أصدر قادة فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا، بيانًا مشتركًا يلوم روسيا على هجوم سالزبوري، حيث قالت موسكو إنها ستطرد الدبلوماسيين البريطانيين ردًا على طرد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لدبلوماسيين روس في بريطانيا. وقال كل من إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل ودونالد ترامب، قادة ثلاثة من أهم حلفاء بريطانيا، إنهم يتفقون مع تقييم رئيس الوزراء بأنه لا يوجد تفسير بديل معقول للهجوم، ويمثل البيان المشترك دفعة كبيرة للسيدة ماي ويأتي بعد يوم واحد من تحركها لطرد 23 دبلوماسيًا روسيًا وتعليق اتصالات رفيعة المستوى مع موسكو ردًا على حادث سالزبوري، ضد العميل الروسي المزدوج.
وقال البيان الذي أصدره داوننغ ستريت "أطلعت بريطانيا حلفاءها بشكل كامل على أنه من المحتمل أن تكون روسيا مسؤولة عن الهجوم، ونشارك في تقييم بريطانيا أنه لا يوجد تفسير بديل معقول عن ذلك، ونلاحظ أن فشل روسيا في تلبية الطلب المشروع من جانب حكومة بريطانيا يزيد من تأكيد مسؤوليتها، ندعو روسيا إلى معالجة جميع المسائل المتعلقة بالهجوم في سالزبوري."
وصدر البيان بينما كانت السيدة ماي في موقع الهجوم في سالزبوري، وفي حديثها عندما التقت بخدمات الطوارئ، قالت "إننا نحمل روسيا المسؤولية عن هذا العمل الجريء والدنيء الذي وقع في شوارع هذه المدينة الرائعة". وفي هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قالت رئيسة الوزراء إنه سيمنع من المجيء إلى بريطانيا، إن رد فعل الحكومة كان نتيجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث وصف الإجراءات بأنها "بذيئة تماما".
ونفت روسيا مرارا أنها مسؤولة عن الهجوم الذي ترك الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته في حالة حرجة في المستشفى، لكن بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، الذي التقى لافروف في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، اتهم روسيا بالسعي إلى إنكار المسؤولية، وفي حديثه في اجتماع الأمم المتحدة الليلة الماضية قال الممثل الروسي إن بلاده لم تقم أًبدا بإجراء أو بحث حول كيفية إشراك عامل الأعصاب المحدد.
وجاء ذلك بعد مطالبة قدمها المتحدث باسم جيريمي كوربين، رئيس حزب العمل، سيوماس ميلن، بأن غاز الأعصاب في نوفيشوك كان من الممكن أن يكون قد وصل إلى "أيدي عشوائية" بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وردا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا ستطرد الدبلوماسيين البريطانيين، قال لافروف "بالتأكيد"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي"، وعندما سئل متى سيحدث ذلك، قال "قريبا".
وأعلنت الولايات المتحدة، عن فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات وهجماتها الإلكترونية، في الوقت الذي تعهدت فيه الإدارة بمعاقبة "الهجمات الشنيعة" لموسكو، وتم استهداف تسعة عشر شخصا وخمس منظمات روسية في ما يعتبر أهم عمل ضد موسكو منذ تولي دونالد ترامب السلطة. وكانت وكالة المخابرات الروسية، وهي جهاز الأمن الفيدرالي خلف النظام السوفيتي، من بين تلك الهيئات التي تعرضت للضرب واتهمت باستهداف البيت الأبيض والمسؤولين العسكريين، وكانت الإجراءات التي تعاقبها العقوبات سابقة على هجوم ساليسبري، قال ستيفن منوشين، وزير الخزانة الأميركية، إنها جزء من "جهد أوسع" لمعالجة "الهجمات الشنيعة" من روسيا.
وفي الوقت نفسه، قال ترامب إنه كان في "مناقشات عميقة" مع السيدة ماي حول هجوم سالزبوري، قائلا "يبدو بالتأكيد أن الروس كانوا وراء ذلك"، وجاء ذلك في الوقت الذي جمدت فيه فرنسا بعد أن فشلت في إدانة أعمال الكرملين ليلة الأربعاء، على الرغم من إعلان السيدة ماي عن أن روسيا كانت وراء خرق القانون الدولي.
واتصل الرئيس ماكرون هاتفيا برئيسة الوزراء، وأعرب عن تضامنه حيث قال إن فرنسا "تشارك في استنتاجات بريطانيا" بأن روسيا هي المسؤولة، وفي وقت سابق، وصف متحدث باسم ماكرون قرار السيدة ماي بطرد 23 من الدبلوماسيين الروس الذين يعتقد أنهم عملاء مخابرات سريين "سياسات خيالية" ورفض أن يعلن علانية من يقع عليه اللوم.
وأثار القرار ردود فعل دولية حيث قال الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي أندرز فوغ راسموسن إن "أي شيء أقل من التضامن الكامل مع بريطانيا الآن سيعتبر انتصارا من جانب الكرملين"، مضيفا "لا أعتقد أن الروس أعطوا أي إجابات مقنعة عن كيف انتهى عصر سموم العصب السوفييتي، حيث التخلص من عميل مزدوج ساق، وإما أن تكون الحكومة الروسية مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الفظاعة أو أنها مسؤولة عن فقدان الأمن في روسيا وفي كلتا الحالتين فإنها تشكل انتهاكا للقانون الدولي".
وقال راسموسن إن التذرع بالمادة 5 دعما للدفاع الجماعي سيكون "غير متناسب" لكنه أضاف أن كل دولة في الاتحاد الأوروبي عانت عدوانا روسيا بشكل ما ولآن هو الوقت المناسب للرد، وعندما سئل جونسون عن الموقف الفرنسي، بدا وكأنه يتجاهل عدم الدعم، قائلا إن "المتحدث الفرنسي المختلف قال أشياء مختلفة في أوقات مختلفة".
وفي صباح يوم من التطورات السريعة بشأن القضية، قال جونسون لهيئة الإذاعة البريطانية إن الحكومة تتعقب بالفعل أموال الروس الذين يعيشون في بريطانيا، وجاء ذلك بعد انتقاد قرار رئيس الوزراء بعدم إعلان عقوبات مالية أكثر صرامة في ردها الأول يوم الأربعاء، على الرغم من أن داونينغ ستريت أوضحت أنه يمكن اتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر.
وقال جونسون إن الحكومة تستخدم سلطات لتجميد الأصول ولكنها حذّرت من أن بريطانيا لن تتصرف خارج القانون ردا على الهجوم، وقال "سنلاحق الأموال، لدينا قانون المالية الجنائية الذي يسمح لنا بوضع أوامر الثروة غير المبررة على الناس، والعمل جاري للقيام بذلك"، موضحا أن "على إنجلترا عدم مقاطعة كأس العالم لكنها لن ترسل شخصيات رفيعة"، وقال إن على البريطانيين ألا يخشوا حرب باردة ثانية على الرغم من العمل القوي ضد الكرملين. وقال جونسون إن الدليل على الذنب الروسي ساحق لأن موسكو فقط هي التي حصلت على السم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر