الرباط -المغرب اليوم
قال سالم بن محمد المالك المدير العام ل منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن التحديات المستقبلية التي يفرضها التطور المتسارع للتكنولوجيا وكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، تملي جملة من المسؤوليات، وتقتضي تدبيرا يمكّن من الاستفادة من مزايا التكنولوجيا الحديثة وتفادي سلبياتها، بما يضمن، في المحصّلة، حماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي.وأكد المالك، في افتتاح ندوة دولية حول “حقوق الإنسان والتحدي الرقمي”، لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، أن أولى المسؤوليات التي تمليها التحديات التي يفرضها التطور المتسارع للتكنولوجيا، هي ضمان استخدام آمن لمجتمعات العالم الإسلامي للفضاء الإلكتروني، تحترم فيه حرية التعبير والمعتقد والحريات الأكاديمية والثقافية والتربوية، وتصان فيه كرامة الذات البشرية.
ويأتي تنظيم الإيسيسكو لندوة “حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”، التي شارك فيها عدد من المسؤولين والخبراء المغاربة والأجانب، كمساهمة في توسيع إطار الشراكة حول موضوع حماية حقوق الإنسان في الفضاء الافتراضي، والمساهمة في تطوير آليات الدول الأعضاء في مجال حماية حقوق الإنسان في هذا الفضاء، وفتح قنوات للحوار وتبادل الخبرات بين المشاركين.وأبرز المالك أن منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ترنو إلى احتواء الأخطار التي قد تؤدي إلى المساس بحقوق الأفراد في الفضاء الرقمي، من خلال حث الدول الأعضاء على تطوير تشريعاتها والتصديق على الاتفاقيات الدولية المتصلة بحماية البيانات والمعطيات ذات الطابع الشخصي، والمعاهدات الدولية المتصلة بمناهضة جميع أشكال التمييز والعنف ضد المرأة والطفولة والمهاجرين، وكذا المعاهدات المتصلة بمكافحة التطرف العنيف ومنع غسل الأموال وكل ما يتصل بالجريمة الإلكترونية.ويشهد استخدام الوسائط الرقمية تطورا هائلا يتنامى بشكل مضطرد خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد المستخدمين لهذه الوسائط خلال سنة 2020 ما يناهز 4.8 مليارات مستخدم، بزيادة نسبتها 5.5 في المئة مقارنة بعام 2019، وبنسبة 166 في المئة مقارنة بالسنوات العشر الماضية.
وتواكب هذا التطور المتنامي لعدد مستخدمي التكنولوجيا الرقمية مخاوف من تزايد بروز مظاهر وسلوكيات تشكل تهديدا حقيقيا للحقوق والحريات، مثل خطاب الكراهية ومظاهر التمييز والتحريض على العنف ومحاولات التضييق والترهيب، فضلا عن تفشي ظاهرة العنف والكراهية ضد النساء والأطفال والمهجّرين واللاجئين.
وتتمثل الانعكاسات السلبية للتكنولوجيا الحديثة في استغلالها من طرف الجماعات المتطرفة كفضاء للقيام بأعمال التجنيد والاستقطاب وغسل الأموال والاتجار غير المشروع بالممتلكات، وهو ما يوجب، كما يرى المدير العام للإيسيسكو، بلوة منظومات إقليمية ودولية مبنية على التعاون والتكامل بين الأجهزة القضائية والتشريعية ومكونات المجتمع المدني، لافتا إلى أن النظم القانونية الوطنية غير قادرة بمفردها على الحد من انعكاسات التكنولوجيا الرقمية.ودعا المالك كذلك إلى الانكباب على التحدي الذي تمثله سلطة الشركات الرقمية الدولية، “التي يتصرف بعضها على هواه دون أي مرجعية، حيث يمكنها منع مَن تشاء من الأفراد أو الشركات أو حتى الدول من خدمات مواقع التواصل الاجتماعي أو من خدمة الأنترنت”، موضحا أن هذا يؤدي إلى انعكاسات سلبية على النظام العام والأمن القومي والسلم الدولي.
وعلى الرغم من الانعكاسات السلبية للتكنولوجيا الرقمية، وحجم الأخطار التي تفرضها، فإنّ الملك شدد على أن هذه الجوانب السلبية لا ينبغي أن تخفي المزايا الكثيرة للتكنولوجيا الرقمية في الرقي بالمجتمعات والنهوض بالإنسان، لافتا إلى أنها أداة ناجعة تساعد في رصْد واستباق الانتهاكات التي قد تطال حقوق الإنسان، وأن الهدف المنشود هو تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي وحماية الحقوق والحريات.ونوه المدير العام للإيسيكو بالطفرة التي حققتها الدول الأعضاء في المنظمة، والتشريعات الخاصة التي سنتها في اتجاه تأطير الفضاء الإلكتروني وزجر الجرائم الإلكترونية بمختلف روافدها، مشيرا إلى أن المنظمة أنشأت كرسي “حقوق الإنسان والتحول الرقمي”، تعزيزا لخطى استيعاب التحولات التي تفرضها التكنولوجيا الرقمية. كما أثنى على المسار الحقوقي الذي ينتهجه المغرب، وإقراره ترسانة تشريعية متكاملة تضمن الحقوق والحريات.
قد يهمك ايضا:
مُنظّمة "الإيسيسكو" تُناقش التحديات الثقافية خلال الأزمات ومستقبل القطاع
“إيسيسكو” تُقدّم إلى المغرب 58 ألف دولار لدعم التعليم عن بُعد
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر