الجزائر – ربيعة خريس
كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزائر، الخميس، عن جملة من المعطيات السياسية، وحملت الكثير من الدلائل والرسائل، أبرزها احتفاظ أحزاب السلطة بأغلبيتها في البرلمان الجديد، وتقدم طفيف للإسلاميين، وبروز قوى سياسية جديدة من الوسطيين والمقربين للسلطة والمستقلين، ومن بين المعطيات الجديدة التي أفرزتها سادس انتخابات نيابية شهدتها الجزائر، منذ إقرار الانفتاح السياسي في البلاد، اختراق رجال المال والأعمال للمشهد السياسي، عن طريق قبة البرلمان.
ونجح أكثر من 70 من كبار رجال المال والأعمال في الوصول إلى مبنى البرلمان، عن طريق أحزاب السلطة، كالحزب الحاكم وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يرأسه رئيس ديوان الرئاسة، والذي اعتمد في عدد من المحافظات على رجال المال والأعمال في حملته الدعائية، ونجح هؤلاء، وفق المعطيات المتوفرة، في تعبئة الناخبين وحشد الداعمين لهم.
وأبدت المعارضة في الجزائر، ومتابعون للشأن السياسي والاقتصادي، مخاوفها من تزاوج السياسية بالمال، وأجمعوا على أن اختراقهم المشهد السياسي عن طريق البرلمان الجزائر يشكل خطرًا كبيرًا على الحياة السياسية، وسيكون له أثر كبير على مصالح المواطنين في الجزائر.
وقال القيادي في "حركة مجتمع السلم"، أكبر تنظيم لـ"إخوان الجزائر"، نعمان لعور، في تصريحات إلى "المغرب اليوم"، إن السلطة في الجزائر فتحت أبواب الهيئة التشريعية أمام رجال المال والأعمال، مشيرًا إلى أنهم سيحاولون خدمة مصالحهم الاقتصادية على حساب المواطن الجزائري، بدليل الضغط الذي مارسوه في وقت سابق على الحكومة الجزائرية خلال سن قانون الموازنة لعامي 2015 و2016، ونجحوا في فرض أرائهم على الحكومة، قائلاً إن قوانين الموازنة التي مُررت، أخيرًا، عن طريق البرلمان الجزائري كرست تدخل رجال الأعمال والمال في صياغتها، مقابل إثقال كاهل المواطن الجزائري بالضرائب والرسوم، خاصة الطاقة والكهرباء.
وأظهرت الأرقام، التي كشف عنها وزير داخلية الجزائر، نور الدين بدوي، الجمعة، احتفاظ أحزاب السلطة بمكانتها في الهيئة التشريعية الجزائرية، فرغم أن حزب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، فاز في هذه الاستحقاقات النيابية، إلا أنه فقد الكثير من المقاعد مقارنة بتشريعيات مايو / آيار 2012، فيما حقق غريمه، التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني تشكيلة سياسية في البلاد، بقيادة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي، تقدمًا ملحوظًا وارتفع عدد نوابه في البرلمان من 68 نائبًا، في الولاية السابقة 2012، إلى نحو 100 نائب خلال تشريعيات 2017، قابله إحراز تقدم طفيف للأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي، حيث احتلوا المرتبة الثالثة بعد أن كانوا في المرتبة الخامسة، في الانتخابات البرلمانية لعام 2012.
ووفق الأرقام التي كشف عنها وزير الداخلية الجزائري، حصد تحالف "حركة مجتمع السلم" 33 مقعدًا، فيما فاز تحالف إسلامي آخر يجمع بين ثلاثة أحزاب، هي "حركة النهضة" و"جبهة العدالة" و"حركة البناء"، بـ15 مقعدًا. ومن المرتقب أن تشكل الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي كتلة برلمانية، حيث كشف القيادي في "حركة مجتمع السلم"، عبد الرحمن سعيدي، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، عن أن التشكيلة السياسية كلفت قيادات الحركة بإجراء مشاورات مع الاتحاد الإسلامي، الذي يضم "حركة النهضة" و"جبهة العدالة والتنمية" و"حركة البناء الوطني"، بهدف تشكيل كتلة برلمانية تشبه التكتل الذي كان قائمًا في الولاية التشريعية الماضية، والمعروف بـ"تكتل الجزائر الخصراء".
وحققت قوى سياسية حديثة النشأة، من الوسطيين والمقربين من جناح السلطة في الجزائر، نتائج ايجابية، إذ حاز "تجمع أمل الجزائر"، بقيادة عمار غول، 19 مقعدًا، وحققت "الحركة الشعبية الجزائرية"، بزعامة عمارة بن يونس، وزير التجارة السابق, 13 مقعدًا، فيما حقق المستقلون 28 مقعدًا.
وقرأ المحلل السياسي الجزائري، حسن خلاص، النتائج التي أحرزها المستقلون، قائلاً، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، إن بعض المرشحين حصلوا على مقاعد من منطلق عشائري، بمعنى أنه ليس من منطلق برامج سياسية حزبية، بل نجحت رؤوس قوائمها بتزكية قبلية وعشائرية، وينطبق هذا التحليل على النتائج المحققة في محافظة غرداية، التي تقع على بعد 600 كيلومتر من العاصمة الجزائرية، من الجهة الجنوبية، حيث سقطت أكبر الأحزاب الداعمة للسلطة في هذه المنطقة، كالتجمع الوطني الديمقراطي، ونجح أعيان المنطقة والمؤسسات العرفية في إيصال ثلاثة مرشحين مستقلين إلى قبة البرلمان الجزائري.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر