إذا كان الاجتماع الأخير الذي عقده سعد الدين العثماني بصفته رئيسا للحكومة مع قادة الأحزاب السياسية بمقر إقامته الرسمية كان اجتماعا عاديا، ولم تتمخض عنه أية قرارات في أية قضية، فإن الاجتماع الذي عقده وزير الداخلية مع قادة الأحزاب كان حاسما، على الأقل بالنسبة للأحزاب الحاضرة.
وقد برزت خلال نفس الاجتماع ثلاثة نقاط خلافية سيكون لها ما بعدها في اللقاءات الموالية، وعلى رأسها كيفية احتساب المقاعد، ففي الوقت الذي طالبت جل الأحزاب باعتماد الأصوات المعبر عنها في احتساب المقاعد، أصر حزب العدالة والتنمية على اعتماد المعيار الذي جرت به الانتخابات السابقة، معيار الأصوات الصحيحة.
وإذا كان حزب العدالة والتنمية يعتبر معيار الأصوات الصحيحة هو المعيار الديمقراطي في التمثيل الحقيقي للأحزاب في البرلمان، فإن الرأي مناقض تماما بالنسبة لبقية الأحزاب التي تعتبر معيار الأصوات المعبرة عنها هو التعبير الحقيقي لحجم المشاركة السياسية في الانتخابات، وليس فقط تلك التي جرى التصويت بها بطريقة سليمة.
وسيكون المعيار الذي سيتم اعتماده أثر، إما إيجابي أو سلبي على حجم تمثيلية الأحزاب السياسية في مجلس النواب، وإذا تم تبني معيار الأصوات المعبر عنها، فسيكون الخاسر الأكبر هو حزب العدالة والتنمية، في الوقت الذي قد تستفيد أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال والاتحاد الاشتراكي من المقاعد التي فقدها “البيجيدي”.
وواضح أيضا أن إصرار جل الأحزاب على تبني معيار الأصوات المعبر عنها بدل الأصوات الصحيحة، نابع بدوره من التجربة الانتخابية الأخيرة، التي جعلت الفارق بينها وبين البيجيدي كبير، حينما حصل هذا الأخير على 125 مقعدا، وحصل الحزب الثاني وهو الأصالة والمعاصرة على 102 مقعدا في الوقت الذي حصل حزب الاستقلال الذي احتل المرتبة الثالثة على 47 مقعدا ثم التجمع الوطني للأحرار بـ37 مقعدا، ثم الحركة الشعبية بـ27 مقعدا، فيما احتل الاتحاد الاشتراكي المرتبة السادسة بعشرين مقعدا!
ثاني القضايا الخلافية التي ستعرض على اللقاءات المقبلة بين وزير الداخلية وقادة الأحزاب السياسية، تتعلق بنسبة العتبة، حيث يطالب حزب العدالة والتنمية اعتماد نسبة 6 في المائة، في الوقت الذي تطالب أغلب الأحزاب باعتماد نسبة 3 في المائة، وتطالب أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي وحزب الأصالة والمعاصرة بحذف نظام العتبة بصفة نهائية.
وإذا حدث وتم الاتفاق والتوافق على اعتماد نسبة 3 في المائة، بمعيار الأصوات المعبر عنها وليس بمعيار الأصوات الصحيحة، فقد يخسر حزب العدالة والتنمية مقاعد هامة.
وإذا اعتمدنا على مؤشر تقاطع مطالب أغلبية الأحزاب السياسية حتى الآن، فإنها تسير في اتجاه تبني خفض نسبة العتبة واعتماد المعيار الانتخابي الخاص بالأصوات المعبر عنها وليس بالأصوات الصحيحة.
أما ثالث النقاط الخلافية فتتعلق باللائحة الوطنية، حيث تختلف الاقتراحات هنا بين الاحتفاظ بها، وهو مطلب للبيجيدي، وتحويلها إلى لوائح جهوية وتتقاسمه أحزاب عديدة.
ويرتبط موضوع اللائحة الوطنية بباقي النقاط الخلافية السالفة الذكر، وسيكون لتحويلها إلى لوائح جهوية أثر سلبي، مرة أخرى، على حزب العدالة والتنمية، إذا أُجريت الانتخابات التشريعية بنظام عتبة لا تزيد نسبته عن ثلاثة في المائة، وبمعيار الأصوات المعبر عنها وليس الأصوات الصحيحة.
قد يهمك ايضا
النقاش العام موضوع لقاء العثماني بالقيادات السياسية الممثلة في البرلمان
سعد الدين العثماني يعلن "قد نغلق الحدود المغربية نهائيًا"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر