الكشف عن حقيقة التمدّد الإلكتروني لتنظيم داعش في فرنسا
آخر تحديث GMT 18:19:44
المغرب اليوم -

يفضيان إلى محاولات عشوائية هوجاء في أوروبا

الكشف عن حقيقة التمدّد الإلكتروني لتنظيم "داعش" في فرنسا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الكشف عن حقيقة التمدّد الإلكتروني لتنظيم

المغربي الفرنسي رضوان في مدينة تريب جنوب فرنسا
باريس ـ مارينا منصف

الخوف من التلاشي ونسيان التنظيمات المتطرفة يفضيان إلى محاولات عشوائية هوجاء لها تسعى إلى التظاهر باستمرار وهجها، مثل ما حدث مؤخراً في مدينة تريب جنوب فرنسا في 23 مارس (آذار)، حين قام المغربي الفرنسي رضوان في مدينة تريب جنوب فرنسا بالتهجم على متجر احتجز فيه رهائن وصاح: "أنا جندي من داعش"، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص قبل أن يتم قتله.

وذكرت السلطات الفرنسية أن العملية مستوحاة من تنظيم "داعش"، وأن مرتكبها أعلن مبايعته للتنظيم الذي تبنى العملية، وذكرت وكالة أعماق الداعشية أن منفذ هجوم تريب "جندي لداعش"، ونفذ العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف. الأمر الذي يعكس محاولات التنظيم اليائسة الاستمرار في استراتيجية الهجمات المتخبطة والمرتكبة من قبل "ذئاب منفردة" تمكن التنظيم من إغوائهم عبر الإقناع بضرورة الشروع بقتل الآخرين.

وقد ارتكب المنفذ رضوان بالسابق عدداً من الجرائم تضمنت تجارة المخدرات، فيما نشط في مواقع متطرفة للتواصل الاجتماعي. الأمر الذي يجعل الهجمات الداعشية مؤخراً من قبل أشخاص مضطربين بما يكاد يحيد عن الإرهاب فيصبح أشبه بجرائم طعن أو سطو على متاجر، من أجل السرقة أو القتل أو احتجاز الرهائن، بتخبط أهوج لا ينم إلا عن محاولة استجداء للفت الانتباه في مرحلة مستمرة من الاندحار. وقد نشرت صحيفة "باريزيان" الفرنسية أن مقترف الجريمة يشتبه بأنه سافر من قبل إلى سوريا، الأمر الذي يعكس الأزمة المستمرة لعودة مقاتلين مفعمين بالغضب والفكر المتطرف، وفي حالات عديدة الخبرة القتالية.

التمدد الإلكتروني لتنظيم "داعش"

يعكس الحدث الإرهابي الأخير مدى تمييع تنظيم "داعش" لاستراتيجياته واتخاذه منحى براجماتيا يحول مخططاته إلى أخرى أكثر مناسبة وقدرة على التحقيق، لا سيما في ظل الظروف المتغيرة والتي لا تزال تضيق الخناق عليه. وتبدو سياسات التنظيم أشبه بصراع بائس للبقاء، ومحاولة التغلغل في الدول الغربية واستهداف الأقليات وتجنيدهم، سواء من أجل تكوين خلايا نائمة، أو الاكتفاء بذئاب منفردة مضطربة بإمكانها تنفيذ عمليات إرهابية تسوّق لنجاح التنظيم في التخطيط والتنفيذ.

من جهة أخرى، يستمر السعي الداعشي للتمدد في المناطق الأخرى الأقل أمناً، والاستفادة من الاضطراب السياسي فيها، من أجل محاولة إيجاد مقر آخر له. ويظل العامل المشترك في هذه التوجهات ارتكازها على شيطنة الآخرين وضرورة قتلهم، فكل من لا ينتمي للفكر الداعشي المتطرف لا بد من أفوله والقضاء عليه. مثل هذا التوجه لم يستمر إلا من خلال استمرار الحرب الإرهابية الرقمية التي تميّز فيها التنظيم عن غيره بل وعودة التنظيم في الآونة الأخيرة في التركيز على عمليات الاستقطاب والتجنيد إلكترونياً، وذلك على الرغم من استيعاب المجتمع الدولي مدى خطورته، وتشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية المتطرفة، وبالتحديد مواقع التواصل الاجتماعي والحسابات التحريضية.

وقد تمكنت السلطات الدولية من تحديد مواقع المتطرفين بالأخص في العراق وسوريا، إذ تمكنت قوات التحالف الدولي من استهدافهم بغارات جوية. إلا أن ذلك لم يقوّض من محاولات التنظيم استمرار تغلغله في العالم الافتراضي، من خلال توظيف بدائل أخرى لا تعتمد فحسب على وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية وإنما توجد أخرى بديلة، إضافة إلى التواصل عبر رسائل مشفرة لبرنامج "فيسبوك" والتيليغرام الذي تكثّف استخدامه مؤخراً، سواء من أجل التأثير الآيديولوجي والاستقطاب أو التحريض للقيام بهجمات إرهابية مثل تركيز الرسائل الإعلامية للتنظيم في الآونة الأخيرة على ضرورة استهداف "رعايا دول التحالف الصليبي"، ومن ثمّ تحريض الأقليات ممن لديهم مسببات للانضمام مثل الشعور بالتهميش وعدم الانتماء للمجتمع مثل الأقليات في عدد من الدول الأوروبية.

وتدل العمليات الإرهابية الأخيرة من طعن وسطو مسلح على إفلاس التنظيم وانعدام قدرته على الدعم اللوجيستي في المدن الكبيرة بالأخص، في ظل تشديد السلطات الدولية الاحترازات الأمنية، وانتهاج الإرهاب عن بعد، أو ما هو أشبه بإرهاب الوكالات، من خلال التحريض على ارتكاب العنف ضد الآخرين، ومن ثم تبني الهجمات باسم التنظيم.

وقد تطرقت مجموعة سايت الاستخباراتية إلى عودة استغلال تنظيم داعش للعالم الإلكتروني مجدداً بعد فترة ركود في عام 2017، والاستفادة من عمليات إرهابية سابقة من أجل استلهام عمليات أخرى جديدة، سعياً في التأثير ونشر البروبغندا الداعشية إلكترونياً، ومحاولة كسب أفئدة وعقول الآخرين، من خلال التطرق إلى مسببات حنقهم على مجتمعاتهم والتأثير النفسي عليهم، وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التأثير على الفئة المستقطبة باستخدام لغات وطرق مختلفة تستند على الخطابات الأخّاذة والتسجيلات المرئية التي تجسّد عمليات إرهابية ناجحة، من أجل إضرام الحماسة والتشجيع على العنف والقتل من جهة، وتخويف الآخرين وإقناعهم باستمرار هيمنة التنظيم. إذ لا وجود لأي تنظيم متطرف دون وجود قاعدة مؤيدين أو آخرين خائفين من الخطر الإرهابي. وإن بدأ ذلك بالتحوّر لتظهر جماعات متطرفة يمينية تحمل خطابات تحريضية عنصرية.

يظهر تبني التنظيم استراتيجيات انحرفت عن مسارها التقليدي المنصب على الامتداد الجغرافي، لتستحيل إلى تنظيم متناثر في بقاع مختلفة يهدف إلى القتل العشوائي في المناطق الصعبة التحكم، فيما أصبحت العمليات في المناطق الأخرى الأسهل تحكماً إلى حدّ ما، إلى سعي في التغلغل داخلياً وتكريس جهوده في إيجاد مناطق نفوذ أخرى لداعش، وهو ليس بأمر جديد، إذ بدأ ذلك السعي في الفترة ذاتها التي عكف فيها على إنشاء خلافة داعشية في العراق وسوريا.

وقد يعود ذلك إلى صعوبة تحقيق الأجندة التمددية بالأخص، وأنها بحاجة إلى الحصول على الشرعية والتقبل الدولي ويستحيل تحقيق ذلك. كما أن المنطقة التي طمح التنظيم في إرساء خلافة له فيها تحمل أجزاء من أكثر من دولة، إضافة إلى عدم وجود مصادر مالية مستقرّة من أجل تحقيق أهداف التنظيم. كل ذلك يعكس مدى تخبط الآيديولوجية الداعشية القائمة على ما يصعب تحقيقه منذ تأسيسها.

وعلى الرغم من أن تكالب ذهاب المتطرفين إلى منطقة نفوذ التنظيم فيما قبل جاءت بسبب فكرتها المعتمدة على وجود ملاذ لهم جميعاً، بتطرفٍ واستبداد على شاكلة العلم الذي يعدّه التنظيم رمزاً له بلونه الأسود الذي يحمل الشهادتين باللون الأبيض، وكأن العالم أجمع هو الأسود النقيض للتنظيم، فيما اللون الأبيض وحده الناجي من تعسفهم باستغلالهم الدين من أجل العنف وتحقيق أهداف سياسية تخريبية ترفل بالعنف وقتل الأبرياء.
ذلك الضعف والانقسام الذي مرّ به تنظيم داعش لم يقض على فكرته بشكلٍ تام حتى في العراق وسورية، إذ إن عددا كبيرا من أعضائه يقبع في المنطقة الحدودية ما بين العراق وسورية، حيث يسهل التخفّي ويصعب السيطرة على المنتمين لداعش فيها.

ويعكس ذلك توجه التنظيم الذي انتهجه ليس فقط في العراق وسوريا، وإنما في المناطق الصحراوية الأخرى، والتي تعتبر غالبيتها مناطق حدودية لتتحول عمليات التنظيم من سعي لمد النفوذ في رقعة جغرافية إلى حرب عصابات عشوائية نتيجة اضطرارها لذلك، مثل عملياتها في منطقة سيناء، وفي المناطق المضطربة سياسيا وأمنياً مثل ليبيا، وإن خفتت سيطرة داعش على ليبيا لا سيما في مدينة سرت، إذ اضطر مناصرو التنظيم إلى اللوذ بالفرار في وديان صحراوية جنوب شرقي طرابلس، وتعد تلك المنطقة استراتيجية بالنسبة للتنظيم، نظراً للقرب الجغرافي من أوروبا، إضافة إلى ازدياد فرص نفوذهم. وهو أمر مشابه لما حدث للتنظيم في الفلبين، حيث خفت سيطرته على منطقة مندناو، على الرغم من استمرار وجود "خلايا نائمة" ومناصرين لهم. فيما يسعى تنظيم داعش لمحاولة التغلب على سيطرة "القاعدة"، والحصول على تحالفات مع جماعات أخرى في أفريقيا في مناطق مثل مالي والنيجر وتشاد مثل ما حدث حين أعلنت جماعة "بوكو حرام" تحالفها مع التنظيم.

ويظهر التركيز الأكبر على مناطق أخرى مثل تنظيم داعش في خراسان، الذي اتخذ من أفغانستان وباكستان والمناطق الصحراوية الحدودية بينهما كمناطق لنفوذه منذ عام 2015، الأمر الذي يعكس التمدد الداعشي في أفغانستان على الرغم من محاربته ليس فقط للقوات الأفغانية وإنما لحركة طالبان، إضافة إلى أن أفغانستان تعد المقر الذي نشأ منه تنظيم "القاعدة" والذي لا يزال يحظى بعدد كبير من المناصرين له، إلا أن ذلك لم يحد من محاولات الداعشيين للتمدد في المنطقة من أجل ملء الفراغ الأمني الذي نشأ جرّاء تداعي الوضع السياسي.

وقد شن تنظيم داعش حملات إعلامية إلكترونية ظهر فيها استقطابه للأطفال في منطقة خراسان، إضافة إلى استهدافه لمن قام بتكفيرهم كما حدث مع الشيعة. وقد نشرت جماعات سرية تنتمي لتنظيم داعش عبر برنامج التيليغرام عملية تفجير باكستاني يدعى طلحة البيشاوري لنفسه في مكان تجمع للشيعة، مما تسبب بمقتل وجرح نحو 100 شيعي في كابل. وفي سياق آخر، أعلنت السلطات الهندية مؤخراً اكتشاف نحو 39 هندياً تم اختطافهم من قبل تنظيم "داعش" في عام 2014، تم العثور عليهم في مقبرة جماعية في العراق.

الأمر الذي يجسد استمرار نهج البطش ومحاولات لفت الأنظار عبر القتل والاستبداد. الأمر الذي يحتم أهمية معالجة المسببات لاستمرار وجود من يتبع هذه الجماعات المتطرفة، مثل استمرار الوضع المضطرب في سوريا والعراق. وزيادة وعي المجتمعات بضرورة رفض التطرف واستنكار أي عمل إرهابي وعدم تقبله. فتاريخ التنظيمات الأخرى يظهر أنه من الصعب إزالة التنظيمات المتواجدة حالياً مثل داعش والقاعدة، وإن كانت في انحسار مستمر، ومن المحتم تلاشيها عن الوجود مستقبلاً، فيما يظل احتمال ظهور جماعات متطرفة أخرى تملأ فراغ هذه التنظيمات وارداً .

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكشف عن حقيقة التمدّد الإلكتروني لتنظيم داعش في فرنسا الكشف عن حقيقة التمدّد الإلكتروني لتنظيم داعش في فرنسا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا

GMT 09:51 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بيع حجر "أحجية القمر" في مزاد علني بنصف مليون دولار

GMT 07:14 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الاعتداء على امرأة محجبة في محطة لمترو الأنفاق في فرنسا

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

شريف عامر يستضيف عمرو موسى في برنامج "يحدث في مصر" الثلاثاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib