شهد المغرب طيلة الأسبوع الماضي، منذ يوم 2 وحتى 7 أبريل الجاري أي السبت، عرسًا للعدالة، حضرته 80 دولة ووزراء للعدل ومختصين ورجال القانون، بدأ في مدينة سبعة رجال في مراكش على مدى ثلاثة أيام وترأسه رجال القضاء، لينتهي بتنظيم المؤتمر الدولي الذي نظمته نقابة المحامين بشراكة مع الاتحاد الدولي للمحامين بشأن موضوع "تطور مهنة المحامي" في المدينة العلمية فاس .
أسبوع اُعتبرت فيه منظومة العدالة شريكًا أساسيًا في صناعة القرار القضائي، حيث لا يمكن لأي إصلاح أن ينصب فقط على المنظومة القضائية وإنما على منظومة العدالة ككل، وتُوج المؤتمر الأول للعدالة والمنظم بشكل مشترك بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في المملكة المغربية، بحضور نحو 1500 شخصية منهم وزراء ورؤساء مجالس عليا للقضاء ورؤساء نيابات عامة إضافة إلى منظمات وهيئات حقوقية ومهنية وكذا خبراء وأكاديميين من مختلف دول العالم، بضمان تفعيل استقلال السلطة القضائية في الممارسة والتطبيق بما يحقق تعزيز الثقة في القضاء باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون، والرافعة الأساسية للتنمية.
وكذلك بالمطالبة بمواكبة إصلاح أنظمة العدالة للتطورات العميقة التي يعرفها العالم المعاصر، وتحديث التشريعات لتواكب مستجدات العصر، وملاءمتها للالتزامات الدولية، خاصة منها ذات الصلة بحقوق الإنسان، حتى تتمكن العدالة من القيام بدورها الكامل في حماية الحقوق والحريات في المجتمع الحديث، والاستجابة لانتظاراته وتطلعاته في تحقيق عدالة مستقلة منصفة وفعالة قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة وإرساء قواعد الأمن القضائي.
أما المؤتمر الثاني الذي نظمته نقابة المحامين في فاس بشراكة مع الاتحاد الدولي للمحامين بشأن موضوع "تطور مهنة المحامي" يوم السبت 7 أبريل في العاصمة العلمية فاس، فقد شارك فيه صقور القضاء والمحامين والخبراء بحضور السيد وزير العدل.
وكانت مشاركة مصفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قوية في هذا المؤتمر، حيث نوه في كلمته الافتتاحية بهذه المبادرة الدولية الهامة التي تعد امتدادًا لمؤتمر مراكش الدولي حول العدالة، معبرًا عن أن المغرب استقطب طيلة هذا الأسبوع أنظار العدالة عبر العالم مابين مراكش وفاس تستمر الأسئلة والنقاشات من أجل إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل التي تعتري منظومة العدالة ولتكريس الثقة لدى المتقاضين، منوهًا في هذا السياق بمضامين بيان مراكش التاريخي، ودعا الجميع إلى التجاوب الجاد من أجل تفعيل مقتضيات الرسالة الملكية التي وجهها جلالته للمؤتمرين، مؤكدًا عزم السلطة القضائية على المبادرة المسؤولة من أجل تنزيل مضامينها التي تعد خارطة طريق للجميع.
ونوه الرئيس المنتدب في معرض كلمته، بالجهود الكبرى لمهنة المحاماة وأدوارها التي تتحاوز النيابة والدفاع عن أطراف في الخصومات إلى الدفاع عن الثوابت الوطنية والقيام بالدبلوماسية الموازية للتعريف بالتجربة المغربية على مختلف الأصعدة، مذكرًا في هذا الإطار بالدينامية التي تعرفها مهنة المحاماة بالمغرب على مستوى القوانين والهيكلة والتنظيم، ومشددًا على ضرورة تحصين الذات بالتكوين والتخليق والانفتاح حتى تستطيع مواجهة التحديات التي فرضتها العولمة والتطور التكنولوجي والإجرام العابر للقارات، داعيًا جميع مهني العدالة إلى العمل المشترك بضمير ومسؤولية بعيدًا عن أي مقاربة تجزيئية أو فئوية خدمة للصالح العام، وفِي أجواء أسرية سليمة، مؤكدًا للجميع أن السلطة القضائية المغربية كانت ولا تزال تكرس كل آليات التواصل والمقاربات التشاركية وأن يدها ممدودة لأي مبادرات جادة مسؤولة.
وأوضح فارس، ضرورة تعزيز التكوين والتخليق والانفتاح في مجال مهنة المحاماة، لتتمكن من مواجهة التحديات التي فرضتها العولمة والتطور التكنولوجي والانتشار المتزايد للإجرام العابر للقارات، داعيًا جميع مهني العدالة الى العمل المشترك بضمير ومسؤولية خدمة للصالح العام.
أهم المحطات التي شهدها هذا الأسبوع
وقع وزير العدل، محمد أوجار، في مراكش، مع عدد من نظرائه في بلدان عربية وآسيوية وأوروبية مجموعة من اتفاقيات التعاون وبرامج عمل تهم المجال القضائي والقانوني، وذلك على هامش أشغال المؤتمر الدولي الأول حول العدالة في المدينة الحمراء مراكش، وفي هذا الصدد، وقع الوزير مذكرة تفاهم مع نظيره الهندي، تهم تعزيز التعاون بين الطرفين في الميادين المتعلقة بالجانب القضائي والقانوني.
وقام أوجار بالتوقيع مع نظيره في مملكة بلجيكا، إعلان نوايا مشتركة لتعزيز علاقات التعاون بين الوزارتين، وبروتوكول تعاون بين الطرفين المعدل للاتفاقية الموقعة بين البلدين، بشأن الاعتراف بالمقررات القضائية وتنفيذها في مادتي الالتزام بالنفقة، وأيضًا برنامج عمل لعامي 2018 و2019 مع وزير العدل والأوقاف والشؤون الاسلامية بدولة الكويت، من أجل تنفيذ بروتوكول تعاون في الميدان القضائي بين البلدين.
وشهد وزير العدل توقيع مع نظيره بدولة السودان برنامج العمل لعام 2018، والذي يأتي في إطار سلسلة برامج العمل التي توقع بين البلدين لمدة أعوام في مختلف المجالات القضائية في مادتها الجنائية والمدنية وعلى مستوى التكوين والتكوين المستمر، وينضاف إلى ذلك مذكرة تفاهم تم توقيعها بين وزارتي العدل في المغرب وصربيا، والتي تروم تعزيز التعاون بين الطرفين وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته.
واستقبل وزراء عدد من الدول الصديقة والشقيقة بكل من كندا و نيجيريا وجمهورية اليمن وأذربيجان ودولة الكويت ودولة ليبيا ورومانيا ورواندا وغينيا الاستوائية وبوركينافاسو وقطر والنيجر وصربيا والكونغو والغابون وتركيا، نفس الاستقبالات مع وزراء كل من البرتغال ومالي وغامبيا والسودان وأفغانستان وجنوب السودان، إضافة إلى عبيد أحمد العبيد، ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان لدى اليمن، وجورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في جمهورية مصر العربية، ورؤساء عدد من المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية والوطنية.
من ناحية أخرى، استقبل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مصطفى في قصر المؤتمرات، عددًا من الوزراء من بلدان عربية وآسيوية وأوروبية وكدلك ممثلين السلطة القضائية، حيث وقع مجموعة من اتفاقيات التعاون وبرامج عمل تهم المجال القضائي والقانوني.
ومن بين الوزراء الذين استقبلهم فارس، وزير العدل لدى المملكة العربية السعودية، حيث أشاد الوزير السعودي بالعلاقات الثنائية والأواصر التاريخية التي تجمع البلدين، مؤكدًا على ضرورة تعزيزها على مستوى المجالس العليا للسلطة القضائية ووزراء العدل، فيما قدم فارس شروحات وإيضاحات بشأن مضامين ومستجدات القضية الوطنية من خلال تقديمه لنسخة من المؤلف الهام "وحدة المملكة من خلال القضاء" الذي أصدرته محكمة النقض وتمت ترجمته إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
وكان اللقاء الثاني ولم يكن الأخير، مع رافاييل كاطالا، وزير العدل في المملكة الإسبانية، وقد شكل هذا الحدث الهام فرصة مواتية أبرز من خلالها الرئيس المنتدب للسلطة القضائية أسس وأبعاد الإصلاحات الدستورية والتنظيمية والقانونية الكبرى التي عرفها المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، مركزًا في كلمته على المقاربة التشاركية التي طبعت أجواء الاستفتاء على دستور يوليو 2011 ومضامينه الحقوقية المتقدمة خاصة منها تلك المتعلقة بالسلطة القضائية التي عرفت تصورًا وهيكلة جديدة واختصاصات مرنة متطورة تعكس الإرادة القوية في الإصلاح وتكريس دولة الحق والمؤسسات، مبرزًا أهم النتائج التي حققتها السلطة القضائية خلال هذه العام الأول من التأسيس سواء على مستوى هيكلتها التنظيمية أو على مستوى قراراتها وتدابيرها وعلاقاتها مع باقي السلط والمؤسسات.
ومن جانبه، أشاد وزير العدل بفي المملكة الإسبانية بالعلاقات الثنائية والأواصر التاريخية التي تجمع البلدين، مؤكدًا على ضرورة تعزيزها على مستوى المجالس العليا للسلطة القضائية ووزراء العدل.
النباوي يتباحث مع وزراء العدل ورؤساء النيابة العامة
بينما أجرى الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، محمد عبدالنباوي، على هامش أشغال المؤتمر الدولي الأول حول العدالة مباحثات مع وزراء العدل ورؤساء النيابة العامة بدول عربية وأفريقية وأوروبية تناولت سبل تعزيز التعاون في المجال القضائي، وتمحورت حول تعزيز سبل التعاون بين المغرب وهذه الدول في مجال استقلالية القضاء من خلال تبادل التجارب والخبرات وتبادل زيارات الوفود القضائية.
وتناولت هذه المباحثات عدة قضايا تتعلق خصوصًا بمكافحة الإرهاب الذي أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لكل دول العالم، وكذلك محاربة كافة أنواع الجرائم مثل تجارة المواد المخدرة، وتبييض الأموال التي تتطلب تعزيز الجهود على المستوى القضائي بين كافة الدول للتصدي لها، وتم التأكيد خلالها على ضرورة تبادل الخبرات، والتواصل بين المؤسسات القضائية وكذا التعرف على القوانين والتجارب في مجال استقلال السلطة القضائية بين المغرب وهذه الدول.
وفي هذا الصدد، أشاد المسؤولون القضائيون الأجانب بالإصلاحات التي قام بها المغرب في ميدان القضاء تحت قيادة الملك محمد السادس وبالخصوص التجربة الرائدة التي يخوضها المغرب في ميدان استقلالية القضاء وبناء أسس الديمقراطية وضمان الحقوق والحريات، وأضحى يمثل نموذجًا إيجابيًا للسلم والاستقرار.
من جانبه، أكد رئيس النيابة العامة، أن استقلال النيابة العامة يهدف إلى تحقيق العدل والتطبيق السليم للقانون، مشيرًا إلى أن استقلالية القضاء هو مطلب شعبي وحقوقي وسياسي، إذ يعرف هذا المؤتمر، المنظم من قبل رئاسة النيابة العامة تحت رعاية الملك محمد السادس بشأن موضوع "استقلال السلطة القضائية بين ضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة"، مشاركة مجموعة من وزراء العدل ورؤساء مجالس عليا للقضاء ورؤساء نيابات عامة، إضافة إلى منظمات وهيئات حقوقية ومهنية وخبراء وأكاديميين من عدد من الدول.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر