ظهر علم المغرب في شعار الدورة الثامنة عشرة لمناورات “النجم الساطع 2023″، التي بدأت فعاليتاها في الـ31 من شهر غشت الماضي وتستمر إلى غاية الـ14 من شهر شتنبر الحالي بقاعدة “محمد نجيم” العسكرية بجمهورية مصر العربية، بتنسيق بين الجيشين المصري والأميركي وبمشاركة أزيد من 30 دولة في العالم؛ أهمها الهند وألمانيا وبريطانيا والإمارات والسعودية والأردن وغيرها من الدول، حسب ما أفاد به بيان للسفارة الأمريكية في القاهرة.
المصدر ذاته أورد أن هذه المناورات، التي أجريت لأول مرة في العام 1980، ستعرف في دورتها الحالية “مشاركة ما يقرب من 1500 من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية مع التركيز على الأمن والتعاون الإقليميين وتعزيز قابلية التشغيل البيني في سيناريوهات الحرب التقليدية وغير النظامية”.
ونقل البيان عينه عن الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، قوله إن “مناورات النجم الساطع كانت، منذ فترة طويلة، مثالا للشراكات العسكرية في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية”، مشيرا إلى أن تدريبات هذا العام “تُظهر قوة التعاون العسكري الأمريكي المصري، وتزيد من عمق قابلية التشغيل البيني لجميع الدول المشاركة”.
في السياق نفسه، أكدت القوات المسلحة المصرية، في بيان لها، أن هذه التدريبات “ستعرف مشاركة أكثر من 8 آلاف مقاتل من 19 دولة، فضلا عن مشاركة 15 دولة أخرى بصفة مراقب”؛ فيما أشار اللواء أسامة نجا، رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة، في كلمة له بمناسبة الإطلاق الرسمي لهذا التمرين، إلى أن الأخير “يعد من أرقى التدريبات التي تشهدها المنطقة كونه يمثل إضافة قوية للقوات المشاركة من خلال التعرف على كل ما هو جديد في مجال التدريب العسكري والتكتيكات العسكرية الحديثة لمختلف العقائد القتالية”.
من جهتهم، سجل خبراء أن مشاركة المملكة المغربية في هذه المناورات، التي تُعد واحدة من أضخم التمارين العسكرية متعددة الأطراف، تعكس الدور المهم الذي تضطلع به الرباط في تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية وتعكس عمق التحالف الذي يربطها بحليفها الأمريكي الذي أضحى المغرب في صلب الاستراتيجية العسكرية لواشنطن في مواجهة التهديدات المتلاحقة التي يعرفها هذا المجال الجغرافي.
بعد إقليمي وتقارب مغربي-مصري
محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية والاستراتيجية، قال إن “مشاركة المغرب في هذه المناورات، على غرار استضافته لمناورات الأسد الإفريقي، تعد تكريسا لاستراتيجية الرباط لتعزيز قدراتها العسكرية، خاصة على مستوى التدريب والقيادة والتنسيق العملياتي ومن تم الاستفادة من كل جديد في هذا الباب”.
وأضاف العروسي أن “المغرب حريص على الوجود في مثل هذه المحافل؛ ذلك أن حضوره له بعد إقليمي، إذ يعزز الاصطفافات الإقليمية على مستوى القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط سواء من الناحية السياسية أو من الناحية العسكرية”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “هذه المنطقة تشهد اختراقا لمفاهيم جديدة؛ أهمها تعددية التقاطبات والتدبير الجماعي للقضايا ذات الاهتمام المشترك”.
“هذه المناورات لها رمزية مهمة، إذ تعطي الانطباع أن الولايات المتحدة الأميركية، حليفة المغرب، لا يزال لها دور قوي جدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وبالتالي غياب أي دور روسي في هذه المنطقة”، سجل المتحدث عينه، الذي أضاف أنها كذلك “تكرس التقارب المغربي المصري في عدد من القضايا وتقاسم للمصالح الاستراتيجية بين البلدين”.
وخلص المصرح إلى أن “مناورات النجم الساطع 2023 تدخل في إطار المجهودات المبذولة لمكافحة التهديدات الأمنية والحد من نشاط التنظيمات الإرهابية التي تتربص بالمنطقة. ومن ثم، فهذه المناورات تشكل إضافة بالنسبة للمغرب على المستوى. كما أنها تقطع الطريق على كل المحاولات للنيل من سيادة المملكة أو الاعتداء على وحدتها الترابية”.
امتداد إفريقي ورقم صعب
من جهته، علق محمد شقير، خبير عسكري، على مشاركة المغرب في هذه المناورات بالقول إن “هذه المشاركة تأتي في سياقين؛ أولهما التحالف المغربي الأمريكي الذي تطور بشكل كبير في الآونة الأخيرة من خلال توقيع اتفاق الشراكة العسكرية والأمنية بين البلدين الذي يمتد إلى سنة 2030، والذي تعزز على إثره التنسيق العسكري بين الرباط وواشنطن ليشمل جميع المستويات بما فيها تزويد المغرب بأسلحة نوعية أو من خلال التمارين المشتركة لتعزيز جاهزية القوات المسلحة للبلدين”.
أما السياق الثاني، أضاف شقير، فيتمثل في “الامتداد الإفريقي للمغرب الذي يجعل منه فاعلا في تحقيق الأمن والاستقرار في القارة، إذ تحظى الرباط بأهمية استراتيجية كبرى في العقيدة العسكرية لواشنطن، خاصة في ظل التطورات التي تعرفها إفريقيا على المستوى الأمني”، مبرزا أن “مشاركة الرباط إلى جانب الدول الحليفة للولايات المتحدة في هذه المناورات تكرس دور هذه الدول في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة في وجه تهديدات الجماعات الإرهابية والجماعات الانفصالية”.
ولفت المتحدث عينه إلى أنه “على اعتبار تزعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا التحالف فمن الطبيعي أن تعمل على إشراك الدول التي لها ثقل سياسي وجيو-استراتيجي في المنطقة في هذه المناورات على غرار المملكة المغربية”، مشيرا إلى أن “الجيش المغربي من أكبر جيوش القارة الإفريقية الذين يتوفرون على قدرات عسكرية وتكتيتكية مهمة بفضل التسليح الأمريكي الذي جعل من المغرب قوة إقليمية ورقما صعبا في معادلة الأمن والاستقرار”.
وختم شقير تصريحه بالتأكيد على أن “الموقع الاستراتيجي للمغرب باعتباره بوابة نحو إفريقيا وأوروبا بالنسبة للحليف الأمريكي، وبالنظر إلى التحديات الأمنية الكبرى التي تعرفها القارة السمراء ممثلة في التدخلات الأجنبية وتنامي الانقلابات العسكرية، كلها عوامل مفسرة لحرص واشنطن على إشراك شريكها المغربي في هذا النوع من التدريبات العسكرية متعددة الأطراف لتثبيت دوره المهم والاستراتيجي في هذه المنطقة”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر