عادت قضية أطفال الجبل إلى الواجهة مجددًا, وظهرت حالتان منذ مطلع 2017, فهم أطفال بريئون ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في معاقل الجماعات المسلحة في الجبال في الجزائر بعضهم لا يملكون نسبًا والبعض الآخر لهم نسب وحرموا من التعليم وممارسة جميع حقوقهم في الحياة كالتعليم والعمل, وغيرها فهم من مخلفات الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر بداية من عام 1992 بعد إلغاء الانتخابات النيابية التي فاز فيها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ وخلفت 200 ألف قتيل حسب الإحصائيات التي كشفت عنها السلطات الجزائرية.
وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية بتاريخ 14 أبريل / نيسان الماضي عن توقيف متطرف رفقة عائلته في منطقة وادي الزهور في محافظة سكيكدة شرق الجزائر, وتتكون عائلته من زوجته وبناته الثلاثة وابنيه, وكشفت الاعترافات التي قدمتها زوجته المكناة " يسرى " التي ارتبط بها هذا الأخير في الجيل, أن الظروف المعيشية بالجبل كانت جد قاسية, حيث حرم الأبناء من جميع حقوقهم المادية والمعنوية حرموا من التعليم والعلاج وانعزلوا عن الحياة الطبيعية بغابة معزولة بأعالي جبال محافظة سكيكدة شرق الجزائر.
وظهرت ثاني حالة الأحد, وكشفت وزارة الدفاع الجزائرية, أن متطرفة رفقة أطفالها الثلاثة ولدوا كلهم في الجبال سلمت نفسها لقوات الجيش الجزائري في محافظة جيجل شرق البلاد. وأوضح بيان للوزارة, مساء الأحد, أن المتطرفة المسماة " ق . نورة " زوجة المتطرف " غ . محمد "الملقب بـ " أبو ياسر " سلمت نفسها للسلطات العسكرية في محافظة جيجل في منطقة تسمى برج الطهر.
والتحقت المعنية بالجماعات المتطرفة عام 1996 رافقها أبنائها الثلاثة وهم " عبد الباري " البالغ من العمر 17 عامًا و" يحي " البالغ من العمر 14 عامًا و " أسامة " البالغ من العمر 5 أعوام, جميعهم مولدون في الغابات والجبال وسط ظروف قاسية ومزرية محرومين من كل ضروريات الحياة.
ويرى حقوقيون أن هذه الظاهرة تتعلق بأطفال ولدوا في الجبل, سواء بزواج رسمي وشرعي أو أنهم لم يسجلوا في الحالة المدنية ولا يحوزون على أي وثائق رسمية تثبت هويتهم, عثر عليهم خلال عمليات التمشيط التي يقوم بها الجيش الجزائري في الجبال.
وكشفت الحقوقية الجزائرية فاطمة الزهراء بن براهم, في تصريحات لـ " العرب اليوم " أن أطفال الجبل لهم الحق في الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في إطار وقف حمام الدم وتحقيق المصالحة الوطنية بين الجزائريين بعد فترة العشرية السوداء التي راح ضحيتها 250 ألف ضحية بحسب أرقام رسمية, ومكن هذا المشروع من عودة أكثر من سبعة آلاف مسلح كانوا منضوين تحت تنظيمي الجيش الإسلامي للإنقاذ والجماعة السلفية للدعوة والقتال.
وأوضحت بن براهم أن أولئك الأطفال الغير المسجلين في الحالة المدنية يتم تسوية وثائقهم الرسمية التي تثبت هويتهم بحكم قضائي, ثم تتم عملية إدماج الأطفال الصغار في المدارس بينما يوجه الكبار منهم إلى الحياة العملية أو التكوين المهني ويتم إخضاعهم للمعالجة النفسية.
وذكر المحامي عزي مروان ورئيس خلية متابعة وتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية " غير حكومية ", في تصريحات صحافية, إن الخلية تكفلت بـ 37 ملفا كلهم أطفال ولدوا في الجبل، تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاما في الفترة بين 2006 و2010 من أصل 100 ملف, مشيرا إلى أن أغلب الأطفال تمت التكفل بهم في إطار السلم والمصالحة الوطنية الذي صادق علي الجزائريون في استفتاء شعبي يوم 29 سبتمبر/ أيلول 2005.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر