أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأربعاء، أن بلاده ستبقى في الاتفاق النووي إذا بقيت مصالحها مضمونة، وذلك قبل اجتماع تستضيفه فيينا غدًا لمناقشة "الضمانات" التي تطلبها طهران من بقية أطراف الاتفاق بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه في مايو (أيار) الماضي.
وكان بارزًا أمس أن قائدًا كبيرًا في "الحرس الثوري" قال إن "الحرس" مستعد لتطبيق سياسة تعرقل صادرات النفط الإقليمية إذا حظرت الولايات المتحدة مبيعات النفط الإيرانية، فيما هدّد الرئيس روحاني أول من أمس بمنع شحنات النفط من دول مجاورة إذا مضت واشنطن قدمًا في هدفها المتمثل في إجبار جميع الدول على وقف شراء النفط الإيراني. وأضافت أن قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" قاسم سليماني أشاد بتصريحات روحاني، قائلًا إنه مستعد لتطبيق مثل تلك السياسة إذا لزم الأمر.
وقال سليماني، وهو قائد العمليات الخارجية في "الحرس" الإيراني، في رسالة نشرتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إيرنا) "أقبّل يدك (موجهًا كلامه لروحاني) للإدلاء بمثل هذه التصريحات الحكيمة التي جاءت في وقتها، وأنا في خدمتك لتطبيق أي سياسة تخدم الجمهورية الإسلامية"، بينما لم يخض روحاني في تفاصيل، لكن سبق أن هدد مسؤولون إيرانيون بغلق مضيق هرمز، وهو طريق رئيسية لشحن النفط، ردًا على "أي عمل عدواني" من الولايات المتحدة ضد إيران
في غضون ذلك، فرضت السلطات النمساوية إجراءات أمنية صارمة حوّلت قلب فيينا السياحي القديم، حيث المقار الحكومية، إلى ثكنة عسكرية مغلقة بمناسبة مراسم استقبال الرئيس روحاني الذي وصل إلى العاصمة النمساوية آتيًا من سويسرا، وقبل ساعات فقط من استقبالها روحاني، استدعت فيينا على عجل السفير الإيراني لإبلاغه بأنها ستسحب اعتماد دبلوماسي أوقف السبت الماضي في ألمانيا للاشتباه في تورطه بمؤامرة تستهدف تفجير تجمع للمعارضة الإيرانية في باريس.
وقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز في لقاء صحافي مع روحاني: "نحن بحاجة إلى توضيحات كاملة"، مؤكدًا رفع الحصانة عن الدبلوماسي الإيراني المتهم بالتورط في مؤامرة باريس، مضيفًا أن الرئيس الإيراني "أكد له أنه يدعم" هذا التحرك. في المقابل، ندد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالاتهامات ضد بلاده بالتورط في المؤامرة الإرهابية، قائلًا إن "إيران تدين بشكل لا لبس فيه أي أعمال إرهابية". واتهم معارضي نظام بلاده بالوقوف خلف هذه الاتهامات، كما لم يستبعد أن تكون جهات تريد إضعاف حكومة الرئيس روحاني وراء تلك "المزاعم".
أما الرئيس روحاني فشدد مع نظيره ألكسندر فان دير بيلن على رغبتهما في الحفاظ على الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في فيينا عام 2015 من أجل الحيلولة دون حيازة إيران السلاح النووي لقاء رفع العقوبات التي كانت تخنق اقتصادها. وصرح روحاني: "سنظل في الاتفاق ما دام ذلك ممكنا لإيران، ولن نتخلى عنه شرط أن نتمكن أيضًا من الإفادة منه"، مضيفًا أن "إيران ستبقى في الاتفاق إذا قدّمت الدول الموقعة الأخرى باستثناء الولايات المتحدة ضمانات لمصالحها (إيران)". وقال إن انسحاب واشنطن من الاتفاق المبرم عام 2015 "غير قانوني". وتابع: "لن تستفيد الولايات المتحدة ولا أي بلد آخر من قرار الانسحاب من الاتفاق"
وانسحبت إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق في (مايو) الماضي مما أثار مخاوف من تعرض الجهات التي تريد إقامة تبادلات اقتصادية مع طهران لعقوبات أميركية. إلا أن إيران بحاجة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من الاتفاق على هيئة استثمارات أجنبية حتى تتمكن من إنعاش اقتصادها.
وكان روحاني أجرى محادثات ثنائية في سويسرا قبل وصوله إلى النمسا، وقال: "نحن بحاجة إلى توازن بين واجباتنا وفرضية القيود... ونأمل باتخاذ خطوات حاسمة في ما يتعلق بالتجارة والاقتصاد"، فيما يشكل رسالة مباشرة إلى الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي (الصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا وألمانيا) التي من المفترض أن يعقد وزراء خارجيتها اجتماعًا غدًا في فيينا للمرة الأولى منذ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق، بحسب الوكالة الفرنسية
في غضون ذلك، أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، أمس (الأربعاء)، أن إيران قد تخفض تعاونها مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة، ونسبت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى روحاني قوله بعد اجتماع مع أمانو "أنشطة إيران النووية كانت دومًا لأغراض سلمية لكن إيران هي التي ستحدد مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأضاف أن "مسؤولية التغير في مستوى تعاون إيران مع الوكالة تقع على عاتق من أوجدوا هذا الوضع الجديد"، وتابع أن إيران ستتخذ "قرارات جديدة"، إذا لم تستمر في الاستفادة من الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة
وفي بكين، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أمس إن وزير الخارجية وعضو مجلس الدولة وانغ يي سيتوجه إلى فيينا الجمعة لإجراء محادثات بشأن إيران، وأدلى المتحدث لو كانغ بتصريحه خلال إفادة صحافية يومية، وذلك في وقت تعمل فيه الدول التي لا تزال ضمن الاتفاق النووي الإيراني على إنقاذه بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
وقالت إيران إن وزير خارجيتها سيلتقي نظراءه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين في فيينا لبحث كيفية الحفاظ على الاتفاق النووي، وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إنه سيشارك في اجتماع في فيينا لبحث سبل الحفاظ على الاتفاق النووي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر