واشنطن - رولا عيسى
في الوقت الذي يسعى فيه الجمهوريون إلى البقاء كأغلبية في الكونغرس الأميركي على المدى الطويل، يبدو أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب لا يريد لهم البقاء في راحة، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ففي حواره مع برنامج "60 دقيقة" والذي أذيع على قناة "سي بي أس" الأميركية الأحد الماضي، قال ترامب: "سوف نقوم بتحديد مدة العضوية في الكونغرس، والتي ربما لا تسعد البعض، إلا أننا سوف نفعل ذلك. سوف نقوم بتعديلات كثيرة من أجل تطهير النظام."
نوايا الرئيس الأميركي المنتخب تجاه حلفائه الجدد في "كابيتول هيل" تضعه في مسار تصادمي معهم، حيث أن توجهه لوضع مزيد من القيود سواء على أعضاء الكونغرس الأميركي، أو على كبار مساعديه، ربما يثير استياءً كبيرًا من جانبهم، حيث أنه لا يرغب بأن يتحولوا إلى جماعات ضغط عليه في المستقبل من خلال اكتساب مزيد من النفوذ في المستقبل، في الوقت الذي يتحدث فيه غالبية أعضاء الكونغرس عن عودة السلطة الى الشعب، يفضل أغلبهم عدم التصويت على تحديد مدة الولاية بالنسبة لهم، في ظل ضبابية المستقبل بالنسبة لهم إذا ما انتهت المدة المحددة لولايتهم، حيث يبقى أمرا غير معروف ما إذا كان يمكنهم الحصول على فرص عمل مناسبة لهم في المستقبل أم لا.
ويقول ميتش ماكونيل، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية "كنتاكي"، إن رؤية مجلس الشيوخ لمسألة تحديد ولاية الأعضاء تبدو محدودة للغاية. وأضاف أن "الولاية محددة بالفعل، حيث تنتهي ولاية العضو فعليًا بعد انتهاء مدته وبداية الانتخابات الجديدة. هذه المسألة غالبا لن تكون على جدول أعمال مجلس الشيوخ."
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن دعوة ترامب لتحديد ولاية الأعضاء تبدو إحدى الأولويات القصوى بالنسبة اليه، حيث أنه يعيد إحياء دعوات قديمة تبناها الجمهوريون عندما سيطروا على أغلبية مقاعد مجلس النواب في عام 1994، إلا أنهم فشلوا تماما في تطبيقها، حيث يرى الرئيس الأميركي الجديد أنها ربما تكون الوسيلة للقضاء على الفساد المترتب على استغلال النفوذ نتيجة البقاء على المقعد لفترات طويلة.
ورصدت الصحيفة الأميركية تشابهًا مستغربًا بين توجهات ترامب لتحديد ولاية الأعضاء، ورؤى الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث بدا مؤيدًا في تصريحاته الأخيرة لهذا المفهوم المستحدث، وقال في مؤتمر صحفي الاثنين الماضي "إننا في حاجة إلى ظهور أصوات جديدة وأفكار مستحدثة."
أنصار رؤية الرئيس الأميركي الجديد يرون أن الهدف منها هو ضخ دماء جديدة في دائرة صناعة القرار التنفيذي أو التشريعي في الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يمثل التزامًا من جانبه للتعهدات التي قطعها على نفسه، حيث أنه من المتوقع أن يطلق حملة لتبني تعديلا دستوريًا يقيد خلاله أعضاء مجلس النواب بالترشح لثلاث فترات فقط وفترتين فقط لمجلس الشيوخ.
يقول نيك تومبوليدوس، المدير التنفيذي لمجموعة تحديد الولاية، إن الرئيس سوف يضغط من جانبه، لكن يبقى الجزء الأكبر على الرأي العام، موضحا أنه "عندما يدرك الكونغرس أن القضية مطروحة بقوة على الطاولة فإنه يصبح من الصعب جدا عليهم تجاهلها، وبالتالي سوف يكونوا مجبرين على التصويت لصالحها."
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن فكرة تحديد الولاية كانت تحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين الأميركيين إلا أنها اكتسبت زخما كبيرا في التسعينات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي دفع العديد من الولايات إلى تبنيها في منظومتها التشريعية الداخلية، حيث تمت مناقشة المقترح بالفعل داخل الكونغرس في مارس/آذار 1995، وحاز على موافقة أغلبية الأعضاء، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على أغلبية الثلثين والتي تعد ضرورية لتمريره.
معارضو الفكرة يرون أنها تساهم بصورة كبيرة في إخلاء المؤسسة التشريعية الأميركية من الخبرات التي تحتاجها والكفاءات الضرورية اللازمة لممارسة العمل التشريعي، خاصة وأن الكرة دائما ما تكون في ملعب الناخبين، ويمكنهم إسقاط المرشح الذي لا يرغبون في بقائه خلال الانتخابات التي تجري بعد نهاية مدته الانتخابية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر