أكد التقرير السنوي الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة 2019، أنه على الرغم مما تحقق من تقدم على الصعيد الاقتصادي بالمغرب ، لاتزال النتائج والآثار المحققة، على مستوى النمو والاستثمار الخاص وخلق فرص الشغل، دون الانتظارات المنشودة.
وأشار التقرير المنشور في آخر عدد للجريدة الرسمية، أن سنة 2019 اتسمت بضعف النمو الاقتصادي، حيث لم يتجاوز 2.5 في المائة المسجل على مدى السنوات الثماني الأخيرة الذي يبلغ 3.2 في المائة، موضحا أنه بفعل هذا التراجع للسنة الثانية على التوالي منذ 2017 ، لم ترتفع حصة الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي بالقيمة الثابتة سوى بنسبة 1.5 في المائة في سنة 2019، ليبقى هذا المستوى من النمو غير كاف لتمكين اقتصادنا من الخروج من وضعيته الحالية ضمن فئة البلدان ذات الدخل المتوسط.
هشاشة الاقتصاد
وأبرز التقرير أن بنية الصادرات المغربية قد عرفت تقوية بعض المنتجات، غير أنه، في ظل انعدام تطور متوازن على مستوى المهن العالمية الأخرى، هناك احتمال خطر تنامي هشاشة اقتصادنا إزاء الصدمات غير المتكافئة التي من شأنها التأثير على قطاع السيارات، الذي أصبح هو القطاع الرئيسي.
وبالنسبة للمالية العمومية، شدد المجلس على أنه بصرف النظر عن أثر مداخيل الخوصصة، فقد تفاقم عجز الميزانية مقارنة بسنة 2018، حيث بلغت نسبته 4.1 ِ في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، عوض 3.8 – في المائة.
وأضاف التقرير "أن ضغط المديونية وضيق الوعاء الضريبي، ساهم في تقليص هوامش التدخل المتاحة للسياسة المالية، والحد من آثارها في مجال إنعاش النشاط الاقتصادي"، مشيرا أنه بالنسبة لمرحلة ما بعد أزمة كوفيد-19 ، وبعد استقرار النشاط الاقتصادي واستعادة وتيرته، سيكون توسيع الوعاء الضريبي آلية لا غنى عنها من أجل إعادة بناء الموارد المالية التي ستعمل على تحفيز النمو في حالة حدوث صدمات، مع تعزيز التوزيع العادل للعبء الضريبي بين الملزمين بدفع الضرائب.
وأوصى المجلس بتوسيع الوعاء الضريبي، ومراجعة نظام الإعفاءات وإعادة النظر في التحفيزات الضريبية غير المنتجة، وكذا إدماج القطاع غير المنظم وتكثيف جهود التصدي للغش والتهرب الضريبيين، مع الحرص على التطبيق الصارم للقانون إزاء مختلف التجاوزات.
إكراه السياسة النقدية
ولفت التقرير إلى أن الإكراه الثاني الذي يواجه الاقتصادي المغربي هو السياسة النقدية، موضحا "أن الوقائع النمطية لتطور الاقتصاد المغربي، ما بين 2009 و2019 ، تبرز أنه إذا كان من الضروري وجود توجه تيسيري للسياسة النقدية، في سياق ظرفية صعبة، فإنه يظل مع ذلك غير كاف لضمان تحقيق انتعاش حقيقي لاقتصاد، في غياب إجراءات موازية على مستوى السياسات الاقتصادية الأخرى، وخاصة المجهود الموازي في مجال الإنعاش المالي والمزج بين السياستين النقدية والمالية، وكذا الجوانب البنيوية، بما في ذلك تعزيز الاندماج الصناعي المحلي للحد من آثار التسرب من خلال الواردات، بالإضافة إلى تطهير المناخ المؤسساتي للأعمال من أجل التخفيف من التقلبات، ووضع حد للانتظارية التي يعيشها المستثمرون المحليون، ومن ثم تعزيز تفاعلهم مع التدابير الرامية إلى إنعاش النشاط الاقتصادي من خال السياسة النقدية.
وزاد التقرير أنه إذا كان من المفترض نظريا أن يؤدي اعتماد سعر الصرف المرن إلى تعزيز تنافسية الصادرات، عن طريق تخفيض قيمة العملة في حالة حدوث صدمات سلبية، فإن هذا الأثر،
يمكن أن تعوقه بصفة خاصة التبعية الكبيرة للعديد من القطاعات المصدرة لواردات المنتجات نصف المصنعة، والمدخلات وسلع التجهيز، وبالتالي، فإن الأثر التراكمي للتنافسية المتوقعة من انخفاض محتمل لقيمة الدرهم، يتم امتصاصها إلى حد ما من خال ارتفاع أسعار المدخلات، الناجم عن نفس هذا الانخفاض وتؤكد نقطة اليقظة هذه على أهمية تسريع مستوى الاندماج الصناعي المحلي وتطوير المدخلات المحلية لمختلف القطاعات.
مناخ أعمال غير موات
وأكد التقرير أن مناخ الأعمال بالمغرب غير موات بالقدر الكافي، ذلك و أن التحسن الملموس في تصنيف المغرب في أنشطة ممارسة الأعمال خلال السنتين الماضيتين، لا ينسجم مع التصورات التي تحملها المقاولات عن مناخ الأعمال على أرض الواقع، حيث أن تصنيف ممارسة أنشطة الأعمال، الذي يصدره البنك الدولي، يشكل بالأحرى تقييما من الناحية القانونية، ويرتكز على آراء الخبراء ويستند إلى التقدم المحرز على صعيد النصوص القانونية والمستجدات التنظيمية، والحال أن الأداء المسجل، طيلة السنتين الماضيتين، لا يعكس على ما يبدو بشكل حقيقي التصورات التي تعبر عنها المقاولات حول المحيط الذي تشتغل فيه، إذ تؤكد نتائج البحث الوطني الجديد الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في 2019 حول المقاولات، هذه التصورات، حيث تشير نتائج هذا البحث أن المقاولات تبدي، بشكل عام، »رأيا متحفظا بخصوص محيطها المؤسساتي على مستوى مختلف الجوانب المرتبطة بتعقيد المساطر الإدارية، وحجم المراقبة الضريبية، والفساد، واستمرار طول آجال الأداء، مما يعكس علاقة القوى غير المتوازنة بين أصحاب الطلبيات الكبار وصغار الموردين، وانعدام التنافسية على مستوى الصفقات العمومية، والبطء في المعالجة القضائية للنزاعات التجارية.
وسجل التقرير أن التأخر المسجل في إخراج الإصلاحات التي تم الإعلان عنها في عدة مناسبات، كمشروع الميثاق الجديد لاستثمار الذي طال انتظاره منذ 2016 ، ومشروع القانون الإطار حول الجبايات الذي تم الإعلان عنه خال المناظرة الوطنية حول الجبايات لسنة 2019 ، مما يساهم في تكريس الانتظارية التي لوحظت في أوساط المستثمرين، بالنظر إلى أن هذه الإصلاحات ستحدد اختياراتهم الاستراتيجية ومردودية استثماراتهم المستقبلية وكذا استمراريتهم.
قد يهمك ايضا
المجلس الاقتصادي المغربي يوصي بنزع الطابع المادي عن جميع المعاملات مع الإدارة
المجلس الاقتصادي المغربي يدعو إلى إنشاء 50 ألف مقاولة لتكريس الثقة مجددًا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر