المغرب يراهن على نخب سياسية جديدة بعد الانتخابات المقبلة لمواكبة التحديات الداخلية والخارجية”؛ تلك إحدى الخلاصات الأساسية التي يمكن استنباطها من خطاب الملك محمد السادس، أمس الجمعة، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب.
وجدد عاهل البلاد تأكيد كون الانتخابات مجرد وسيلة لخدمة مصالح المواطنين والدفاع عن قضايا الوطن. فعلى الصعيد الداخلي، يستعد المغرب لتفعيل توصيات النموذج التنموي، ما يستدعي ضرورة التوفر على نخب سياسية قادرة على أجرأة الميثاق الوطني من أجل التنمية.
وعلى الصعيد الخارجي، يواجه المغرب حملات دولية تقودها دول ومنظمات بعينها من أجل إبطاء مسيرته التنموية، وذلك بعد توغله في العواصم الإفريقية بفضل “قوته الناعمة” المرتكزة على أعمدة الدين والاقتصاد والثقافة، تضاف إليها الثقة التي بات يحظى بها من لدن البلدان الإقليمية الراغبة في الاستفادة من تجربته الطويلة.
تجويد المسلسل الديمقراطي
في هذا الصدد، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “المغرب يعيش منعطفا أساسيا على أصعدة مختلفة؛ فقد نجح في تعزيز ديمقراطيته وترصيد تجربة ممتدة منذ خمسينات القرن الماضي، الأمر الذي جعله يمتلك ممارسة ديمقراطية مغربية مائة بالمائة”.
وأضاف قراقي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب حرص على تطوير نموذج سياسي دولي منذ حصوله على الاستقلال، يقوم على أساس احترام القانون الدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وأوضح الباحث الجامعي أن “المغرب في عهد الملك محمد السادس، راهن على عمقه الإفريقي، عبر تطوير علاقاته مع البلدان الإفريقية، انطلاقا من منطق جديد يحمل شعار (رابح-رابح)، وهو ما دفعه إلى تقاسم تجربته التنموية مع بلدان القارة، لكن ذلك دفع دولا أخرى ما زالت متأثرة بشعارات الحرب الباردة إلى مهاجمته”.
وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن “النخب التي ستفرزها صناديق الاقتراع ينبغي أن تكون واعية بضرورة ترصيد المسلسل الديمقراطي الآمن، وتعزيزه وتجويده في المستقبل”، مشيرا إلى أن “تلك النخب يفترض أن تكون مستعدة للدفاع عن الرؤية التي خطها المغرب”.
وخلص المصدر عينه إلى أن “النخب الجديدة لا بد أن تكون قادرة على إعمال النموذج التنموي، بوصفه خطة استراتيجية على المستوى الداخلي، مع الاستعداد في الوقت نفسه لمواجهة التحديات والإشاعات والتقارير التي تصاغ في عدد من المراكز الدولية الساعية إلى المساس بسيادة المغرب”.
مواجهة التحديات الدولية
أما سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية والتواصل السياسي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، فقد أورد أن “الانتخابات، مثلما جاء في الخطاب الملكي، ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما يراد منها إرساء مؤسسات سياسية وإفراز نخب قادرة على مواجهة التحديات المحيطة بالمغرب في ظل متغيرات دولية وإقليمية واضحة”.
ولفت خمري، في تصريح أدلى به، إلى أن “الهدف الأسمى من الانتخابات يتجسد في تحقيق التنمية، وإرساء المؤسسات السياسية، وتكريس المسار السياسي الديمقراطي الذي سار على نهجه المغرب بشكل لا رجعة فيه، على اعتبار أن الخيار الديمقراطي أضحى ثابتا من ثوابت الأمة بعد دستور 2011”.
وتابع الأستاذ الجامعي بأن “تلك الغايات لن تتحقق سوى بإفراز نخبة قادرة على مواجهة التحديات المختلفة التي يعرفها المغرب، الذي تحول إلى قوة إقليمية لا يستهان بها على صعيد المنطقة، بما في ذلك القارة الإفريقية التي يضطلع فيها بأدوار تنموية واقتصادية وسياسية وروحية مهمة”.
وشدد على أن “المغرب يلعب أدوارا مهمة على مستوى محاربة جرائم المخدرات والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن، ما يجعله يحظى بإشادة حلفائه الإقليميين والدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية”.
وختم المتحدث تصريحه بالقول إن “المؤشرات سالفة الذكر صنفت المغرب ضمن البلدان الفاعلة والمؤثرة، الأمر الذي أثار انزعاج بعض الدول من أدواره الجديدة التي ستؤثر لا محالة على أدوار الفاعلين الآخرين، اعتبارا لميزان القوى الجديد الذي بات يحكم المنطقة الإقليمية”.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر