الفجوة الاقتصادية تُبعد دول البلقان من حلم انضمامها للاتحاد الأوروبي
آخر تحديث GMT 18:19:44
المغرب اليوم -

وسط أسباب كثيرة للشعور بالإحباط واليأس

"الفجوة الاقتصادية" تُبعد دول "البلقان" من حلم انضمامها للاتحاد الأوروبي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

اجتماع لمجلس الاتحاد الأوروبي
لندن - سليم كرم

لا تزال بعض المباني تحمل آثار الرصاص والأسلحة، ولكن بعد مرور 23 عامًا على صمت المدافع والرشاشات على التلال المحيطة سراييفو، لا يمكن التعرف إلى حد كبير على عاصمة البوسنة، حيث منطقة تسمى "زقاق قناص".

وشهد الطريق الرئيسي دموية الحرب في المدينة في يوم من الأيام، ويوجد هناك ناطحة السحاب المكونة من 21 طابقًا، التي كانت خالية لسنوات، وهي تطل على وسط المدينة، وتعد واجهة جديدة ومقعد للقوة المتوازنة التي وضعتها اتفاقية سلام دايتون عام 1995.

وانتشرت في الجوار مراكز التسوق المملوكة للمملكة العربية السعودية لخدمة المتسوقين من الطبقة المتوسطة، والسائحون يجوبون البازار التاريخي لشراء الهدايا التذكارية، كما أنَّ ظهرت مطاعم الوجبات السريعة وحفلات الشرب، كل ذلك على مرمى حجر من المكان الذي يوجد فيه فرانز فرديناند، الذي تم إطلاق النار عليه في عام 1914.

ولكن أقضي بضع دقائق في التحدث إلى السكان المحليين، وسرعان ما يتضح أنَّ كل شيء ليس على ما يرام، حيث يخشى أبطال المشروع الأوروبي أن تكون الآثار المترتبة على التراجع الأوروبي قابلة للانفجار، مراكز التسوق الجديدة اللامعة، ولكن العديد من السكان المحليين يتذمرون، مؤكَّدين أنَّها لا تخدم الطبقة الوسطى البوسنية، ولكن من السياح السعوديين والإماراتيين الأغنياء الذين يشترون بيوت العطلات في الضواحي.

ويغادر الكثير من الناس البلاد، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أنَّه بحلول عام 2015، كان 43.3% من السكان المولودين في البوسنة يعيشون في الخارج، لدرجة أنَّ السكان المحليين يمزحون بأنه بحلول الوقت الذي ينضمون فيه إلى الاتحاد الأوروبي، فإن المكان سيكون حديقة وطنية صغيرة.

أسباب الإحباط واليأس 
ويوجد أسباب كثيرة للشعور الملموس القريب بالإحباط واليأس الذي يستهلك الكثير من البوسنيين، ومن بينها معدل بطالة الشباب الذي يصل إلى نسبة 55.4%، وهو ثالث أعلى معدل في العالم، كما ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 3 % كل سنة، وفقا للبنك الدولي.

ونجحت الأحكام المرهقة لاتفاقية دايتون للسلام عام 1995، والتي يتم بموجبها تقاسم السلطة السياسية بين الصرب والكروات والمسلمين، في وقف القتال، ولكنها أدت إلى الشلل السياسي وما يسميه أحد الدبلوماسيين الغربيين الاستيلاء الكامل على الدولة من قبل النخب السياسية الفاسدة.

ويلقي آخرون باللائمة على فشل القيادة الأوروبية التي يقولون إنَّها أدت إلى تراجع الديمقراطية وحكم القانون، كما يوجد  فراغ تحاول روسيا، وتركيا، والصين ملئه، والأخطر من ذلك كله هو تآكل الميثاق الأساسي الذي يكفل مشروع بناء السلام في جميع أنحاء غرب البلقان بأسره.

وبعد أن أنهى تدخل حلف الناتو في كوسوفو سلسلة الصراعات الدموية المعروفة باسم الحروب اليوغسلافية في مطلع الألفية، تم بناء استراتيجية لبناء السلام حول جزر التكامل الأوروبي.

إغراء البوسنة بالرخاء والاستقرار
وكان الغرض من إغراء البوسنة بالرخاء والاستقرار داخل الكتلة هو مزج الأراضي الممزقة بين البحر الأدرياتيكي والدانوب بسلاسة في الفضاء الأوروبي المشترك، ولفترة من الوقت نجحت هذه الاستراتيجية، ولكن بعد عشرين عامًا، ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة والجبل الأسود وصربيا، ما يطلق عليه الاتحاد الأوروبي "غرب البلقان الستة" أصبح محاطًا بالاتحاد الأوروبي جغرافيًا ومتشابكًا فيه اقتصاديًا ويطارد حلم العضوية سياسيًا.

وتظل منطقة غرب البلقان بصورة رسمية أولوية أوروبية رئيسية ترمز إليها في المقام الأول أكبر بعثة دبلوماسية أجنبية في الاتحاد الأوروبي، والتي تتخذ مبنى حديث لامع في وسط سراييفو مقرًا لها يعمل فيه حوالي 150 موظفًا.

ولكن دولتين فقط من دول البلقان، وهي سلوفينيا وكرواتيا، انضمتا إلى الكتلة منذ إعلان الوعد بالعضوية بوضوح في مؤتمر عُقد في سالونيك في عام 2003.

وفي هذا السياق، قال ميلوراد دوديك رئيس جمهورية صربسكا، الدولة الصربية البوسنية الصغيرة التي خرجت من اتفاق دايتون للسلام "نحن ممتنون للغاية للمساعدة المالية، وكانت مشاكلنا ستكون أكبر لولا هذه المساعدات، ولكن رغم ذلك خسرتنا جميعًا، بما في ذلك أوروبا الحماس لمشروع الانضمام إلى الاتخاد الأوروبي".

فقدان الإيمان
ويقدم دوديك قائمة من الأسباب التي أدت إلى فقدان الإيمان، منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومشاكل منطقة اليورو، وصعود الحكومات الشعبية الأوروبية في المجر، وبولندا، وإيطاليا، والانقسامات حول الهجرة، وروسيا، والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأضاف دوديك أنَّ أوروبا قبل 10 سنوات كانت بلا حدود، مزدهرة، وسلمية، وهذا لم يعد موجود بعد الآن.

وقال دوديك في مقابلة في مكتبه في بانيا لوكا عاصمة الجمهورية على بعد أربع ساعات من سراييفو "كنا ساذجين في الاعتقاد بأننا سننضم إلى أوروبا وكل مشاكلنا ستختفي".

ويعد دوديك شخصية مثيرة للجدل، ورغم أنَّه لا زال يصر على رغبته في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فهو أيضًا معجب جدًا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترامب، ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، ويقول" إنَّه يرى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نموذجًا لانسحاب جمهورية صربسكا من البوسنة والهرسك".

وفي قمة عقدت في صوفيا في شهر أيار/ مايو أبلغ قادة دول البلقان، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صراحة أن الباب إلى أوروبا مغلق على الأقل في الوقت الحالي، وأن الاتحاد يتجاهلهم.

ويرفض لارس جونار فيجكمارك، الدبلوماسي السويدي المخضرم، وهو سفير الاتحاد الأوروبي الحالي في البوسنة، الاتهامات بالإهمال الاتحاد لدول البلقان.
ويعتبر التفاوت الاقتصادي بين أوروبا الغربية والدول الشيوعية السابقة التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004 لا يزال مستمرًا بعناد، وأحدث صداع على مستوى القارة بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وهناك أيضًا أسباب حقيقية للقلق بشأن الفساد وسيادة القانون في بعض دول البلقان الستة، كما أن نهوض القوميين الشعبيين، مثل أوربان في المجر، قد أساء إلى بروكسل، ولكن ربما بعد فوات الأوان.
وقالت ميلينا لازاريفيتش من مركز السياسة الأوروبي وهو مركز أبحاث في بلغراد "ما يحدث في بولندا والمجر دليل على الفشل الحقيقي لفهم ما يتطلبه الأمر لتنمية الديمقراطية."

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفجوة الاقتصادية تُبعد دول البلقان من حلم انضمامها للاتحاد الأوروبي الفجوة الاقتصادية تُبعد دول البلقان من حلم انضمامها للاتحاد الأوروبي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا

GMT 09:51 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بيع حجر "أحجية القمر" في مزاد علني بنصف مليون دولار

GMT 07:14 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الاعتداء على امرأة محجبة في محطة لمترو الأنفاق في فرنسا

GMT 19:46 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

شريف عامر يستضيف عمرو موسى في برنامج "يحدث في مصر" الثلاثاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib