ينتظر العالم مخرجات الانتخابات النصفية الأمريكية لمعرفة التشكيلة الجديدة للكونغرس وقياس تأثر شعبية الحزب الديمقراطي باختيارات الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ لكن بالنسبة للمغرب تبدو الأمور ثابتة باستحضار العلاقات المشتركة والانتماء التقليدي إلى الحلف الغربي.وتستبعد وجهات نظر عديدة تأثر العلاقات مع المغرب بنتائج الانتخابات النصفية، خصوصا أمام تجربة التعامل مع الحزبين المهيمنين (الديمقراطي والجمهوري)، وكذا اعتماد واشنطن على المغرب في إدارة ملفات عديدة في منطقة شمال إفريقيا؛ وفي مقدمتها الإرهاب.
وتبرز النتائج الصادرة إلى حدود كتابة هذه الأسطر تقدما للحزب الجمهوري على مستوى مجلس النواب بوصوله 203 مقاعد مقابل 176 مقعدا للجمهوريين، وفي مجلس الشيوخ يتوفر الجمهوريون على 48 مقعدا مقابل 46 مقعدا للديمقراطيين (نتائج غير رسمية).وانتخابات التجديد النصفي تجري كل سنتين، وتسمى كذلك بالانتخابات النصفية؛ على اعتبار أنها تدور خلال منتصف فترة ولاية الرئيس، وهي التي تفرز السلطة التشريعية بالولايات المتحدة الأمريكية (تحدد تمثيلية الكونغرس المنقسم إلى مجلس النواب وضمنه 435 عضوا يمثلون، ومجلس الشيوخ الذي يضم 100 سيناتور).
وتشكل مجموعات الضغط أسلوبا تقليديا لمختلف دول العالم في تدبير علاقتها بأمريكا خصوصا داخل الكونغرس الأمريكي، حيث تطرح فيه الدبلوماسية المغربية مواقفها، كما تستغله الجزائر كذلك لمعاكسة المصالح المغربية والترويج لأطروحات جبهة “البوليساريو”.هشام معتضد، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أورد أن نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية لن يكون لديها أي تأثير كبير على العلاقات المغربية الأمريكية؛ لأن الذي يؤطر العلاقات بين الرباط وواشنطن يتعدى ما هو سياسي ظرفي إلى استراتيجي مستمر.
وأضاف معتضد، في تصريح، أن العلاقات تندرج في إطار رؤية واضحة المعالم تخدم المصالح المشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وتعمل خاصة للحفاظ على المكتسبات التاريخية للبلدين.وأكد المتحدث أن للحزبين الأمريكيين مقاربتين مختلفتين في تدبير العلاقات السياسية والاستراتيجية مع الرباط؛ إلا أن القيادة في المغرب تحرص دائما على تدوين مصالحها المشتركة مع واشنطن في خانة الأجندة الاستراتيجية للدولة الأمريكية، وليس في إطار العلاقات العامة مع أحد الحزبين المهيمنين على الساحة السياسية الأمريكية.
ووفقا لمعتضد، فمهما كانت النتائج الانتخابية النصفية للولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأساس الاستراتيجي في العلاقات مع المغرب لن يتغير؛ ولكن قد تكون هناك مقاربة تفضيلية للرباط، يتبناها أحد الحزبين، في علاقاتها مع واشنطن. وبشكل عام مقاربة الجمهوريين في تدبير العلاقات مع المغرب تبقى الأكثر إيجابية بالنسبة للرباط مقارنة مع الديمقراطيين.أما بخصوص ملف الصحراء، فالموقف الأمريكي غير مرتبط تماما بالتوجهات الحزبية بقدر ما هو قرار استراتيجي يندرج ضمن الأمن القومي الخارجي لواشنطن، قال معتضد لافتا إلى إدراج الرباط كحليف استراتيجي موثوق به وله الحق الشرعي في الدفاع عن وحدته الترابية خاصة بعد تزايد التهديدات الإرهابية في المنطقة والمدعومة بجهات أجنبية تكن عدائها أيضًا لواشنطن.
وتابع معتضد: “لكل من الديمقراطيين والجمهوريين مقاربته الخاصة في التعامل مع وقف الدولة الأمريكية بخصوص ملف الصحراء؛ ولكن الثابت هو أن القرار الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء هو توجه سيادي واستراتيجي لن يؤثر فيه الصندوق الانتخابي الأمريكي بقدر ما هو مرتبط برؤية استراتيجية تندرج في إطار الأمن القومي الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية.من جانبه، أورد نبيل الأندلسي، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أن انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة الأمريكية هي بمثابة استفتاء غير مباشر على شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن ولمدى تقبل المواطن الأمريكي لقرارات البيت الأبيض في عهد هذا الأخير، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
وقال الأندلسي، في تصريح لهسبريس، إن نتائج هذه الانتخابات لن يكون لها تأثير كبير على مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية، وعلى الموقف الأمريكي بشأن الصحراء المغربية واعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء.واستحضر المتحدث اعتبارين أساسيين، أولهما أن المواقف الإستراتيجية للإدارة الأمريكية غير مرتبطة بالضرورة بالأغلبيات المهيمنة بمجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو حزب الرئيس بقدر ما هي مرتبطة بصيرورة صناعة القرارات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، عبر استحضار مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتبعات كل قرار.
وثاني اعتبار، وفق الأندلسي، يمكن استحضاره بشأن الموقف الأمريكي من مغربية الصحراء، والذي يؤكد الاعتبار الأول بشأن استقرار المواقف الأمريكية الاستراتيجية سواء حكم الديمقراطيون أو الجمهوريون، هو أن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء اتخذ في عهد الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب، ولم تغير الإدارة الأمريكية من موقفها في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وأكد الأندلسي أن العلاقات المغربية الأمريكية تاريخيا كانت متميزة على العموم، على الرغم من تعاقب كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الحكم بالولايات المتحدة الأمريكية، والاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء كان بمثابة تطور لهذه العلاقة، خاصة أن هذا الاعتراف كان مشروطا من الجانب الأمريكي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي يبقى الدفاع عن مصالحها ودعمها محل اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين، ولا أدل على ذلك هو عشرات المرات التي استعملت فيه الولايات المتحدة لحق النقض “الفيتو” بمجلس الأمن لصالح إسرائيل.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رئيس مجلس المنافسة المغربي يؤكد أن التحول الرقمي يساهم في تركيز الأسواق وتنامي الاحتكار
مجلس السلم والأمن يؤكد على ضرورة دعم اللجان المعنية بتغير المناخ المحدثة بمبادرة من الملك محمد السادس
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر