطلاق النار لضمان إجلاء المدنيين الجرحى.
وتأتي موافقة الأطراف المتحاربة على الهدنة عقب اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بكل من البرهان ودقلو، إذ دعاهما إلى وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة لفتح ممرات آمنة وخروج المدنيين المحاصرين
وفي سياق متصل، التقى وزيرا الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي والأميركي أنتوني بلنكين، للمرة الثانية خلال 24 ساعة لبحث المستجدات السودانية.
ووجه الوزيران خلال لقائهما دعوات السلام الأميركية والبريطانية وحثا طرفي الأزمة على ضرورة العودة للمحادثات ووقف الاقتتال.
وجاء اللقاء عقب تعرض سفير الاتحاد الأوروبي لدى الخرطوم للاعتداء في مقر إقامته بالإضافة إلى الهجوم الذي تعرض له موكب دبلوماسي تابع للسفارة الأمريكية في العاصمة الخرطوم.
وفي بيان للجامعة العربية، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن أمله في التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، والبناء على هذه الخطوة، وتمديد الهدنة الإنسانية.
وجاء البيان بعد اتصال هاتفي لأبو الغيط برئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، تبادلا فيه وجهات النظر حول الوضع الخطير في السودان، وما يُمكن عمله بالتنسيق بين المنظمتين الإقليميتين للوصول الى وقف التصعيد واستعادة الهدوء.
وكان الجيش السوداني قد نشر في وقت سابق على صفحة تابعة له على فيسبوك بيانا ينفي فيه ما أعلنته قوات الدعم السريع عن أنها وافقت على مقترح أمريكي لهدنة لمدة 24 ساعة لوقف القتال المستمر منذ 4 أيام.
وقال بيان الجيش إنه ليس على علم بوجود تنسيق مع وسطاء دوليين حول هدنة بينه وبين قوات الدعم السريع، ووصف حديث قوات الدعم السريع عن الهدنة بمجرد "محاولة للتغطية على الهزيمة الساحقة التي تكبدتها القوات المتمردة".
وأصدرت وزارة الداخلية السودانية قرار اً وزارياً رقم (195) خاص بتشكيل آلية لتوزيع المساعدات الإنسانية وجمع وحفظ الجثث بالتنسيق مع الهلال الأحمر ومنظمات المجتمع المدني وجميع الجهات ذات الصلة برئاسة الامين العام للمجلس القومي للدفاع المدني.
وأفادت الأنباء الواردة بأن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما زالا يخوضان معارك ضارية للسيطرة على مقر القيادة العامة في العاصمة، إضافة إلى استمرار القتال حول مطار الخرطوم وأماكن أخرى في أم درمان والخرطوم بحري.
يذكر أن هذا الاقتتال الدامي بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد كان انطلق السبت الماضي، بعد أيام من دفع قوات الدعم السريع بنحو 100 آلية نحو قاعدة مروي في الولاية الشمالية، فضلاً عن بعض الآليات بمراكزها بالخرطوم، ما استفز الجيش الذي أكد أن تلك التحشيدات غير قانونية، وتمت دون تنسيق معه.
لكن قوات الدعم السريع أكدت أنها نسقت مع القوات المسلحة، رافضة سحب تلك الآليات، ليندلع القتال لاحقا، في بلد لا يزال منذ 2019 يحاول تلمس طريقه نحو حكم ديمقراطي جديد، يطوي صفحة الرئيس المعزول عمر البشير.
إلا أن مصادر مطلعة كانت أكدت سابقا أن الطرفين بدآ بالتحشيد العسكري قبل أسابيع.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر