أكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية السيد نور الدين بوطيب، الثلاثاء، أن الفترة الراهنة تعتبر مرحلة فاصلة في مسلسل إصلاح قطاع النقل الحضري، وأن الخطوات المقبلة تتجلى في إتمام وضع مخطط التطوير الخاص بالتجمعات الحضرية مع الأخذ بعين الاعتبار لخصوصياتها، وأبرز بوطيب، في عرضه أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب حول موضوع "التنقلات الحضرية: الرهانات والآفاق المستقبلية"، أن هذه الخطوات تشمل أيضا المساهمة في تمويل المشاريع الجديدة المهيكلة للنقل العمومي داخل المسارات الخاصة، واتخاذ التدابير الضرورية لإدماج مختلف شبكات النقل العمومي وتبني نظام موحد للتذاكر، وبخاصة في مدن الدارالبيضاء والرباط التي يفرض فيها الادماج نفسه بين الحافلة والترامواي، وتعبئة موارد جديدة لتمويل القطاع، فضلا عن تعزيز التنسيق بين سياسات النقل والتخطيط الحضري.
وشدد على أن نجاح عرض النقل العمومي بالممرات الخاصة يقتضي إدماجه ضمن تصور شمولي لمنظومة الحركية الحضرية، موضحا أنه إذا كان النقل العمومي بالممرات الخاصة يشكل محور النقل الحضري، فإن اتصاله الوثيق بالخطوط الأخرى للنقل العمومي، وخاصة خطوط الحافلات، يعتبر أساسيا لضمان تكامل عرض النقل العمومي والرفع من مردودية البنيات التحتية.
وأوضح الوزير أن تطوير النقل العمومي بالممرات الخاصة ينبغي أن ترافقه إعادة هيكلة خطوط الحافلات حول محاور النقل العمومي بالممرات الخاصة؛ وإنشاء أقطاب للمراسلة متعددة الأنماط (الترامواي، الحافلة، سيارات الأجرة ...)؛ والإدماج الشبكي والتعريفي مع نظام موحد للتذاكر؛ ووضع وتنفيذ مخططات السير والجولان
وشدد السيد بوطيب على أنه لتمكين المدن الكبرى من إنجاز خطوط للنقل العمومي داخل المسارات الخاصة، يتحتم على الدولة دعم ومواكبة مجهودات الجماعات للنهوض بهذا القطاع عبر المساهمة في إنجاز الاستثمارات، مسجلا أن حل مشكلة الطلب المتزايد على التنقلات الحضرية بالمناطق الكبرى، عبر إنجاز خطوط النقل العمومي داخل المسارات الخاصة، لا يستقيم إلا بأداء فعال ومتوازن لمنظومة مؤسساتية ثلاثية الأبعاد، وفي تفاعل مع باقي الفاعلين.
وأضاف أنه لعكس الصورة السلبية للنقل العمومي الحضري والسماح بتقدم ملموس بالنسبة لحصة النقل العمومي داخل التجمعات، ينبغي تحقيق قفزة نوعية من خلال وضع محاور مهيكلة للنقل العمومي داخل الممرات الخاصة، مبرزا أن التقدير الأولي لحاجيات التجمعات العشر الرئيسية للبلاد من البنيات التحتية للنقل العمومي داخل المسارات الخاصة يبلغ نحو 30 مليار درهم بما فيها مصاريف الاستثمار، وكذلك المصاريف الضرورية لتغطية عجز الاستغلال خلال الفترة الأولى من انطلاق الاستغلال، وتمثل حصة تجمعات الدار البيضاء والرباط-سلا-تمارة نحو 70 في المائة من هذه الميزانية
ووعيا منها بأهمية وضع مقاربة شمولية ومستدامة لدعم النقل العمومي الحضري، يقول السيد بوطيب، باشرت السلطات العمومية منذ سنة 2006 إصلاحات همت مجال التخطيط والإطارين المؤسساتي والمالي، مشيرا إلى أنه تم تبني هذه الإصلاحات وفق مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين في القطاع (الجماعات الترابية والمستغلون والممولون)، وبدعم من الخبراء الدوليين، وكذلك باعتماد التوصيات المنبثقة عن اللقاءات والمناظرات المنظمة من قبل وزارة الداخلية التي ساهمت في إثراء النقاش وبلورة معالم الإصلاح.
وسجل أن أهداف هذا الإصلاح تتمثل في وضع إطار مؤسساتي وتنظيمي ملائم، وتمويل مستدام، وتدبير محكم لحركة السير والطرقات الحضرية، وذلك من أجل إرساء نقل عمومي فعال يضمن ولوج أفضل للمرتفقين، وتحسين تنافسية المدن، وأضاف أنه تم برسم السنة المالية 2007 إحداث الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى"صندوق مواكبة إصلاحات النقل الطرقي الحضري والرابط بين المدن " من أجل مواكبة الإصلاحات الهيكلية التي يعرفها قطاع النقل العمومي الحضري
وأبرز أنه ما بين مايو/أيار 2011 وديسمبر/كانون الأول 2012 تم تشغيل خطي الترامواي في الرباط / سلا (20 كلم) والدار البيضاء (31 كلم)، مضيفا أن هذين المبادرتين المحليتين شكلتا نجاحا حقيقيا، لأنهما ساعدتا على استعادة ثقة مستعملي وسائل النقل العمومي الحضري، وتطوير الخبرات والمهارات المغربية، وإعمال آلية "شركة التنمية المحلية" التي جاء بها الميثاق الجماعي لسنة 2008؛ والتأسيس للشراكة بين الدولة والجماعات الترابية بهدف تمويل مشاريع مهيكلة في مجال النقل العمومي الحضري، والتي من شأنها تحسين جاذبية الحواضر الكبرى للمملكة
واعتبر أن من مكتسبات الإصلاح توفير مخطط جديد للحكامة في طور التعميم، وأداة فعلية للتمويل، وتفعيل المنظور الجديد للإصلاح عبر توقيع اتفاقية بمبلغ 16 مليار درهم بتاريخ 26 شتنبر 2014 أمام الملك محمد السادس لتأهيل شبكة النقل في الدارالبيضاء (80 كلم من البنيات المتعلقة بالنقل الجماعي داخل الممرات الخاصة + تأهيل حافلات النقل الحضري) خلال الفترة 2015-2022
وقال الوزير إن الغاية من ذلك تمكين كبرى المدن المغربية من التوفر على رؤية واضحة لتدبير منظومة الحركية الحضرية والتخطيط الحضري للعشرية المقبلة، كما استعرض الخطوات والمراحل التي قطعها الإصلاح وسلط الضوء على الخطوات المستقبلية للنموذج المؤسساتي الثلاثي الجديد والذي يجمع بين الدولة والجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون وشركات الممتلكات أو التنمية المحلية.
من جهتهم، سجل النواب أنه لا الإمكانات ولا الموارد البشرية تسعف الجماعات المحلية على تدبير هذا المرفق العمومي، مشيرين إلى بعض العقبات التي تعترض القطاع، ومنها تعدد المتدخلين ووجود تداخل في الاختصاصات وضعف في التنسيق وغياب الالتقائية
وأشاروا إلى أن مرفق النقل العمومي الحضري لا يزال يعاني من نقص واختلالات كبيرة على مستوى الجودة والسلامة في المدن الكبرى والمتوسطة، على الرغم من المجهودات المبذولة لتطوير هذا القطاع، مؤكدين على ضرورة إرساء استراتيجية تعنى بالمرفق ومراجعة الترسانة القانونية المنظمة له، وبخصوص أساطيل النقل العمومي الحضري، أوضحوا بأن هناك تضارب مصالح بين مختلف أنواع النقل (الحافلات، سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة ) فضلا عن وجود وسائل نقل غير مهيكلة (النقل السري وغيرها).
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر