رمت القاهرة بثقلها، أمس، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في القطاع. وتصاعد الموقف بعد قصف صاروخي متبادل بين إسرائيل والفصائل رافقته تهديدات بتوسيع مساحة وقوة النار، في رسائل تضمنت أيضاً إمكانية وقف التدهور إذا توقفت الأطراف عن التصعيد.
وقصفت إسرائيل مواقع عدة لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة أمس ما أدى إلى مقتل فلسطيني واحد على الأقل وإصابة آخرين. وردت الفصائل الفلسطينية بقصف مستوطنات في محيط القطاع، ما أدى إلى إصابة مستوطنين اثنين، رجل وامرأة، بجروح بين متوسطة وخطيرة. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن طائراته أغارت (حتى الساعة 4 عصراً) على 30 هدفاً لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي» في أنحاء متفرقة من قطاع غزة. وجاء في بيان لأفيخاي أدرعي أنه من بين الأهداف المستهدفة «مجمعات عسكرية عدة تابعة لحماس داخل مدينة غزة وفِي كل من حيي الشجاعية وتل الهوا والتي تستخدم لإنتاج وسائل قتالية». وتابع أن «أحد المجمعات يستخدم من قبل القوة البحرية التابعة لحماس»، لافتاً إلى استهداف «مجمع عسكري مشترك لحماس والجهاد الإسلامي في بيت لاهيا».
وتابع البيان: «بالإضافة إلى ذلك تمت الإغارة على أهداف (...) تابعة لحركة الجهاد الإسلامي ومن بينها عدد من المجمعات العسكرية في أحياء دير البلح وتل السلطان والشاطئ وخانيونس. كما تم استهداف منصتي إطلاق صواريخ وعدد من مواقع الرصد على خط الحدود».
وهدد الجيش الإسرائيلي بتوسيع عملياته في القطاع، قائلاً إنه سيواصل العمل «وفق الحاجة»، في رسالة تعني أنه يمكن وقف المواجهة إذا توقفت الفصائل عن إطلاق الصواريخ، ولاحقاً قصفت إسرائيل أنفاقاً ومواقع للفصائل في القطاع، معلنة إغلاق كل المعابر مع قطاع غزة ومنطقة الصيد البحري رداً على إطلاق الصواريخ.
وكانت الفصائل الفلسطينية هاجمت بالصواريخ مستوطنات عدة، إذ تم رصد إطلاق 150 قذيفة وصاروخاً على مستوطنات غلاف القطاع، حيث دوّت صفارات الإنذار الإسرائيلية، أمس، في مناطق سديروت وبيت شيمش وجنوب السهل الداخلي ولخيش وكريات غات وأشكلون وكريات ملآخي ومناطق أخرى. وقال مسؤولون إسرائيليون إن سيدة أصيبت بجروح ما بين خطيرة ومتوسطة في كريات غات، وذلك بعد إصابة آخر بجروح متوسطة من جراء سقوط قذيفة صاروخية في أشكلون (عسقلان).
ونتيجة الهجوم الفلسطيني، أغلقت إسرائيل المجال الجوي أمام رحلاتها في محيط حدود قطاع غزة، وبحسب موقع «يديعوت أحرونوت»، فإنه تقرر الإغلاق لمسافة 10 كيلومترات من الحدود. كما أعلنت بلديتا أشدود وبئر السبع عن فتح الملاجئ. وقد صدر في وقت سابق إعلان مماثل عن بلديتي أشكلون وكريات ملآخي والمجلس المحلي غان يافنيه، كما أغلق الجيش شاطئ «زيكيم» جنوب أشكلون الساحلية القريبة من الحدود مع قطاع غزة، إلى جانب إغلاقه شوارع وتلالاً ومتنزهات أخرى قريبة. وتقرر منع إجراء أي مباريات لكرة القدم في الدوري الإسرائيلي، كانت مقررة في أشكلون وأشدود والبلدات القريبة من الحدود.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن هذه الخطوات اتخذت «نظراً إلى تقييم الوضع»، مُخاطبا الإسرائيليين بأنه «يجب مواصلة الانصياع إلى التعليمات وفق الحاجة»، حيث وجه الجيش الإسرائيلي أيضاً سكّان «أوفكيم» و«نتيفوت» و«مرحفيم» و«لخيش» و«بني شمعون»، بعدم إقامة تجمهرات كبيرة في الهواء الطلق، وإلغاء أعمال الزراعة كذلك.
وتصعيد الأمس جاء بعد يوم من تبادل الهجمات بعدما قتلت إسرائيل ناشطين من حركة «حماس» في ضربة جوية قالت إسرائيل إنها جاءت رداً على إطلاق نار من جنوب غزة أسفر عن إصابة جنديين إسرائيليين قرب الحدود، حيث اتهمت إسرائيل حركة «الجهاد الإسلامي» بتصعيد الموقف في قطاع غزة، كما لمحت مصادر إسرائيلية إلى أن «حماس» أرادت ذلك في محاولة لـ«ابتزاز» إسرائيل بهدف انتزاع تنازلات منها.
وقالت مصادر، إن مصر دخلت بقوة على الخط وطلبت من قائد «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي»، الحضور إلى القاهرة لمناقشة الموقف. وأضافت المصادر أن بهاء أبو العطا قائد الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي» غادر القطاع أمس عبر معبر رفح للقاء مسؤولين مصريين، مؤكدة أن مصر ضغطت على الفصائل وكذلك على إسرائيل من أجل تثبيت وقف النار وإنقاذ الاتفاق الأخير الذي ينص على تهدئة مقابل تسهيلات ويقوم على مراحل. وكان يفترض أن يتم تنفيذ المرحلة الثانية بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
ونفت «الجهاد الإسلامي» اتهامات إسرائيل، وقالت «إن المقاومة الفلسطينية تقوم بواجبها ودورها في حماية الشعب الفلسطيني والذود عنه ومستعدة للاستمرار في الرد والتصدي للعدوان إلى أبعد مدى مكاناً وزماناً»، مشددة في بيان صحافي، على «أن جرائم القنص التي نفذها جنود الاحتلال الجمعة، وطوال الأسابيع الماضية، هي إعدامات ميدانية، وهي ذات الجرائم التي تتم على الحواجز في الضفة الغربية، وهي جرائم ينبغي الرد عليها بالمثل حتى لا يتمادى العدو في إرهابه». وأوضحت الحركة «أن العالم أجمع شاهد جرائم القنص المباشر بقصد القتل، وهي تستهدف الأطفال والفتيات والشباب وكبار السن بشكل متعمد».
وأكدت «الجهاد الإسلامي» أن «تنصّل الاحتلال من تفاهمات إنهاء الحصار وتعطيل الكثير من آليات التنفيذ بذرائع واهية وكاذبة كان يهدف إلى خنق شعبنا وممارسة الأساليب الوقحة لتعميق الأزمات الإنسانية والحياتية وهو أمر لا يمكن التسليم له والقبول به»، ولاحقاً هددت «سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد» باستهداف مواقع استراتيجية داخل إسرائيل بالصواريخ. وظهر مقاتلون من «سرايا القدس»، عبر فيديو قصير، وهم يعدون الصواريخ بعيدة المدى لقصف «ميناء أسدود، ومفاعل ديمونا، ومطار بن غوريون، ومصاف نفطية في حيفا. وفي رسالة تحد، وضع عناصر «السرايا» رؤوساً متفجرة في صواريخ جاهزة للانطلاق.
وفي مقابل ذلك، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً مع مسؤولين أمنيين لبحث الموقف. وحضر الاجتماع رئيس الأركان أفيف كوخافي وقائد المنطقة الجنوبية هيرتسي هليفي، وقيادات كبيرة من الجيش، إلى جانب رئيس جهاز «الشاباك» نداف ارغمان، ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، حيث قرر نتنياهو عقد اجتماع طارئ للمجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر «الكابنيت» اليوم، وذلك للمرة الأولى منذ شهر ونصف. ويبدو أن نتنياهو يريد، مثل الفصائل الفلسطينية، إعطاء فرصة للجهود المصرية وتفادي تصعيد أكبر.
قد يهمك ايضا :
حماس تعلق على المناورات الإماراتية الإسرائيلية المشتركة
إسرائيل تبعث برسالة لـ"حماس" تخصّ الأسرى
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر