نشر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مقالًا تضمن 15 شرطًا إيرانيًا ردًا على الشروط الأميركية، متهمًا البيت الأبيض باتخاذ خطوات معادية للشعب، إلا أن رد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على اتهامات طهران لم يتأخر إذ نشر تغريدتين في شبكة "تويتر" اتهم السلطة الإيرانية بإنفاق أموال شعبها على "الحرس الثوري" وحلفائه الإقليميين في وقت يعاني الإيرانيون من أوضاع اقتصادية سيئة.
وقال ظريف ردا على ما قاله نظيره الأميركي في 21 من مايو/أيار الماضي بأنه "لا أساس له ومهين" مضيفا أنه تضمن "عددا من التهديدات ضد إيران في انتهاك وقح للقانون الدولي، والقواعد الدولية الراسخة والسلوك المتحضر" كما اتهم بومبيو وفريقه الدبلوماسي باتخاذ "قرار بلا منطق" و"التناقض" و"محاولة تبرير الخروج الأميركي من الاتفاق النووي" معتبرا الشروط الأميركية الـ12 التي أعلنها بومبيو "غير عقلانية".
وجاء رد ظريف على بومبيو في حين أنه اكتفى بمهاجمة بومبيو الشهر الماضي عبر حسابه في شبكة "تويتر"، قبل أن تنشر الخارجية الإيرانية بيانا ترفض رسميا الشروط الأميركية. واعتبر ظريف استراتيجية بومبيو "ناتجة عن قلة معرفة بالشعب الإيراني" ولفت إلى أن "ابتعاد الإدارة الأميركية الحالية عن سياستها الحالية الشرط الأساسي لإنهاء العزلة في المجتمع الدولي" مضيفا: "أن ذلك يبدو غير واقعي في ظل الظروف الراهنة". وتابع أن على الوزير الخارجية الأميركي "أن يدرك الشعب الإيراني قاوم على مدى أربعين عاما الاعتداءات والضغوط الأميركية، بما في ذلك محاولاته للانقلاب، والتدخلات العسكرية و... وفرض العقوبات الأحادية، خارج الحدود الإقليمية. وحتى العقوبات متعددة الأطراف".
وأشار ظريف إلى تصريحات أدلى بها ترامب خلال مؤتمر صحافي في سنغافورة الأسبوع الماضي قائلا إن الرئيس الأميركي "دعا إلى حل خلافات البلدين عبر التفاوض في حين أكد على فرض أقسى العقوبات ضد إيران". وفي جزء آخر من مقاله، زعم وزير الخارجية الإيراني أن بلاده "اتخذت دوما خطوات لتحسين الأوضاع الدولية عبر مبادرات مثل حوار الحضارات والعالم ضد العنف والتطرف والمساهمة النشطة في نزع السلاح النووي والنظام الدولي القائم على القانون".
بعد ساعات من نشر مقال وزير الخارجية الإيراني، رد بومبيو ضمنا بنشر تغريدتين؛ أشارت التغريدة الأولى إلى بطالة 30 في المائة من الإيرانيين وتضمنت صورة لطلاب إيرانيين خلال احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقال في التغريدة الثانية "إن النظام الإيراني الفاسد قد أثرى الحرس الثوري وحزب الله وحماس ونهب ثروة البلاد في حروب بالوكالة في الخارج بينما تكافح الأسر الإيرانية" وتضمنت التغريدة صورة قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذراع الخارجية لـ"الحرس" الإيراني.
وزير الخارجية الإيراني كان قد بدأ مقاله الذي تجاوز 3700 كلمة ونشرته وكالات أنباء إيرانية رسمية باللغتين الفارسية والإنجليزية ليلة الأربعاء بمهاجمة السياسة الخارجية للبيت الأبيض ولا سيما الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في الثامن من مايو/أيار الماضي، وقبل نشر قائمة من اتفاقيات قرر الرئيس الأميركي سحب توقيع أسلافه السابقين وعلى رأسهم باراك أوباما، مشيرًا إلى اتساع الهوة بين الإدارة الأميركية الحالية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واتهم الإدارة بالأميركية بالسعي وراء "الإجهاز على عمل المجتمع الدولي وعزل الولايات المتحدة".
وذكر ظريف 15 عشر شرطًا إيرانيًا، رغم تأكيده على عدم تحقق تلك المطالب. وفي شرح الشروط الإيرانية قال بأن على الولايات المتحدة أن "تحترم استقلال وحق السيادة الوطنية الإيرانية واحترام حصانة الحكومة الإيرانية وإنهاء التدخلات في إيران فضلا عن الابتعاد عن التهديد واللجوء إلى الابتزاز كأداة في السياسة الخارجية الأميركية وتعويض الخسائر التي لحقت بالشعب الإيراني من الإجراءات الأميركية خلال العقود الماضية ووقف الاعتداء الاقتصادي المستمر وإبطال العقوبات والوقف العاجل لعدم الوفاء بالعهود وعدم الخروج من الاتفاق النووي وإطلاق سراح جميع المواطنين الإيرانيين وغير الإيرانيين الموقوفين في الولايات المتحدة بتهمة انتهاك العقوبات المفروضة على إيران وسحب القوات الأميركية وتغيير سياستها في المنطقة والكف عن دعم إسرائيل والتعهد أمام المجتمع الدولي للوفاء بالالتزامات".
رغم ذلك، قال ظريف ردًا على الشروط الأميركية بأن "وزير الخارجية الأميركي يضع شروطا للتفاوض والتفاهم مع إيران في حين أن المجتمع الدولي يشكك في أصل التفاوض والتفاهم مع الإدارة الأميركية الحالية". والأسبوع الماضي، وجه 100 ناشط إصلاحي بارز يقيمون في داخل وخارج إيران رسالة إلى كبار المسؤولين الإيرانيين، يدعون إلى التفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية لإنهاء الخلافات بين البلدين.
وجاءت الرسالة بعد أسبوع من لقاء تاريخي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جون أون في سنغافورة. وبينما لم تعلق إدارة روحاني المدعومة من الإصلاحيين على الرسالة لكنها أثارت غضبا واسعا في أوساط المحافظين ووسائل الإعلام التابعة لـ"الحرس الثوري".
بدوره، لم يتطرق ظريف في مقاله إلى دعوة نشطاء الإصلاحيين وتجنب الحديث عن المفاوضات المباشرة. ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في مؤتمر صحافي بأن روحاني رفض طلبا من نظيره الأميركي، ترمب للقاء مباشر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، في نيويورك.
وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف رئيس مكتب المرشد الإيراني، محمد غلبايغاني عن رفض قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني رسالة وجهها رئيس وكالة المخابرات الأميركية، حينذاك مايك بومبيو حول تهديد إيران للمصالح الأميركية في العراق.,في 21 من مايو/أيار الماضي وبعد أسبوعين من خروج الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي أعلن مايك بومبيو 12 شرطا لتخفيف القيود على طهران والعودة إلى اتفاق شامل مشددا على استراتيجية تهدف إلى احتواء سياسة الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وشملت الشروط الأميركية ثلاثة شروط على صلة بالبرنامج النووي الإيراني هي أن تكشف طهران للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي ووقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم وإغلاق مفاعل المياه الثقيلة (أراك). والسماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول غير المشروط إلى جميع المواقع النووية في البلاد.
والشروط التسعة الأخرى تتعلق بشكل مباشر بنشاط "الحرس الثوري" ولا تملك حكومة روحاني صلاحيات للتدخل المباشر فيها وهي وقف تطوير الصواريخ الباليستية والصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية وإطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين في إيران ومواطني الدول الحليفة الذين اعتقلوا في إيران. ووقف دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، بما فيها حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي. واحترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية. ووقف دعم الميليشيات الحوثية والعمل على تسوية سياسية في اليمن. وسحب جميع القوات الإيرانية من سورية. وإنهاء دعم طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان والمنطقة وعدم تقديم مأوى لقادة القاعدة. وإنهاء دعم فيلق قدس - التابع للحرس الثوري - للإرهابيين عبر العالم.
ووقف تهديد جيرانها، بما يشمل تهديدها بتدمير إسرائيل والصواريخ التي تستهدف السعودية والإمارات، فضلا عن تهديدها للملاحة الدولية وهجماتها السيبرانية المخربة. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي رد على بومبيو بإعلان خمسة شروط أساسية للدول الأوروبية من أجل بقاء إيران في الاتفاق النووي ومن بين تلك الشروط أن تكف أوروبا عن إثارة برنامج الصواريخ ودور طهران الإقليمي، إضافة إلى إدانة الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي ومواجهة العقوبات الأميركية وتعويض خسائر إيران من بيع النفط وضمان بيع النفط الإيراني وإقامة علاقات بنكية وتسهيل العلاقات الاقتصادية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر