نظمت جبهة البوليساريو مناورات عسكرية بالذخيرة الحية غير بعيد عن الشريط الحدودي الفاصل بين المغرب والجزائر من جهة الجنوب الشرقي للمملكة، بعد ثلاثة أيام فقط من إصدار مجلس الأمن الدولي لقراره رقم 2468 حول ملف الصحراء، والذي اعتبرت جبهة البوليساريو أنه "غير متوازن" وأنه ينحاز إلى الطرف المغربي.
وحضر زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للتمارين العسكرية التي سبقتها مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، وهو ما اعتبره الجبهة "مشروعا تكتيكيا لتدريب دفعة جديدة من عناصرها المسلحة من شباب مخيمات تندوف" فوق الأراضي الجزائرية.
وجاءت خطوة البوليساريو فيما يشبه الرد على قرار مجلس الأمن، وهي نفس الخطوة التي قامت بها الجبهة يوم 20 مايو 2018 في منطقة "بئر الحلو"، بعد حوالي أسبوعين من صدور قرار مجلس الأمن رقم 2414 بشأن الصحراء.
وعبر مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء الماضي، عن "قلقه إزاء انتهاكات جبهة البوليساريو للاتفاقيات العسكرية في الصحراء، مطالبا الجبهة بـ "الاحترام الكامل لالتزاماتها تجاه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كوهلر".
وجدد مجلس الأمن في قراره 2468، الذي تم اعتماده بأغلبية واسعة، التأكيد على "أهمية الاحترام الكامل لهذه الالتزامات من أجل الحفاظ على سير العملية السياسية بشأن قضية الصحراء، مع الأخذ بعين الاعتبار الالتزامات التي قدمتها البوليساريو للمبعوث الأممي هورست كوهلر".
ويؤكد قرار مجلس الأمن على ضرورة "التقيد التام بالاتفاقات العسكرية المبرمة مع المينورسو بشأن وقف إطلاق النار"، داعيا "الأطراف إلى الالتزام الكامل بهذه الاتفاقات والوفاء بالتزاماتها تجاه المبعوث الشخصي، والامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها عرقلة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة أو تزيد من زعزعة استقرار الوضع في الصحراء".
اقرأ أيضًا :
مجلس الأمن يتجه نحو تمديد عمل بعثة المينورسو في الصحراء لستة أشهر
وكان مجلس الأمن قد أمر في القرار 2440 الذي اعتمده في أكتوبر الماضي، جبهة البوليساريو بعدم القيام بأي نشاط من أي نوع كان في "بئر لحلو" و"تيفاريتي" والمنطقة العازلة بالكركرات".
وكرس قرار مجلس الأمن رقم 2468، الذي تم اعتماده بأغلبية واسعة، دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية الرامية إلى إيجاد "حل سياسي واقعي وعملي ودائم لقضية الصحراء".
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، أن القرار رقم 2468 حول الصحراء، يكتسي أهمية خاصة، مشيرا إلى أنه يعبر عن تطور نوعي، ويتضمن عناصر محورية بالنسبة للمسلسل السياسي ويوضح معايير الحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي.
وأوضح بوريطة أن مجلس الأمن حدد بالاسم أطراف النزاع الإقليمي حول الصحراء، مبرزا أنه، وللمرة الأولى منذ سنة 1975، يشير مجلس الأمن إلى الجزائر خمس مرات في هذا القرار.
وأبرز أنه من هذا المنطلق، فإن مجلس الأمن يعترف بأن انخراطا قويا، مستمرا وبناء للجزائر يعد أمرا ضروريا من أجل وضع حد لهذا النزاع الإقليمي الذي عمر طويلا.
وأضاف وزير الخارجية أن مجلس الأمن أكد بوضوح معالم الحل، مسجلا أنه يتعين أن يكون، حسب الفقرة الثانية من نص القرار 2468، "سياسيا، واقعيا، براغماتيا ومستداما، قائما على التوافق".
وتابع بوريطة أنه من المهم الإشارة إلى أن المعايير التي تمت إثارتها من طرف مجلس الأمن تتفق بشكل كبير مع الموقف المغربي. وهكذا، تمت الإشارة في القرار لمصطلح "توافق" خمس مرات على الأقل، في حين، تمت الإشارة إلى مفهوم "الواقعية" ما لا يقل عن أربع مرات، بينما تم في المقابل، تجاهل مرجعيات تتبناها الأطراف الأخرى مثل "حق تقرير المصير"، الذي ذكر مرة واحدة.
وأكد الوزير أن مجلس الأمن يكون بذلك قد رفض، بأشد الأشكال، تعلق باقي الأطراف بالاستفتاء والاستقلال، الذين ليسا بواقعيين، ولا براغماتيين، ولا مقبولين بشكل متبادل، بل ولا يقومان على التوافق. وتابع بوريطة قائلا، إن القرار يوطد مكتسبات المغرب في القرارات السابقة، ولاسيما من حيث سمو مبادرة الحكم الذاتي وضرورة إحصاء ساكنة مخيمات تندوف في الجزائر، مشيرا إلى أن القرار يجدد الإنذار الموجه للبوليساريو بخصوص احترام وقف إطلاق النار، حيث تذكر الفقرة السادسة بالالتزامات التي تعهدت بها البوليساريو تجاه المبعوث الشخصي بالانسحاب من الكركرات والامتناع عن أي فعل يخل بالاستقرار في بئر الحلو وتيفاريتي.
وأكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن المملكة ترحب باعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار 2468 حول الصحراء، والذي "يستجيب بشكل كبير لتطلعات المملكة".
وقال هلال عقب اعتماد مجلس الأمن بأغلبية واسعة للقرار 2468 الذي مدد ولاية المينورسو لمدة ستة أشهر، إن القرار يكرس مسار الموائد المستديرة باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي.
وأضاف هلال: "كما ترون، فإن المجلس لم يعد يشير إلى جولة خامسة من المفاوضات، متجاوبا بذلك مع مطلب أساسي للمغرب وهو أن المسلسل الحالي يجب أن يكون مغايرا وأن يستفيد من إخفاقات الماضي". وأشار في هذا الصدد، إلى أن الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة رحبت بالزخم الإيجابي الذي انبثق عن اجتماعي المائدة المستديرة المنعقدين في ديسمبر ومارس الماضيين، وتطلب من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو الانخراط بجدية في العملية السياسية من أجل تحديد عناصر التقارب.
وسجل هلال أن القرار 2468 يكرس بشكل خاص دور الجزائر باعتبارها "طرفا معنيا رئيسيا" في هذا النزاع، مضيفا أن مجلس الأمن "دعا الجزائر إلى المساهمة، أسوة بالمغرب، في البحث عن الحل إلى أن يعطي المسار السياسي النتائج المرجوة منه".
وقال السفير المغربي: "أود أن أؤكد هنا أنه تمت الإشارة الى الجزائر عدة مرات، على غرار المغرب، فيما يتعلق بالعملية السياسية”، مشيرا إلى أن القرار 2114 لم يأت على ذكر الجزائر في أي فقرة منه.
قد يهمك أيضًا :
عمر هلال ينصح البوليساريو بأن تستوعب أن العالم تغيَّر وأن زمن الانفصال قد ولى
البوليساريو تستعمل الدبابات والأسلحة الثقيلة لإخماد احتجاجات سكان مخيمات تندوف
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر