الجزائر – ربيعة خريس
كشفت مذكرة للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، عرضها رئيس الوزراء, عبد المجيد تبون, عن أن هناك أكثر من خمسة آلاف أفريقي ينشطون في صفوف الجماعات المتطرفة، داخل القارة وخارجها، وأصبحوا يشكلون تهديدًا يستدعي التنسيق لمواجهته. وجاء في مذكرة رئيس الجزائر، بصفته منسقًا لشؤون مكافحة التطرف في الاتحاد الأفريقي، والتي عُرضت أمام قمة الاتحاد الأفريقي، أن هناك أكثر من خمسة آلاف أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون في صفوف الجماعات المتطرفة، في أفريقيا وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى.
وأوضح أنه، لمواجهة هذا التهديد، فإن أفريقيا مطالبة بتطوير تعاونها في مجالات عديدة، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية عن المقاتلين الأجانب، وتحسين المعرفة بملامحهم، ومنع تنقلهم عبر مختلف وسائل النقل ونقاط الدخول والعبور، فضلاً عن تحسين إدارة الحدود. وأشار التقرير إلى إعلان جماعات متطرفة عدة تنشط في شمال مالي والساحل الأفريقي التوحد تحت راية واحدة، مبينًا أن المحاولات التي تقوم بها الجماعات المتطرفة للتجمع أو التوحد في منطقة الساحل ليست غريبة على حركات العودة، والتوقعات المستقبلية للأعمال المتطرفة في هذه المنطقة.
وأعلنت كبرى التنظيمات المتطرفة في مالي, أخيرًا، الاندماج في تنظيم موحد تحت اسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، تحت قيادة أمير واحد. ويضم التنظيم الجديد جماعات "أنصار الدين"، و"كتائب ماسينا"، و"المرابطون"، و"إمارة منطقة الصحراء", وجاء الإعلان عن التنظيم الجديد، الذي تم اختيار أمير "أنصار الدين"، إياد أغ غالي، أميرًا له، في شريط فيديو موقع باسم مؤسسة "الزلاقة للإنتاج الإعلامي"، وهي الذراع الإعلامي للجماعة المشكّلة حديثًا. وخلال الفيديو، تحدث أمير التنظيم وهو يتوسط أمراء التنظيمات المندمجة معه، وهم يحيى أبو الهمام، أمير "منطقة الصحراء"، ومحمدو كوفا، أمير "كتائب ماسينا"، والحسن الأنصاري، نائب أمير "المرابطون"، وأبو عبد الرحمن الصنهاجي، قاضي "منطقة الصحراء". وأكد غالي أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" تتشبث ببيعة زعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، وأمير "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، أبو مصعب عبد الودود، وأمير حركة "طالبان"، الملا هيبة الله.
وتتطابق تصريحات رئيس الجزائر مع تصريحات سابقة أدلى بها مفوض الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي, إسماعيل شرقي، والتي قال فيها إن البلدان الأفريقية، وخاصة تلك التي خرج منها المقاتلون، وضعت إجراءات مهمة لمواجهة أولئك المتطرفين الراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية. وأضاف أن هذه الإجراءات اتخذت من قبل الدول الأفريقية في إطار عمليات منسقة، من قبل الهيئات المختصة في الاتحاد الأفريقي، بعد المخاوف من عودة المتطرفين إلى أفريقيا، في ضوء آخر تطورات الوضع السائد في الشرق الأوسط. وقال: "احتمال عودة هؤلاء المتطرفين يشكل تهديدًا ينبغي أن ينبهنا، حتى نتمكن من الاستعداد لهذا الاحتمال، ونرصد باستمرار حركة المتطرفين".
ووضعت أجهزة الأمن الجزائرية، منذ بداية 2016, نظام يقظة على مستوى المطارات والمعابر الحدودية، تحسبًا لعودة أي من المقاتلين الجزائريين والتونسيين الموجودين في ساحات القتال وبؤر التوتر، المنتشرة في سورية والعراق. وكثفت الجزائر تعاونها الأمني والاستخباراتي مع دول الجوار، وخاصة ليبيا وتونس، حيث سلمتها أخيرًا قائمة تونسيين غادروا عبر مطارات الجزائر في اتجاه تركيا. وشددت الجزائر الرقابة على المطارات والمعابر الحدودية، خاصة تلك التي تربطها بمالي والنيجر وموريتانيا، والتي يمكن أن يلجأ إليها المقاتلون الموجودون في سورية للعبور إلى تونس، لأن الجزائر تعتبر الدولة الوحيدة الجارة لتونس التي تشهد حالة استقرار, كما أن التونسيين الموجودين في الجزائر لا يتعرضوا لأي إجراءات تتعلق بالتأشيرة.
وأمرت السلطات الجزائرية سفاراتها ومبعوثيها الأمنيين إلى تركيا وسورية والعراق، وأيضا الموجودين في لبنان وتونس ومصر، وكل الدول التي علاقة بالحرب التي يشنها تنظيم "داعش"، بضرورة وضع رقابة صارمة على المقاتلين الأجانب، ورصد كل تحركاتهم وإرسال تقارير بخصوصهم، كما وكذلك كثفت اتصالاتها مع أجهزة الحكومة السورية لرصد حراك الخلايا النائمة في كل من الجزائر وتونس. ويعتمد تنظيم "داعش" على استراتيجية خاصة لزرع الفوضى في الدول التي تشهد استقرارًا، ويحاول تكوين جماعات محلية موالية له من العائدين, حيث يشكلون جسورًا بين تنظيمات الخارج وجماعات الداخل. وأثبتت تحقيقات جهاز الأمن الجزائري محاولة التنظيم اختراق الجزائر وتأسيس أكبر فرع موازٍ له في البلاد، من خلال تجنيد الشباب المغرر بهم في بعض المناطق التي لازالت تعيش الفقر والحرمان، واعتمد في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتمكنت أجهزة الأمن من تفكيك العديد من الخلايا التي كانت تنشط في هذا المجال, وألقت أيضًا القبض على عدد من المقاتلين الأجانب الذي عادوا إلى الجزائر، حيث كشفت مجريات محاكمة مثيرة، جرت أطوارها في مجلس قضاء الجزائر, الإثنين, عن عودة جزائري كان يقاتل مع آخرين في سورية، وأكد أنه ظل هناك لمدة قبل أن يقرر المغادرة والتخلي عن الأفكار المتعصبة، بسبب وحشية تعامل عناصر التنظيم، ومنها اغتصابات جماعية للفتيات في غرف مغلقة، دخل إليها خلسة بعدما نسى أحد عناصر التنظيم أبوابها مفتوحة، وأمور أخرى لا تمت بصلة إلى تعاليم الدين الإسلامي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر