شهد الأسبوع الماضي تحركا شعبيا ورسميا مكثفا من أجل مواجهة الأزمة، التي ألمت بالمغرب جراء الزلزال الذي خلف آلاف الضحايا وتسبب في انهيار المباني بالحوز ومناطق أخرى، حيث أعطى الملك محمد السادس توجيهات من أجل إعادة إعمارها وإيواء المتضررين في أقرب الآجال.
ووجه عاهل البلاد تعليماته إلى الحكومة خلال اجتماع عمل خصص لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من “زلزال الحوز”، صدر بعده بلاغ للديوان الملكي أكد على تنفيذ التدابير المتعلقة بإعادة التأهيل والبناء في المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية ذات الآثار غير المسبوقة.
أحمد التويزي، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أوضح أن ما عبر عنه بلاغ الديوان الملكي الأخير استمرار للبلاغ الأول الذي صدر مباشرة بعد وقوع الزلزال، والذي أعطى فيه الملك تعليماته للقوات المسلحة الملكية بالتدخل.
وقال التويزي إن “مضامين البلاغ أوضحت أن الملك يشدد على أهمية توفير الدعم للمتضررين، غير الدعم الذي يقدم حاليا، والذي شهد العالم عليه ورأى كيف أن المغرب استطاع التعامل مع الكارثة”.
وأوضح، في تصريح ، أن المرحلة الصعبة هي التي سيواجهها المغرب مع دخول فصل الشتاء، إذ ينبغي ضمان مأوى يليق بهذه الساكنة وثقافتها قبيل بداية فصل الشتاء، في انتظار بناء مساكنها بمساعدة الدولة والمجتمع.
وأشار إلى أن الصندوق الذي خصص لجمع التبرعات يستوجب الانخراط فيه من قبل جميع الفاعلين لتجاوز الأضرار، خاصة أن هناك دواوير تبعد بآلاف الكيلومترات عن سطح البحر، بالإضافة إلى إكراهات متعلقة بضيق الطرقات وانهيار التربة.
مطالب للحكومة
من جانبه، أكد إدريس السنتيسي، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، أن الإجراءات والتدابير المتخذة في اجتماع العمل الذي ترأسه الملك تكتسي أهمية استراتيجية بالغة، باعتبارها تنصب على تفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من الزلزال، وبالتالي تطويق تداعيات هذه الفاجعة المؤلمة. وهي إجراءات تعد امتدادا للقرارات والتدابير، التي أمر بها الملك خلال جلسة العمل التي ترأسها يوم السبت 9 شتنبر 2023، يضيف المتحدث.
وتابع قائلا: “لا يمكننا إلا أن نثمن عاليا النهج الاستباقي والسرعة التي طبعت التفاعل مع هذه الكارثة الطبيعية، وفق نهج ملكي قويم، مستمد من القيم الراسخة في الأمة المغربية، والمتمثلة أساسا في التلاحم بين العرش والشعب، وفي الجدية والمصداقية والتفاني في العمل المجدي”.
وفي هذا الإطار، سجل السنتيسي بإيجابية الإجراءات العملية المبرمجة في النسخة الأولى من برنامج إعادة الايواء، الذي تضمن، من جهة، مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت، بصيغ تضمن الحماية والكرامة، معززة بمساعدات مالية استعجالية، وتضمن، من جهة أخرى، مبادرات فورية لإعادة الإعمار بمساعدات مالية للمباني التي انهارت كليا أو جزئيا، والتأكيد على احترام كرامة الساكنة وعاداتها وتراثها، مع التأكيد على المقاربة الشمولية التي ميزت هذا البرنامج، من خلال إعادة الإعمار وتعزيز البنيات التحتية والرفع من جودة الخدمات العمومية، من جهة، وتكثيف البعد التضامني، من جهة ثانية، عبر تسخير الوسائل المعبأة، سواء من طرف الدولة أو المؤسسات العمومية، وفتح المجال أمام المساهمات الواردة من الفاعلين الخواص والجمعويين، وكذا الدول الصديقة والشقيقة التي ترغب بذلك في إطار احترام السيادة الوطنية.
على مستوى آخر، أشاد السياسي المعارض بالقرار الرامي إلى إحصاء الأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد، ومنحهم صفة مكفولي الأمة، مبرزا أن “الأمر يجسد بالملموس العطف الأبوي الملكي لرعاياه.
ودعا السنتيسي الحكومة إلى “الإسراع في مسطرة إعداد مشروع القانون ذي الصلة، بغية عرضه على مسطرة المصادقة، سواء من قبل الحكومة أو البرلمان”. كما دعاها إلى التسلح بالجدية والتفاني في العمل كقيم مثلى دعا إليها الملك في خطاب العرش الأخير من أجل التسريع بتنزيل هذا البرنامج الاستعجالي لإعمار المناطق المتضررة من الزلزال، تحسبا للظروف المناخية المستقبلية، وفي الوقت نفسه استثمار الزخم التلاحمي التضامني، والابتعاد عن المزايدات والحسابات الضيقة وأي توظيف سياسي أو انتخابي لكارثة الزلزال، مقابل تركيز النظر على تعزيز جهود الانخراط الوطني في التخفيف من معاناة المتضررين.
خارطة طريق
من جهته، قال مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن بلاغ الديوان الملكي وضع خارطة طريق لإعادة إعمار المناطق المتضررة والتكفل بالفئات الأكثر تضررا، مضيفا أنه جاء بعد جلسة العمل الأولى والزيارة الملكية لمدينة مراكش، التي عرفت بدورها خسائر هامة.
وقال السياسي الاتحادي إن “الملك، بحضوره الكبير، أعطى دفعة قوية للنفس التضامني المغربي، كما عهدناه دائما واختبرناه جميعا خلال جائحة كورونا”.
كما شدد البلاغ على “ضرورة الاستجابة السريعة والاستباقية، مع احترام كرامة الساكنة وأعرافها، مما يؤكد رغبة الملك في الرقي بمستوى عيش المواطنين وصون حقوقهم”، يضيف المتحدث.
وقال مشيج إن “المغرب أبان عن قدرة كبيرة على الصمود، وهي خاصية ترعب عددا من الخصوم، الذين لم يخجلوا من استغلال كارثة طبيعية لتوجيه ضربات غير محسوسة”.
وتابع قائلا: “البلاغ رحب بدعم وتضامن الدول الشقيقة والصديقة للمغرب في محنته لأن بلدنا بلد متضامن بين مواطنيه أولا، ويدعم دائما كل عمليات السلام في عدد من الدول، ومؤمن بفلسفة التعاون”، مضيفا أن “أياما معدودة كانت كافية للمغرب، بقيادة الملك، لتسطير برنامج ضخم يهدف إلى تحسين وتجويد حياة الناس في المناطق المتضررة، وإعطاء دروس لمن يعتقد أن العالم لم يتغير، وأن أنواره لا تزال مشتعلة”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر