قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام حزب العدالة والتنمية، إن الفائدة التي يمكن استخلاصها من نتائج الحزب، التي وصفها بـ”القاسية والصعبة، والنكسة أو النكبة”، هو “إخراج تصور جديد يستفاد منه مستقبلا (بالمغرب)، ليس في حق الحزب، بل في حق جميع الأحزاب السياسية المغربية ، حتى لا تكتفي بالصمت عند خروج نتائج الانتخابات، ويُكتَفى بالقول بعدم الطعن في النتائج، بل أن يكون اطمئنان للنتائج، ربحا أو خسارة، عن استحقاق”.وفي كلمة رئيس الحكومة الأسبق، في أول اجتماع للجنة الوطنية لحزبه بعد مؤتمره الاستثنائي، ذكر بنكيران أن “العدالة والتنمية استطاع التصرف بطريقة راقية”، مع نتائج انتخابات 8 شتنبر التي أسقطته من 125 مقعدا إلى 13، إذ “قدمت القيادة استقالتها، ولو أن عندي ملاحظة عليها، لكنه تصرف لا يمكن إلا تثمينه”، بتعبيره
وحول النتائج نفسها تابع بنكيران: “ما استعمله الحزب هو تعبير ‘لم نفهم’، وطبعا لم نفهم نتائجنا. أتقبل خسارة الحزب، لكن لا أستطيع تقبل نتائج أحزاب أخرى (…) بين عشية وضحاها، انتقلت إلى ثلاثة ملايين صوت، وأقل ما أقول إن هذا غير مفهوم، ليس طعنا في الانتخابات، فمن كان باستطاعته ذلك هو القيادة السابقة، لكنها لم تقم بذلك لتقديراتها”.
وزاد القيادي الإسلامي: “عندنا مسؤولية ذاتية في النتائج التي وصلنا إليها، ومن الإخوان من تنازع على المواقع والترشيحات، ومنهم من ‘كولَس’… لكن عموم الإخوان ليسوا مجتمعين على اقتناص المصالح، ولو أن المصالح المشروعة من حقهم الطموح إليها”، ثم استدرك: “لكن توجد مسؤولية خارجية أيضا، وأناس اشتغلوا علينا بـ’المعقول’.. ولا بكاء ولا شكوى في السياسة، ولا انتظار لإنصاف الخصوم لنا؛ كما أن الدولة فيها مخلوقات لها مصالح وتوجهات، ولن تتراخى”.
وواصل المتحدث ذاته: “حزب العدالة والتنمية سيستمر، وتجاوزُ المرحلة داخليا يكون بخوض معارك ضد الفساد والاستبداد (…) وهي معارك كفيلة بإرجاع الأمور إلى نصابها إذا كان هناك تراخٍ، فالعدالة التنمية فكرة وروح في المجتمع”.
واستحضر بنكيران طلبه من الحزب الذي يقوده “عدم الدخول بسرعة في المعارضة”، لأنه “يجب أن نعرف ما يحدث”، ثم علق بالقول إنه “يتعجب” مما يرى، مع توجيهه انتقادات إلى وزراء شغلوا زوجاتهم في دواوينهم.
وعاد بنكيران إلى النشأة الأولى لمكونات “العدالة والتنمية”، قائلا: “نشأنا على أدبيات جماعة ‘الإخوان المسلمين’، لكننا لسنا ‘إخوانا مسلمين’، ولا نتبرأ منهم لوضعهم الراهن”، قبل أن يضيف: “دخلنا في العمل السياسي باعتباره واجبا، لا باعتباره منازعة على الحُكم”.
واسترسل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قائلا: “لا نريد الابتلاء، لكن إذا كان على الدولة أن تبدأ شيئا فلتبدأه، فنحن مخلوقات من مخلوقات الله، ولن نكون أحسن من الناس الذين ماتوا أو سجنوا أو امتحنوا عبر التاريخ لسبب أو لآخر”، ثم عاد ليقول: “ما مفاكينش (لا مهادنة)، باعتدالنا، وبوفائنا لمؤسساتنا، وملكيتنا التي يعيب علينا البعض مبالغتنا فيها، وبتشبثنا بمرجعيتنا، وسنستمر (…) حتى لا نستحي عندما ننظر في المرآة من انتخابات، أو انتشار فساد، أو ريع”.
وأقر بنكيران بخسارة العدالة والتنمية قائلا “غلبونا”، دون أن يسمي الجهات المعنية بهذه الغلبة، ثم زاد: “لكنها ليست هزيمة حقيقية، ولن يستمر هذا ‘البريكول’ (التلفيق) دائما، ولا بد من أن نقف على ‘الصّحّ’ (الوضع السليم)”، وواصل: “دولتنا لا تحتاج إلى حزب يواليها في كل ما تفعل، بل إلى أحزاب تواليها وتناصرها وتعارضها وتنصح لها حين يكون ذلك واجبا، وإلا سنكون في ديكتاتورية وديمقراطية مزيفة”.
وجدد قائد الحزب الذي أمسك بزمام الحكومة في السنوات العشر الماضية تمسكه بمعارضته مطلب “الملكية البرلمانية”، قائلا: “دولتنا ليست ديكتاتورية، بل يحكم حكامها بالمشروعية التاريخية والجينية والدينية والبيعة والدستور، وهي التي تكون مشروعية الملكية المغربية، ونحن من أشد المتشبثين بها، لكن يجب أن نتطور في الاتجاه الإيجابي”، وسجل في هذا الإطار أنه لا يريد “لا ديمقراطية لبنان أو السودان التي أدت إلى ما أدت إليه”.
ومع ذكره أن هدف “العدالة والتنمية” اليوم هو “ترميم صفه الداخلي (يجمع راسو)، بعد الضربة غير السهلة التي تلقاها”، في انتخابات السنة الجارية 2021، سجل بنكيران أن ما حدث “جيد” لأن أعضاءه “في حاجة للرجوع إلى مواقعنا الطبيعية كحزب سياسي يريد الإصلاح، بتكوين الأعضاء، و’نقل التعلمات’، والاعتكاف على الإشكاليات السياسية الحقيقية في البلاد، وأخذ الوقت لذلك، لنعيد بناء نفسنا سياسيا”.
وأعاد بنكيران في الاجتماع تأطير آراء “العدالة والتنمية” بذكره أن رفض المشاركة في “حراك 20 فبراير” سنة 2011 لم يكن معارضة للمغاربة الذين يطالبون بالإصلاح، بل “لأننا لسنا مستعدين للذهاب إلى المجهول”، كما ذكر أن مهمة حزبه ليست “الدعوة، وإن كان ليس لنا مشكل معها، بل دورنا التكلم عن التعليم والصحة الانتخابات والإشكاليات الكبرى”.
وحول الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي إلى المغرب، قال بنكيران: “إن القضية الفلسطينية قضية عقائدية لا سياسية بالنسبة لنا، ونحن والفلسطينيون مثل بعضنا البعض، إخوة، والشريعة تفرض علينا أن نكون إلى جانبهم في السراء والضراء، وإن ماتوا نموت معهم. ولكن لا يعني هذا أننا سندين دولتنا، فلها إشكاليات، وعندما تقوم بشيء ليس بالضرورة أن نتفق معا، لكن لن نصل يوما إلى درجة إدانتها”.
وتابع السياسي ذاته: “للإخوة في المشرق، نقول إنكم على خطأ حين تدينون المملكة المغربية، فهي مملكة شريفة، وكانت مواقفها دائما مواقف شريفة، وهذا لا يعني أنها لن تقع في شيء يعتبر خطأ، ولا يحرمكم من انتقادها، ولكن يجب أن تحترموا تاريخها ومواقفها. ولا أعرف دولة عربية سنت مثل المغرب ضريبة تذهب للكفاح الفلسطيني مع منظمة التحرير، على التدخين والسينما. وملوكنا لم يغيروا موقفهم، والملك مازال يؤكد وقوفه مع الفلسطينيين، لكن له مشاكل وظروف، وإذا لم تتفقوا معه وقروه واحترموه، فهو ملك من ملوك المسلمين، معه أربعون مليونا من الناس”.
وتابع بنكيران: “مع الأسف الشديد النظام الجزائري بقي يتحرش بنا منذ أكثر من أربعين سنة، مع قضية الصحراء، بحروب وأموال البترول لحرق أوضاعنا الدبلوماسية والاعتداء علينا وأسر أناس من عندنا ولا يريدون التوقف، وهذا نظام ظالم، ظلمنا (…) يجب أن يعود الناس في الجيش الجزائري إلى الله (…) ولولا تهديدات الجزائر، رغم أن علاقتنا بإسرائيل قديمة، إلا أنها لم تكن لتصل إلى هذه الدرجة”.
وواصل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية: “لا نستطيع مساندة زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي، لكننا لن ندين بلادنا، وإذا كانت حرب فنحن مع بلادنا وملكنا (…) وننادي ما تبقى من عقل عند مسيري الجزائر.. حرام عليكم ما تقومون به، وإذا أدخلتم المنطقة في أزمة ستكون لها أسوأ العواقب على البلدين والشعبين والمنطقة بأكملها (…) ولن يستفيد إلا خصومنا”.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر