الجزائر – ربيعة خريس
تنطلق المشاورات بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وقيادة حزبه الفائز في سادس انتخابات نيابية شهدتها الجزائر الخميس الماضي، لتعيين رئيس حكومة وفقا لما تنص عليه المادة 91 من الدستور الجديد المصادق عليه في فبراير / شباط 2016، وتنص على أن "رئيس الجمهورية يقوم بتعيين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وينهي مهامه".
ومن المنتظر أن يعلن القاضي الأول للبلاد عن الحكومة الجديدة بعد إعلان النتائج النهائية من قبل المجلس الدستوري، وهو ما تنص عليه المادة 98 من قانون نظام الانتخابات، التي تقول إن "المجلس الدستوري يضبط نتائج الانتخابات التشريعية ويعلنها في أجل أقصاه 72 ساعة من تاريخ استلام نتائج لجان الدوائر الانتخابية واللجان الانتخابية الولائية والمقيمين في الخارج ويبلغها إلى الوزير المكلف بالداخلية وعند الاقتضاء إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني ".
ويترقب متتبعون للشأن السياسي ومحللون سياسيون، أن يقوم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بتشكيل حكومة ائتلاف تضم عدد من التشكيلات السياسية التي ستدخل قبة البرلمان بعد 15 يوما من هذا التاريخ، كالحزب الحاكم والتجمع الوطني الديمقراطي والأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي والقوى السياسية حديثة النشأة من الوسطيين والمقربين من جناح السلطة في الجزائر، والتي أحرزت نتائج ايجابية كحزب تجمع أمل الجزائر بقيادة عمار غول وزير الأشغال العمومية السابق الذي أحرز 19 مقعدا والحركة الشعبية الجزائرية بزعامة عمارة بن يونس وزير التجارة السابق، عمارة بن يونس حققت 13 مقعدا.
وقال المحلل السياسي، أحسن خلاص، في تصريحات إلى "المغرب اليوم" إن خريطة المرحلة المقبلة يحددها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ولا شيء يوحي أنها ستختلف كثيرا عن المرحلة الحالية. وتوقع المتحدث سيناريوهان محتملان في الأفق بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الجزائر، وأول سيناريو هو أن يعتمد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على حكومة "كنوقراطية" عملية قادرة على تسيير الشأن العام وفق مقتضيات الأزمة والتقشف، لكن بالمقابل ينتظر أن يكون هناك إشراك لبعض التشكيلات السياسية كحركة مجتمع السلم وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية، وهذا بهدف تقاسم الأعباء السياسية للأزمة، أما السيناريو الثاني المحتمل وقوعه هو أن تحافظ الحكومة المقبلة على نفس التركيبة الحالية حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وحزب التجمع الوطني الديمقراطي.
وتابع المحلل السياسي قائلا "انطلاقا من الرسائل التي تمخضت عن الانتخابات البرلمانية، فعلى صناع القرار أن يدركوا أن تغيير الحكومة تغييرا جذرا أضحى ضرورة ملحة، فمجرد تعديل للحكومة لا يكفي لمحاولة إعادة شيء من الثقة ". وأضاف أن عبد المالك سلال ترأس الحكومة 5 مرات متتالية ولا تزال دار لقمان على حالها، وقد لا يهدف التغيير الجذري للحكومة إلى الإتيان بالأفضل لأن السلطة لا تملك الحلول ولا تملك الأفضل بل من أجل تغيير الوجوه وإعطاء نفس وأمل جديدين وهما " أملان مزيفان ".
وعن توقعاته، يترقب أحسن خلاص أن يكون للتجمع الوطني الديمقراطي وهو ثاني تشكيلة سياسية في البلاد كلمته في التغيير الحكومي الجديد، وهنا ستكون الساحة أمام مشهدين، إما الإبقاء على سلال مع إعادة النظر في عدد الحقائب التي سينالها الأرندي، أو تقديم عبد السلام بوشوارب مع احتفاظ الحزب الحاكم بعدد معتبر من الحقائب ". وقال المحلل السياسي " إن وزير الصناعة الجزائري، عبد السلام بوشوارب قد يحقق توافق وهذا بأمر من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لكنه لا يمتص الاستياء الشعبي بل سيزيد الهوة مع السلطة، رغم أنه سيساهم في حل بعض المشاكل داخل السلطة، فالكل يعلم أن بوشوارب من المحيط الرئاسي وله علاقات جد متينة بمرشح الرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون، وله علاقة موضوعية وبراغماتية بمؤثرات خارجية بطبيعة الحال ".
وتوقع أستاذ العلوم السياسية، عادل زغدار، استحالة مشاركة الأحزاب الإسلامية في الحكومة المقبلة، بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر تنظيم لإخوان الجزائر، عبد الرزاق مقري بعد الإعلان عن النتائج، حيث وجه اتهامات ثقيلة للحكومة الجزائرية، ويدل هذا الأمر على أن الحركة تراجعت عن رغبتها بالمشاركة في الحكومة القادمة، متسائلا كيف يمكن لحركة أن تشارك في حكومة سبق لها وأن اتهمتها بالتزوير.
وقال الإعلامي والمتتبع للشأن السياسي في الجزائر، صابر بليدي، في تصريحات إلى "المغرب اليوم " إن المعطيات التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها ولو أنها ارتبطت باستحقاقات مغايرة، ولذلك لا يمكن انتظار مفاجآت من حيث شكل الحكومة المقبلة، وقد تكون حكومة توافق وطني ما عدا إمكانية الاستعانة المحدودة بوجوه من الحلقة الثانية لإذاعة السلطة، وبخصوص إمكانية إشراك الإسلاميين فيها فالأمر مستبعد لأن الأمر يتعلق برئاسيات 2019.
وأكد المتتبع للشأن السياسي في الجزائر أن الحكومة المقبلة تكون حكومة تمهيد الطريق لـ"الخليفة في قصر المرادية" أي قصر الرئاسة الجزائرية. وأضاف " مهما كانت حكومة الأغلبية ستكون حكومة الحسابات السياسية أكثر من حكومة التحديات الاقتصادية والاستراتيجية، وقد تشهد البلاد لاحقا تعقيدات ". وعن مصير قائد الجهاز التنفيذي الحالي عبد المالك سلال، بيَّن صابر بليدي " حتى الآن رئيس الحكومة الجزائرية هو مرشح الحزب الحاكم الحالي، ومن الممكن أن يتم تجديد الثقة فيه بناءً على إفرازات الانتخابات النيابية وضغط الحزب الحاكم".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر