أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بالقصر الملكي في أبيدجان، محادثات على انفراد مع رئيس جمهورية كوت ديفوار الحسن واتارا، وذلك في اليوم الثاني من زيارة الصداقة والعمل التي يقوم بها إلى كوت ديفوار. وقالت مصادر متطابقة إن العاهل المغربي بحث مع الرئيس الإيفواري قضايا متعددة تهم العلاقات الثنائية التي شهدت في السنوات تطورا ملحوظا، إلى جانب رهانات قمة الاتحادين الأفريقي والأوروبي التي ستلتئم يومي 29 و30 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، إلى جانب مسألة الهجرة، وملف الأمن في منطقة الساحل والصحراء، إضافة إلى مسألة انضمام الرباط إلى المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (سيدياو).
وكان ملك المغرب قد حل بالقصر الرئاسي في أبيدجان وبرفقته شقيقه الأمير مولاي رشيد و الأمير مولاي إسماعيل وأعضاء الوفد المغربي المرافق. وأشرف الملك محمد السادس والرئيس واتارا، أمس، على تدشين المحطة المجهزة لتفريغ السمك "محمد السادس" بلوكودجرو (بلدية أتيكوبي بشمال أبيدجان)، المشروع الذي يكرس انخراط المغرب لفائدة تعاون جنوب - جنوب فعال وتضامني. وتتطلب إنجاز هذه المحطة استثمارات بقيمة 30 مليون درهم (3 ملايين دولار)، والتي تفضل الملك محمد السادس وأطلق عليها اسمه.
وتم إنجاز المحطة الجديدة لتفريغ السمك في لوكودجرو، القطب الحقيقي للتنمية الاجتماعية - الاقتصادية، والتي زار الملك محمد السادس ورشات بنائها في مارس /آذار الماضي، على مساحة 1.3 هكتار، منها 2100 متر مربع مغطاة. وتشمل منشآت للحماية البحرية وبنيات لفائدة الصيادين التقليديين (بناية إدارية، مقر التعاونية، وحدة طبية، قاعة متعددة التخصصات، وحضانة لأطفال النساء المستفيدات).
كما يهم هذا المشروع تهيئة منطقة للاستغلال التجاري (فضاء لعرض الأسماك، ومصنع الثلج وغرفة للتبريد، وفضاء لتخزين السمك)، ومنطقة للأنشطة (ورشة للميكانيك، وورشة لإصلاح القوارب، ووحدة لتدخين السمك، وقاعة لتخزين السمك المدخن).
وستسهم محطة تفريغ السمك "محمد السادس" في لوكودجرو، التي تملك وتجهيزات ملائمة تستجيب للمعايير الدولية، في إنعاش قطاع الصيد التقليدي، من خلال تنظيم وتأهيل المهنة وتثمين المنتوج وتحسين جودته والنهوض بظروف عيش واشتغال الصيادين التقليديين، وكذا ظروف عمل النساء اللواتي يقمن ببيع وتجفيف وتدخين السمك. كما ستتيح خلق فرص عمل جديدة وتعزيز المردودية الاقتصادية للصيد التقليدي ورفع مداخيل المستفيدين، وتحسين ظروف الصحة والنظافة، وذلك بهدف تحقيق تنمية بشرية مستدامة ومندمجة.
ويجسد هذا المشروع، الذي يعد رمزا للتعاون جنوب - جنوب الناجح، وثمرة شراكة بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والحكومة الإيفوارية، الإرادة الموصولة للمغرب لمواكبة جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها جمهورية كوت ديفوار، في إطار شراكة رابح - رابح.
ويُذكر أن هناك أربع محطات مجهزة لتفريغ السمك في طور الإنجاز: إحداها بغران لاهو، على بعد 150 كلم غرب أبيدجان، (التي بلغت أشغال إنجازها مرحلة جد متقدمة)، واثنتان في كوناكري في جمهورية غينيا (محطة تيمينيتاي ومحطة بونفي)، وأخرى في دكار بالسنغال (محطة سومبيديون).
وأشرف الملك محمد السادس أيضاً بحضور نائب رئيس جمهورية كوت ديفوار، دانييل كابلان دانكان أيضا، على تدشين مركز التكوين المهني متعدد التخصصات "محمد السادس" في يوبوغون، وأعطى انطلاقة أعمال بناء داخلية بالمركز. ويطمح هذا المشروع، الذي كان العاهل المغربي أعطى انطلاقة إنجازه في يونيو/حزيران 2015 إلى تمكين قطاع البناء والأشغال العمومية وكذا السياحة والفندقة والمطعمة من موارد بشرية مؤهلة.
وتعكس مختلف هذه المشاريع التي تعد تجسيدا بليغا لتعاون جنوب - جنوب ناجح، العزم الراسخ للمغرب على مصاحبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها جمهورية كوت ديفوار، والرغبة والالتزام القويين للمغرب حيال تنويع مجالات التعاون، وتقاسم الخبرة التي راكمتها في القطاعات المحدثة للثروة وفرص الشغل، والمساهمة في تنمية ورفاهية المواطن الأفريقي.
من جهة أخرى، سيشارك الملك محمد السادس أيضا في قمة مجموعة غرب أفريقيا (سيدياو) التي ستعقد في أبوجا يوم 16 و17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعدما كان مبرمجا عقدها في لومي عاصمة الطوغو. وكانت قمة منروفيا للمجموعة التي عقدت في يونيو الماضي قد وافقت مبدئيا على انخراط المغرب فيها.
وبالعودة إلى القمة الأفريقية الأوروبية، اختارت القمة شعارا لها هو "الاستثمار في الشباب من أجل مستقبل مستدام. ويُذكر أن 60 في المائة من سكان القارة الأفريقية تقل أعمارهم عن 25 سنة، وبالتالي يتوقع المراقبون أن تحظى هذه القضية بأهمية كبرى في هذا الملتقى الأفريقي - الأوروبي.
وإلى جانب موضوع الشباب، تشكل الهجرة الموضوع الرئيسي الآخر في القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، التي سيشارك فيها أكثر من 80 رئيس دولة وزهاء ألف من ممثلي وسائل الإعلام الإقليمي والعالمي. ووعد الاتحاد الأوروبي بإنشاء نظام للهجرة القانونية يستفيد منها 50 ألف أفريقي تقريبا في السنوات المقبلة. إلى جانب ذلك، توجد استراتيجية أخرى لإدارة الهجرة تساعد على إعادة المهاجرين إلى وطنهم، كما أوضحت فيديريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في تصريحات صحافية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر